الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول
37/08/01
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كنا في كلام الفاضل التوني والتقريب الذي ذكره من ان لا ضرر رافعة للضرر غير المتدارك فتكون قاعدة ضمانية واشكل عليه بعدة اشكالات بعدت اشكالات وصل بنا الكلام الى الاشكال الثاني.
وجوابه:- توجد قرائن دافعة لهذا الاشكال باعتبار ان لا ضرر ليست بلحاظ مطلق الضرر بل المراد به الضرر الناشئ من التشريع او الضرر الناشئ من تسبيب المكلفين لبعضهم البعض او ما شابه ذلك.
والوجه:- ان السياق ليس في صدد ان التشريع يجبر التكوين فهو ليس بهذا الصدد بل ظاهره لا ضرر من ناحية التشريع او من ناحية المكلفين مع بعضهم البعض ، اذن هي لا تشمل رفع الضرر التكويني الحاصل من القضاء والقدر ، فهذا قرينة دافعة لهذا الاشكال على الفاضل التوني (رحمه الله).
ثم نقول لو سلمنا ان لا ضرر تثبت الضمان الاجتماعي ولكن أي شناعة في ذلك ، فهنا ابواب فقهية تتكفل الضمان الاجتماعي مثل الزكاة ، فلا مانع في ان تتكفل لا ضرر الضمان الاجتماعي.
الاشكال الثالث:- وهو ان لا ضرر مثلا تثبت خيار العيب وتثبت خيار الغبن او تثبت الارش ، فان هذه اللوازم مختلفة والمثبتات مختلفة فكيف يكون دليل واحد له مداليل التزامية مختلفة ، وكذا من يقول ان لا ضرر ترفع الضرر غير المتدارك وهو الفاضل التوني او المشهور لا يلتزمون دوما بان لا ضرر مثبتة بل في بعض الاحيان تكون لا ضرر فقط رافعة في جملة من الموارد مثلا في بعض الاحيان لا ضرر فقط مفادها الحرمة التكليفية ، اذن لا ضرر كيف يكون مفادها هل هو متلون ومتنوع.
وبعبارة مختصرة المعروف في الدلالة الالتزامية والمدلول الإلتزامي هو انه شيء واحد ملازم للطبيعة المذكور في المفاد المطابقي ويثبته الدليل ، اما انه مفاد التزامي لبعض الافراد فهذا لا يتكفله الدليل في الحجية ، فهذه ضابطة عامة مذكورة في باب مفاد الادلة الظاهرية ، نعم الدليل الاجتهادي يختلف عن الاصل العملي فان الدلالة الالتزامية فيه حجة ولكن دلالة التزامية ومدلول التزامي على وتيرة واحدة مع جميع افراد الطبيعة أي مع الطبيعة في كل افرادها اما في بعض الافراد دون بعض فهذا لا يتكفله الدليل.
