الموضوع:- قاعدة لا
تنقض السنة الفريضة.
لا
زال الكلام في بيان بعض العناوين واكملنا الكلام عن عنوان الطريقة ووصل بنا الكلام
الى عنوان المنهاج وهو قد يستعمل بمعنى الطريقة وقد يستعمل بمعنى السيرة العملية
كما قيل في القران الكريم
﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا
مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾[1]،
فالشرعة قابلة للتعدد والمنهاج قابل للتعدد الى ان تصل كل الشرايع والمناهج الى
الصراط وهذا الصراط منفرد وليس متعدد، فربما ينسب الى كل نبي شرعة او منهاج ولكن
الصراط واحد وهو فقط اهل البيت (عليهم السلام).
والفرق
بين الشريعة والمنهاج قد يقال ان الشريعة اعم، اما المنهاج فيطلق على منظومة
المجموع او المحكم فيه.
اما الحكمة فتطلق
على تنزيل الكليات بنحو سديد مسدد، فهذا التنزيل يقال له حكمة، فدائما الحكمة هي
احكام في التنزيل والانزال مع ان الاحكام قد يطلق ويستعمل على المدارج المتصاعدة،
ولكن الحكمة كعنوان واشتقاق تطلق بلحاظ النزول والتنزيل ولكنه باتقان.
وهناك
في القران الكريم اطلاق للحكمة على التشريعات المتنزلة والمنحدرة من التشريعات
الكلية، فليست الحكمة فقط في التطبيق على المورد الجزئي الحقيقي كما قد يتخيل بل
حتى على الجزئي الاضافي كذلك.
فدائما القانون الذي
هو اصل تشريعي التطبيق النازل منه لا ينظر اليه كقانون بل ينظر اليه كحكمة وتطبيق
لان هذا التشريع النازل لا ثبات له بالقياس الى التشريع الفوقي، وهذه نكتة لطيفة
ونفسية في اصول القانون، وهذا المبحث وهو معرفة الثابت والمتغير في التشريع هو من
اصول القانون، فان المتغير اذا طبق بشكل صحيح يقال له حكمة.
ما
هي العلاقة بين البعد التشريعي (المفتي) وبين السلطة التنفيذية (الوالي)؟ وان كان
توجد علاقة بين البعد التشريعي (المفتي) والسلطة القضائية (القاضي) ايضا.
الجواب:- العلاقة
بين المفتي والوالي هي علاقة التطبيق لأنه السلطة التنفيذية تطبيق نسبي فهي تشريع
لما دونها وتطبيق لما فوقها ن فالوالي في ولايته تطبيق نسبي.
واما القضاء فهو
طبقات ومراتب كما مر بنا ان الفتيا درجات والتنفيذ طبقات، لان القضاء حسم نزاع
ليس بين فردين بل هو اوسع فقد يكون حسم نزاع بين الولاة وقد يكون حسم نزاع بين
السلطتين التنفيذيتين وقد يكون حسم نزاع بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية
مع ان التنفيذ تطبيق للتشريع وقد يكون حسم نزاع بين تشريعين، اذن آليات القضاء
تتصاعد بحسب طبقات القضاء، اصلا لاحظوا ان بحث التعارض في باب الحجج نوع تعارض
قضائي، واللطيف ان الاعلام استلوا هذا المبحث وهو علاج التعارض بين الاخبار والحج
من رواية قضائية، فان اصل مصححة او صحيحة عمر ابن حنظلة انها واردت في القضاء فهو
هنا فرض نزاع ليس بين متنازعين بل بين نفس القاضيين، بل وموجود في صحيحة عمر ابن
حنظلة نزاع المفتين فيما بينهم.
اذن القضاء يصعد حتى
انه يصعد الى بين الاسماء الالهية، فان سيد الانبياء هو الميزان بين امير
المؤمنين وفاطمة.
اذن التشريع كلي
نسيبا والتنفيذ والولاء تطبيق بينما القضاء كل الابعاد فيه فهو يمثل عملية التنسيق
بين الحيثيات المختلفة بحسب طبقات القضاء.
اما الحقيقة فهي
نهاية الطريقة او قد يقولون الولاية، ولمقصود من الولاية هنا ليس الولاية في
الفروع او في التشريع وانما الولاية في البعد التكويني أي درجة من درجات الحقيقة
وهو يلي الحقيقة، فان كل شريعة لها طريقة ثم كل طريقة لها حقيقة.
اذن احد معاني السنة
والفريضة هو ان الفريضة تشريع والسنة تطبيق، وحينئذ سوف يتبين لنا انه يصح اطلاق
سنة الله وهي بلحاظ فريضة الله، أي يوجد تشريع فوقي لله ويوجد اجراء لهذا التشريع
الثابت لله عز وجل فيصح ان يقال فريضة الله وسنة الله.
احد
زيارات امير المؤمنين (عليه السلام) ذكر فيها تبعية امير المؤمنين لرسول الله ستة
او سبع عناوين (سنته ورويته ومنهاجه وطريقته ...الخ) وهذه العناوين ايضا وحيانية.
فبناء على هذا
المعنى للفريضة والسنة فمن ثم يمكن لنا ان ندعي ان الفريضة طبقات والسنة طبقات
ويمكن ان يقرر ان (لا تنقض السنة الفريضة) يمكن ان يكون لها تطبيق على درجات
وطبقات، وهذا ما جرى عليه الفقهاء في قاعدة (لا تعاد) في الاركان من ان ركنية
الاركان طبقات فان الركنية نسبية فهي لما دونها ركن ولما فوقها ليس بركن.