الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول
37/07/10
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
قاعدة لا ضرر ولا ضرار بهذا التركيب وردت في قضيتين الاولى قضية سمرة ابن جندب وفي قضية قضاء رسول الله في الشفعة.
وبقية الروايات التي تدل على هذه القاعدة.
ومنها:- (كلما غلب الله عليه فالله اولى بالعذر) فغلب ليست بلفظ اضطر ولكنها بنفس المعنى وهذا ورد في عدة طرق ابواب الصلاة وسنذكر بعد ذلك المصدر ن فهذا ايضا لسان عام من قاعدة الاضطرار.
ومنها:- (كل شيء اضطر له ابن ادم فقد احله الله) فهذا ايضا ثابت بطرق وسياتي ذكر المصادر.
ومنها:- ( رفع ما اضطروا اليه) وهذا لسان عام.
فهذه ثلاثة السن عامة مع اختلافها ن فان قوله كل شيء اضطر اليه ابن ادم فقد احله الله فهو مثبت للحلية وفع ناف وما غلب الله ايضا مثبت وايضا نافي فهو مزدوج الدلالة.
اما الموارد المتفرقة من لسان الضرر.
منها:- ما ذكره الفقهاء في باب صلاة المسافر رواية عمار ابن مروان ((عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله ، أو رسولا لمن يعصي الله ، أو فطلب عدو أو شحناء أو سعاية أو ضرر على قوم من المسلمين))[1] .
فتدل هذه الرواية على حرمة الاضرار ومر بنا ان عنوان نفس القاعدة نفسه يدل على الاصل التشريعي الفوقي ، اذن حرمة الاضرار مسلمة في الادلة.
ومنها:- ما ذكره الفقهاء في حرمة الدخول في نظام السلطان الجائر الا ان يكون اختراق لمشروع الايمان حينئذ يسوغ اما انه يكون اصبع من اصابع مشروع الجور والطغيان فهذا حرام ، اما ان يكون في ضمن نظام مدني او وطني او أي نظام معين فلابد من الدخول فيه يشترط عون المؤمنين ودفع الضرر عن المؤمنين فهذا من الشرائط الاكيدة والا كل وظيفة في أي نظام مدني وطني الدخول فيها حرام وهذا من ثوابت الادلة وفتاوى الفقهاء من الاولين والاخرين وللأسف هذا غائب عن ثقافة المؤمنين بل غائب عن مداولة فضلاء العلم والحال انه من ابده البديهيات وكل ما يستمتع به من وظيفة وغيرها يؤاخذ عليه الا مع عون المؤمنين ودفع الضرر عنهم والا فهو حرام ، فان الولاء ليس لشيء فوق ذلك اولا وبالذات الولاء لصاحب هذا المرقد ولآله وان كان بحث المدارات فهو شيء اخر.
وهي رواية الفضيل ابن عياض قال ((سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْمَكَاسِبِ ، فَنَهَانِي عَنْهَا ، وَقَالَ : « يَا فُضَيْلُ ، وَاللهِ لَضَرَرُ هؤُلَاءِ عَلى هذِهِ الْأُمَّةِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ التُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ ». قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْوَرَعِ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ : « الَّذِي يَتَوَرَّعُ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَجْتَنِبُ هؤُلَاءِ ، وَإِذَا لَمْ يَتَّقِ الشُّبُهَاتِ ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ ، وَإِذَا رَأَى الْمُنْكَرَ ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللهُ ، فَقَدْ بَارَزَ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِالْعَدَاوَةِ ، وَمَنْ أَحَبَّ بَقَاءَ الظَّالِمِينَ ، فَقَدْ أَحَبَّ أَنْ يُعْصَى اللهُ ؛ إِنَّ اللهَ تَعَالى حَمِدَ نَفْسَهُ عَلى هَلَاكِ الظَّالِمِينَ ، فَقَالَ : ( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ )[2] .
هنا الامام (عليه السلام) يبين الضرر الديني والسياسي بحسب الطبقات اصل حرمته من الحرمات الكبرى التي جزائها جهنم الكبرى لأنه كلما يتسع المحرم رقعة جزاءه يكون اكثر فواضح في قاعدة الضرر انها قاعدة بلحاظ الفقه السياسي والفقه المجتمعي واعظم من ذلك الفقه العقيدي والديني ولذا ورد ان عالم ربما يقول كلمة يكون على موالينا اشد ضررا من جيش ابن سعد لان هذه الكلمة تزعزع عقيدة الموالين والمؤمنين لان جيش ابن سعد يقتل الابدان ولكن قتل الارواح هذه اخطر ومن قتل نفسا تأويلها انه اضلها ، وطبعا الذي يسفك الدماء غاية الامر هو يرحل المؤمنين من دار الدنيا الى دار الاخرة ولكن ماذا عمن رحل جماعة من المؤمنين من صراط الجنة وارسلهم الى صراط النار فهذا اعظم من الطاغية الذي يقتل ويسفك الدماء ، فان الضرر العقائدي اعظم ضرر على الاطلاق ثم يأتي الضرر السياسي المجتمعي الى ان يأتي الضرر الفردي ، وكذا كما ان العقائد تتدخل في الفقه فقه الفروع ايضا يتدخل في العقائد او قل تطبيق القواعد المشتركة وليس بعدها فردي.
وكذا هنا بعد اخر لتطبيق الضرر غير البعد الفردي والسياسي والاسري والمجتمعي فيقول الملا احمد النراقي (قدس سره) هو ان تطبيق الضرر على الضرر الأخروي اشد من تطبيق قاعدة الضرر على الشؤون الدنيوية بما فيها السياسية والمجتمعية ، وهذا عين كلام الائمة (عليهم السلام) حيث يقولون من قتل نفسا تاويلها الاعظم اظلها ومن احيا نفسا تاويلها الاعظم هداها ، اذن هذه الروايات تطبيقات تنص على ان قاعدة لا ضرر طبقات تطبق في العقيدة وتطبق الاخلاف وتطبق في الفقه المجتمعي وتطبق في الفقه السياسي والقضائي الى ان تصل للاسرة والى ان تصل الى الفقه الفردي ولا ريب ان هذه الطبقات متراتبة اهمية.
ومنها:- صحيحة الكاهلي قال : قيل لابي عبدالله (عليه السلام) : إنا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام[3] ومعه خادم لهم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم ، وربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم ، فما ترى في ذلك ؟ فقال : إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس ، وإن كان فيه ضرر فلا ، وقال (عليه السلام) : (بل الانسان على نفسه بصيرة) فأنتم لا يخفى عليكم وقد قال الله عزّوجلّ : (والله يعلم المفسد من المصلح)[4] .