الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول
37/07/11
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
نواصل ذكر الروايات الدالة على القاعدة.
ومنها:- ما في باب الاطعمة الكافي[1] وهي طائفة من الروايات متعرضة الى ان سبب تحريم جملة من الاطعمة والاشربة هو الضرر مثل معتبرة محمد ابن سنان عن الرضا ومعتبرة الفضل ابن شاذان عن الرضا ايضا ففي جملة من المقاطع يبين الامام الرضا (عليه السلام) ان سبب التحريم هو الضرر طبعا لا يخفى ان هذا الضرر بمثابة الضرر النوعي وهو ما يصطلح عليه عند الاحكام بحكمة الحكم ، وهذا تنصيص على ان قاعدة لا ضرر تشرع احكام ولكن بنحو اصول قانون بنحو الحكمة النوعية والضرر النوعي وهذه الدلالة المختلفة للروايات ذكرناها بشكل عابر ومتناثر وان شاء الله بعد ذلك ندقق اكثر في قوالب وعناوين هذه المفادات بدقة صناعية.
ومنها:- ما في باب الديات وهو ان المدافع للمهاجم ليست عليه دية في الوسائل في ابواب الديات[2] الباب 22 وتوجد عدة روايات عن الكتب الاربعة وعلل بنمط بنفي الضرر عن المدافع وان القاعدة لا تجري في حق المهاجم ، وهذا التطبيق لقاعدة لا ضرر يبين ان القاعدة مثلا في الاصل ترجع الى حرمة وحريم الحقوق الاولية أي حرمة النفس وحرمة العرض وحرمة المال ، فهذه الروايات التي في باب الديات تفصح عن ان نفس عنوان الضرر وقاعدة لا ضرر بالدقة عبارة عن عنوان تبعي لشيء اخر هو حرمة النفس والمال والعرض ورعايتها وهذا هو الاصل.
وهذا التحليل يفيد كما ذكر النراقي (قدس سره) وان كان هو اشار الى الضرر الاخروي والضرر الدنيوي ولكن يفيد انه اذا تعارض الضرر الفردي مع الضرر الديني فهنا باب الترجيح واضح فقاعدة لا ضرر الفردي لا تجري في مقابل الضرر على الدين ، اذن لا ضرر طبقات بلحاظ الاساس الذي تنزل منه ولا سيما انه مر بنا ان لا ضرر تجري بلحاظ العقيدة والولاية والفقه السياسي والفقه المجتمعين ، فما دامت لا ضرر هي منحدرة من اساس اخر فان حرمة الدين اعظم من حرمة النفس وبيضة الدين وبيضة الاسلام وما شابه ذلك واعظم من العرض والمال كما هو بيان سيد الشهداء (عليه السلام) اسس في منظومة المسيرة (الموت اولى من ركوب العار والعار اولى من دخول النار).
اذن بحث الضرر ومراتب الضرر يرجع الى اصول فوقية اما الذي يستدل بالفقه الدلالي الدليلي فيقول نتمسك بإطلاق لا ضرر والاطلاقين متعارضين فيتساقطان ثم لا يوجد في البين مرجح وانتهى كل شيء ، لاحظوا الفرق بين فقه دليلية الدليل وبين فقه اصول القانون فانه يعطيك ثبوتا كيف هي مراتب الحكم فيوجد فرق شاسع وكثير من الاعلام يعالجون موارد التعارض الضرر وسنبين اصلا انه لا يوجد تعارض الضرر فانه تعارض تكويني لا تعارض اصطلاحي فانه لا يوجد تعارض اصطلاحي في البين بل يوجد تزاحم ، فان كنا نسير على منهج الفقه الدلالي نقول تعارض واذا بنينا على منهج الفقه واصول القانون المنحدر من مبادئ نقول هذه كلها ملاكات لا يفرط الشارع بها فيكون تزاحم وليس تعارض.
توجد قاعدة في باب التعارض سنذكرها ان شاء الله وهي ان مشهور الفقهاء غير متأخر هذا العصر عندهم الفقيه كل الفقيه هو الذي لا يوصل الادلة في التنافي الى التعارض أي عندهم ان التزاحم اولى من التعارض أي الن تلتزم بان بين الدليلين او الحكمين تزاحم اولى من ان تلتزم بالتعارض فان التعارض فيه تفريط بالادلة والاحكام مع ان القدماء في التعارض ليس سبيلهم كسبيل متأخر العصر اصلا ليس لديهم تساقط وهو الصحيح ، مع ان مسلك المشهور ونبني عليه ونتابع المشهور بان التعارض ليس فيه تساقط لا لكلا الدليلين ولا لاحد الدليلين بل الجمع اما العرفي او الجمع مهما امكن من الطرح ولكن مع انا نبني على مسلك المشهور فانه مع ذلك يقول المشهور التزاحم افضل علاج من التعارض والتزاحم اقل تصرف في الاحكام والادلة من التعارض ، الان لاحظوا ان اصول القانون كيف يعطينا بصيرة صناعية واضحة على ان تنافي افراد الضرر بين بعضها البعض تزاحمية وليست تعارضية على وفق منهج مبادئ الاحكام واسس الاحكام ، هكذا قراءة للادلة تمنحك ان لا تفرط في الادلة بسرعة وتجعلها تعارض وهذه من ثمرات علم اصول القانون ، بخلاف منهج دليلية الدليل.
اذن الاساس في علم الاصول ليس هو دليلية الدليل بل العلم بقواعد تستخرج منها توليدا تكوينا نتائج ، لاحظوا ان هذا التعريف لأصول الفقه كيف سيلون كل العلوم الدينية وليس فقه الفروع فقط.
بل عند مشهور الفقهاء كما سنذكره في باب التعارض ان عدم التزاحم اولى من التزاحم ثم التزاحم اولى من التعارض لأنه في التزاحم تفريط شيئا ما وفي التعارض تفريط اكثر لذا بعض الفقهاء حتى التصرف في الدلالة فان ما مر بنا في بحث حقيقة التخصيص عند القدماء ادعينا ونسبنا اليهم غير حقيقة التخصيص عند المتأخرين فان من حقيق في هذا الموضوع هو سلطان العلماء فان معنى التخصيص عند القدماء هو تجميد العام في منطقة الخاص وليس الخاص يكشف عن زوال العام من راس في كل مراتب الحكم في منطقة الخاص شبيه النسخ عند القدماء الذي التزم به السيد الخوئي (قدس سره) وهو التجميد وليس حذف بينما المتأخرين عندهم معنى النسخ او التخصيص عندهم حذف من راس ، هذا الفرق بين حقيقة التخصيص او النسخ بين القدماء ومتأخر العصر سببه منهج دليلية الدليل او منهج اصول القانون لأنه على اصول القانون لا يرفع اليد عن أي جعل او أي قانون ابدا فان المحافظة على مرتبة من مراتب الحكم عندهم لها ثمن.