الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

37/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.

كنا في تبيان ما ذكره الميرزا النائيني (قدس سره) من ان للعبادة درجات وان الامتثال التفصيلي اعلى رتبة في العبودية من الامتثال الاحتمالي.

وذكر مقدمتين الاولى هي ان العبادة والعبادية درجات ومن ثم تدفع جملة من الاستدلالات على قربية وعبادية الاحتياط لانه ليس دعوى الميرزا النائيني (قدس سره) ان الاحتياط ليس فيه عبادة وانما كلامه في درجات العبادية.

واما المقدمة الثانية ان كيفية بيان ان الاحتياط اقل عبادية من الامتثال التفصيلي ، والميرزا (قدس سره) فقط بين باعتبار انطلاق العبد من الامر ادخل في القربية والعبادية من انطلاق العبد من احتمال الامر ، وهذا المطلب بيناه ببيان اخر ودليل اخر بان المقدمة العلمية ودلالة الدليل ودليلية الدليل وبالتالي يتصاعد هذا الى دلالة المعصوم والحجة والفحص والتعلم مقدمة ليس فقط علمية كما يقرر في الطرق والحجج وانما هو مقدمة وجودية ولكن ليس لوجود متن العمل بل مقدمة وجودية في الدجة الاهم لوجود الداعوية العبادية والانقياد ، فبحث الانقياد وعدم التجري هو حيثية فاعلية وبغض النظر عن متن الفعل ، اذن اقبال العبد على تعلم امر المولى درجة من التسليم والانقياد بخلاف اعراضه عن ذلك ولذا مر ان مبنى الشيخ الانصاري (قدس سره) في الامارات هو مبنى متين وهو المصلحة السلوكية وان كان الشيخ قد التزم بها في موارد تخلف الاماراة عن الواقع ولكن الصحيح انه مطلقا.

ولكي لا يتوهم الباحث ان المباحث العقائدية لا صلة لها بالمباحث الاصولية او الفقهية فهناك مبحث فلسفي بحثه الفلاسفة وهو ان جل الملاك والمصلحة في فاعلية الفاعل أي في الافعال الجوانحية وليس في الافعال الجوارح.

قد يقال:- انه بناء على هذه النظرية ان الافعال ليس لها تاثير وتكون لغو نكون كالاشاعرة.

قلت:- ان الافعال لها دور بلا شك كما في بيانات الائمة (عليهم السلام) ((نهى عن افعال فيها مضار للعباد وامر بافعال فيها منافع للعباد)) ، ولكن درجة الملاك القائمة بفاعلية الفاعل اضعاف واضعاف.

وهذه نظرية تفيد في مباحث كثير ونفس الشيء في المقام فان المصلحة السلوكية جهة فاعلية وهي غير جهة ذات الفعل نفسه ن ويضاف الى هذه النظرية ما مر بنا امس ان الافعال المادية في الحقيقة دورها في الاسباب والمسببات اعدادي ليس الا وليس دورها عللا فاعلية ، والمرحوم الكمباني والاصفهاني استفادا من هذا المبنى العقلي الذ هو في الاصل نبوي وهو انما الاعمال بالنيات.

اذن اقبال العبد على التفحص والتعلم من الحجج بمراتبها درجة من الانقياد والتسليم والعبودية يفتقدها صاحب الاحتياط المعرض عن الحجج.

واما ما استدلوا به من ان الاحتياط في العبادة اكثر عبودية وانقياد من الامتثال التفصيلي العلمي الظني التعبدي فانهم قالوا لان انطلاق العبد من الاحتمال ادعى في الخضوع والانقياد من انطلاق العبد من نفس الامر لان هذا العبد اذا كان ينطلق وينبعث من احتمال الامر فكيف بك بالأمر.

هكذا استدلوا اما على التساوي او أقوائية الاحتياط في العبادية.

وهذا الاستدلال صحيح لو كان الاطلاع على الحجج متعسر او ممتنع ونحصر الامر بالاحتياط او ما دون الاحتياط من الامتثال الاحتمالي او الامتثال الظني غير المعتبر ويكون الانطلاق من الاحتياط ذو درجة عبادية اكثر من الاقتصار على الامتثال الاحتمالي ، اما الفرض ليس هذا بل الفرض في مورد يمكنه الاطلاع على الحجج والطرق ومع ذلك هو لا يذهب ليتعلم ويفحص ويطلع على مواطن ارادة المولى كي ينقاد لها تفصيلا ففي هذه الموارد كيف يمكن ان يقال ان الانطلاق من الاحتمال اقوى بل بالعكس فان ذهاب العبد للاطلاع والتعلم والفحص هو كما مر مقدمة وجودية لبدء الانقياد والتسليم. اذن ما فرضوه في غير ما نحن فيه.

وتوجد ادلة اخرى مرت بنا وهي ان الاحتياط المطلق ممتنع عادة أي ان الاحتياط المطلق بدون الامارات هذا كلام لا واقعية له لان لا يستعلم الا بالاجتهاد او بالتقليد.

اذن دعون ان الاحتياط المطلق مشروع في عرض الامارات موضوعا غير صحيحة بل هو في طولها لامتناع القدرة عليه عادة بدون الامارات.

بل قد مر ان هذا الاطلاع على الاحتياط المطلق بدون فقاهة وتمرس غير ممكن.

والفرق بين المجتهد المطلق هو ما كان لديه امكانية الاستنباط في كل الابواب او جل الابواب والفقيه هو ما كان لديه ممارسة الاستنباط في جل الابواب ، اذن بدون الفقاهة الاحتياط المطلق غير ممكن ، وهذا الدليل كما هو ظاهر لا يفرق فيه بين العبادات والمعاملات والاحكام والايقاعات لان الاحتياط ممتنع.

ان قلت:- انه توجد موارد الاحتمالات او الاقوال فيها قليلة يمكن الاحتياط فيها؟

قلت:- هذه الموارد بالدقة يمتنع الاحتياط الكامل التام فيها من دون الاجتهاد والتقليد لأنها تترتب عليها آثار كثيرة.

فتحصل ان مشروعية الاحتياط المطلق مشروط بالاجتهاد والتقليد.

هذا تمام الكلام في بحث الاحتياط.

واما بالنسبة للبراءة او التخيير والاصول الشرعية النافية للتكليف كما لو كان الاستصحاب ناف للتكليف سواء عقلية او شرعية.

شروط اجرائها.

الشرط الاول:- قالوا ان في البراءة العقلية عقلائيا لا يصح للمكلف ان يجري البراءة العقلية الا بعد الفحص لان السيرة العقلائية قائمة على الفحص ثم بعد ذلك يجري البراءة العقلية.

واما في البراءة الشرعية فقالوا اطلاق ادلة البراءة الشرعية يقتضي عدم لزوم الفحص لو كنا نحن واطلاق ادلة البراءة الشرعية او نحن واطلاق ادلة الاستصحاب النافي للتكليف.

اذن الفحص كشرط وقيد للأصول الشرعية يحتاج الى دليل.

وقبل الولوج في الادلة التي استدل بها على وجوب الفحص في الاصول الشرعية النافية للتكليف نتساءل انه هل هذه التفرقة بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية او قل الاصول العقلية والاصول الشرعية التي ادعاها الاعلام هل هي صحيحة او ليست بصحيحة؟

الجواب:- انه سوف نرى انها غير صحيحة. وسياتي توضيح ذلك ان شاء الله تعالى.