جوابه:- مر بنا ان طبيعة نظام العمومات في الادلة المتوسطة او التحتانية في التشريع وهي القواعد الدالة أي الكاشفة عن الحكم الشرعي ، أي العمومات التي هي ادلة اجتهادية نعم هذه احكامها وهذه شرائطها ولا يمكن ان يكون لها مفاد التزامي متنوع ومتبدل ، فنمط هذه العمومات لا يمكن ان يكون متنوع وهذا صحيح ، ولكن مر بنا ان هناك عمومات اصول تشريع واسس التشريع تلك العمومات مر بنا ان ضوابطها غير باب العام والخاص المعهود ، ونستطيع ان نقول ان العمومات في المسالة الثبوتية لان اسس التشريع من قبيل المسالة الثبوتية تختلف عن العمومات في الادلة الاجتهادية التي هي من قبيل المسائل الاثباتية فضلا عن الاصول العملية ، والفرق هنا مارسه الفقهاء ومشى عليه الفقهاء في ابواب الفقه واحد هذه الفوارق ان العموم الفوقي لما يتنزل ليس كالعموم المتوسط او القاعدة الفقهية أي يتنزل بمفرده تطبيقا وتنزلا وانحداراً بل العموم الذي هو من قبيل اصول التشريع دوما يتنزل مع عمومات متعددة تندمج وتمتزج مع بعضها البعض ، وامتزاج واندماج هذه العمومات مع بعضها البعض عقلا يولد لوازم أي مداليل التزامية مختلفة لان العمومات التي تمتزج تتعدد في الامتزاج ففي هذا المور أي التشريع الكلي ثلاثة وفي هذا المورد اربعة وهكذا ، مثلا يذكر الشيخ الانصاري (رحمه الله) في البيع مثلا شراء الحر لأبوية الرقين فانهما ينعتقان عليه فانه وان كان يوجد دليل ولكن دليل اخر هو ان الانسان لا يملك عموديه ودليل ثالث لا عتق الا في ملك ودليل رابع بان البيع لابد ان تكون نتيجته الملك فهذه الادلة الاربعة كيف يوفق بينها؟ لاحظوا ان صاحب الجواهر عنده تخريج والشيخ الانصاري عنده تخريج والشيخ كاشف الغطاء عنده تخريج فكلهم اجمعوا انه هنا لابد ان يفرض مثلا صاحب عالج هذه الادلة فيما بينها بالالتزام بالملك التقديري جمعا بين تضارب الادلة وبعضهم التزم بالملك الآني أي الملك آن ما فقط ، اذن هذا الملك التقديري والملك الآن زماني يقولون انه مدلول التزامي لأربعة ادلة ، وهذا المدلول الإلتزامي يثبت لا عتق الا في ملك وهذا أي لا عتق في ملك في موارده العديدة ليس له هذا المدلول الإلتزامي او لا بيع الا في ملك ليس مدلول التزامي في كل الموارد ولا يملك الانسان ابويه ايضا ليس مدلول التزامي في كل الموارد وهكذا ، فهذا مدلول التزامي واحد كيف يكون مدلول التزامي لأربعة من الادلة وجوابه واضح انه هذا ليس من قبيل العمومات في الاجتهادية بل هذا مدلول التزامي من تنزل واندماج عدة من الادلة مع بعضها البعض ، هذا ما يعبر عنه بباب الملازمات وهذا وجه رابع لكون لا ضرر مثبتة ، الملازمات منهج برع فيه الشهيد الاول ، ولكل فقيه منهج وربما ذكرنا انه لدى الفقهاء ثمان مناهج فقهية مثلا المحقق الحلي والمحقق الكركي لديهم منهج تحليلي والشهيد الثاني لديه منهج يسمى منهج التشقيق وهكذا ، والمنهج الذي برع فيه الشهيد الاول (رحمه الله) والشيخ كاشف الغطاء وشهد به لابنه الشيخ موسى كاشف الغطاء وهو منهج الملازمات وهو البحث في كيفية المناسبة والعلاقة بين اصول تشريعية متعددة ، وما ابتكره المرحوم النراقي من انقلاب النسبة والمعهود انهم يبحثون خمس صور وجمل من معالجات هذه الخمس صور هي بقوانين الادلة الاجتهادية لكن بعض المعالجات لانقلاب النسبة في الحقيقة ليس بتوسط قوانين الادلة الاجتهادية وانما هي معالجات بتوسط الملازمات الذي هو نظام اصول التشريع ونظام اصول القانون ونظام المبادئ الاحكامية وليس نظام العام والخاص والادلة الاجتهادية.
اذن هذه المداليل الالتزامية من الواضح انها ليست من المداليل الالتزامية التي في باب الادلة الاجتهادية المعهودة كي يشكل عليها بهذه الاشكالات الدقيقة بل هذه عبارة عن تركب ثبوتي لمعادلات ثبوتية لتنتج وريث ثوتي ، وهذا طبعا لم يفرز في مدونات علم الاصول بمسائل مستقلة وفصول مستقلة.