بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

37/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- قاعدة لا تنقض السنة الفريضة.
لا زال الكلام في صحيحة زرارة، ((عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا، فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله وتمسحه، مما سمى الله، ما دمت في حال الوضوء، فإذا قمت عن الوضوء، وفرغت منه، وقد صرت في حال أخرى في الصلاة، أو في غيرها، فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوئه، لا شيء عليك فيه، فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه، وعلى ظهر قدميك، فإن لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك، وامض في صلاتك، وإن تيقنت أنك لم تتم وضوئك فأعد على ما تركت يقينا، حتى تأتي على الوضوء، الحديث))[1].
مر بنا ان قاعدة التجاوز لا تجري داخل الطهارات الثلاثة، وذكرنا ان متأخر العصر يقولون انه تعبد خاص.
ولكن التعليل في الرواية يقول انه في داخل المركب اذا شك في شيء مما قد سمى الله فلا يسوف اجراء قاعدة التجاوز شبيه بما مر (لا سهو في الفريضة)، وان كان القالب المرسوم لعد جريان قاعدة التجاوز في الاثناء ان الوضوء اعتبر وحدة واحدة، أي ان الغسلتان والمسحتان لم تعتبرا كعنوان مجزئ بخلاف الصلاة فإنها عنوان مجزئ الى الركوع والسجود وغيرها، اذن المدار على عنونة الشارع في التقنين وانه ها جعل للشيء عنوان وحداني واجزائه لم يعنونها فلا تجري فيه قاعدة التجاوز.
وبعبارة اخرى ما سمى الله (أي عنوان واحد) تجزي قاعدة التجاوز اذا تجاوزت عنه الى غيره اما داخل ما سمى الله فلا تجري قاعدة التجاوز لذا داخل السورة لا تنبي على جريان قاعدة التجاوز لان نفس الآيات لم تأخذ مأمور بها بعنوان على حده بل اخذت مجموع القراءة.
اما اذا لم يكن داخل ما سمى الله بل تجاوز ما سمى الله الى ما سمى الله اخر فهنا تجري قاعدة التجاوز.
وكذا في ابواب القراءة توجد جملة من الروايات فيها تعليل مثل عن الحسين بن حمّاد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت له : أسهو عن القراءة في الركعة الاُولى، قال : اقرأ في الثانية، قلت : أسهو في الثانية، قال : اقرأ في الثالثة، قلت : أسهو في صلاتي كلّها، قال : إذا حفظت الركوع والسجود تمّت صلاتك))[2]. فهذه الرواية فيها تعليل بانهما فريضة.
ايضا في عالم الدلالة ليس من الضروري ان تقف على مدلول مطابقي تام للمطلوب الذي تريد ان تستدل عليه، فان الفقيه النبيه يمكنه استفادة المفاد من خلال ذكر كلمة من الجملة والقاعدة اليت يريدها بحي هذه الكلمة رتب بتوسطها الاثر الذي يترتب على القاعدة فيكون من الواضح ان ذكر هذه الكلمة كناية عن ذكر قالب وجملة القاعدة، وهذا امر عرفي فانه في بعض الاحيان المتكلم يأتي بكلمة واحد ويشير بها الى مطلب معهود بينه وبين المخاطب، هكذا يمكننا ان نقف على ورايات عديدة تشير الى نفس القاعدة وترتب اثر القاعدة ولكن من دون ان تذكر الجملة الكاملة للقاعدة.
معنى الفريضة والسنة.
ان الفريضة والسنة لها معاني عديدة، وكذا كيف نستكشف ان هذا سنة وهذا فريضة، وهذا بحث صعب فهو تحديد للموضوع لا سيما ان لفظ السنة ولفظ الفريضة استعما في الوحي والروايات بمعاني عديدة، وبصراحة لتعقيد هذه الجهة قل تمسك الاعلام بالقاعدة، فصارت هذه الجهة معطلة للقاعدة.
ان القاعدة الدستورية والقوانين الدستورية اذا لم تتنزل وتتشعب ولم يستخرج منها قوانين وسطانية (القوانين البرلمانية) ثم تحتانية فعموم الناس وعموم الرعية بل عموم الموظفين في الدولة لا يتمكنون ان يتمسكوا بالقانون الدستوري فتصير قاعدة دستورية مجمدة بالقياس اليهم وان لم تكن مجمدة على كل صعيد، فيحتاج الناس الى ترجمان لتلك القواعد وهذا الترجمان هو الوانين البرلمانية.
فدور النبي (صلى الله عليه واله) والائمة المعصومين (عليهم السلام) وهو انهم يفسرون ويبينون الدين ليس هو كالفقهاء والعلماء بل دورهم المراد انهم يستخرجون قوانين تكون بمثابة التفسير القانوني.
اذن توجد نقطتان ذكرناهما هنا من اصول القانون وهي ان التنزيلات هي تفسيرات وتبيانات وهي ترجمان والا هذه القاعدة تكون مجمدة وهذا احد معاني (ان سنن النبي تحيي فرائض الله) او (سنن المعصومين تحيي سنن النبي) لأنه لولا التنزيل في التشريع والتقنين لأصبح هذا التشريع الفوقاني مجمدا.


[1] - وسائل الشيعة، العاملي، ج1، ابواب الوضوء، الباب42، ح1، ص469، ط آل البيت (عليهم السلام).
[2] - وسائل الشيعة، العاملي، ج10، ابواب القراءة، الباب30، ح3، ص93، ط آل البيت (عليهم السلام).