بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

37/05/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- قاعدة لا تنقض السنة الفريضة.
ما ذكرناه من الروايات هي ليست كل الروايات في الباب بل هذا ما تتبعناه ويمكن للمتتبع ان يزيد تتبعه اكثر فيجد روايات اكثر.
وعلى أي حال هذه القاعدة نصا وفتوى هذه القاعدة محل اعتماد  عند الاعلام اجمالا.
ما هو معنى الفريضة؟ وما هو معنى السنة؟
وبالتالي على وفق هذا المعنى يتعين كيفية الاحراز أي كيف نحرز ان هذا الشيء فريضة وان ذلك سنة، وهذا البحث في الحقيقة مركزي في هذه القاعدة ويحتاج الى مزيد من الدقة.
الجواب:- نستعرض الان كلمات الاعلام والاقوال في معنى الفريضة ومعنى السنة.
المعنى الاول:- ان المراد من الفريضة ما إنشأ وجعل في الكتاب العزيز ولو كان من فعل النبي ولكن امضي واقر في الكتاب العزيز، اذن كل شيء انشا تأسيسا او امضاء في الكتاب العزيز يعد فريضة، وما لم ينشأ ولم يجعل في الكتاب العزيز ولو كان من انشاء الله كالحديث القدسي او على لسان النبي فهذا لا يعد من الفريضة بل من السنة. وفي باب الوضوء ورد استعمال السنة والفريضة بهذا المعنى ومن ثم ذهب بعض الاعلام الى ان الترتيب ـــ مثل الغسل من الاعلى الى الاسفل ـــ  في الوضوء من السنة وليس من الفريضة لان غاية ما ورد في الكتاب هو تحديد مواضع الغسل دون كيفية الغسل مع ان هناك روايات المعراج تبين كيفية الغسل والمسح في الوضوء من الله سبحانه وتعالى ولكن على طبق هذه الضابطة هو من السنة وليس من الفريضة.
المعنى الثاني:- يذهب الى ان المدار ليس على محل الانشاء كما في القول الاول بل المدار على المنشاء فاذا كان المنشأ هو الله سبحانه وتعالى فهو فريضة سواء كان في الكتاب او في الحديث القدسي او في الحديث النبوي، اما اذا المنشأ هو النبي ولو بين ذلك في الكتاب فهو سنة ووردت جملة من الروايات دالة على هذا.
المعنى الثالث:- ان ما كان الزاميا سواء كان في الكتاب او في السنة فهو فريضة، فهذا القول بلحاظ ماهية الحكم، اما اذا لم يكن لزوم فهو سنة وفي كثير من الروايات استعمل هذا المعنى.
 المعنى الرابع:- ان التشريع الذي قدر وحدد فهو فريضة مثل فرائض الارث واما التشريع الذي لم يحدد ويقدر فهو سنة مثل التشهد فليس فيه شيء محدد.
المعنى الخامس:- وهو ان الفريضة بمعنى الانشاء، والمراد من الانشاء هو المرحلة التشريعية في قبال السنة بمعنى التنجيز، اذن معنى لا تنقض السنة الفريضة ان حدود التنجيز لا يغير الواقع المفترض عما هو عليه بل حدوده هي هي التي في التشريع وهذا التنجيز من باب حدود المؤاخذة.
المعنى السادس:- المراد من الفريضة ما كانت دلالته في الكتاب تصريحا واما ما كانت دلالته خفية كما لو كانت بالالتزام وبطون الكتاب فهو سنة.
المعنى السابع:- وهذا القول يريد ان يقول ان اصطلاح الفريضة والسنة فقط في المركبات الاعتبارية فهذه المركبات الاعتبارية ان استفيدت من القران فتسمى فريضة وان استفيدت من الحديث النبوي فتسمى سنة كما في الصيام (أي الامتناع عن الاكل والشرب) فهو مستفاد من القران فهو فريضة، اما جملة من التروك في الامساك فهي غير مستفادة من الكتاب بل هي مستفادة من السنة النبوية في سنة.
وخلاصة هذه الأقول والمعاني.
اولاً:- بين القول الاول والقول الثاني معركة آراء، اما الاقوال الاخرى ايضا لها حظ من الاستعمال ولكن العمدة التنقيح بين القول الاول والثاني.
ثانيا:- انه وان كان هناك قدر متيقن بين الاقوال.
ثالثا:- ان شيء واحدة قد يكون من جهة فريضة ومن جهة اخرى سنة ومن جهة ثالثة فريضة ومن جهة رابعة سنة، وحينئذ كيف يكون التعامل معه هل على اساس انه سنة او فريضة، وهذه النقطة احد اسباب توقف الاعلام في التمسك بهذه القاعدة مثلا قد تكون اصل مشروعية شيء بالكتاب  فيكون فريضة ولكن الالزام به بالسنة فيكون سنة، ومثل قوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾[1] فريضة لأنه قد امر بها في الكتاب ولكن داخل هذه الفريضة جملة من سنن النبي وهي ليسن فريضة، اذن كون شيء فريضة فهذا لا يعني انه برمته فريضة، وهذا نظير ما يذكره الاعلام من ان الركوع ركن وليس كل ما في الركوع ركن، بل الركن فيه ركن وبالدقة ركن الركن ركن وليس كل الركن ركن، وكذا قد نفترض ان شيئا واحد جعله الله مرجوح ولكن جعله محرم من قبل النبي، وكذا شيء واحد شرع وبين في الكتاب ولكن تبيانه من النبي فبعضهم يقول ان تحريم الخمر لم يبين في الكتاب بل من قبل النبي.




[1] - بقره/سوره2، آیه43.