الموضوع:- قاعدة لا
تنقض السنة الفريضة.
تقريبا
انتهينا من اقوال الاعلام، ولكن بقي قول لصاحب الذخيرة واستشهد ـــ بإطلاق السنه
بمعنى ما شرعه النبي (صلى الله عليه واله) لا بمعنى الندب في قبال الكتاب، وان ما
يترتب على تشريع الكتاب غير ما يترتب على تشريع النبي (صلى الله عليه واله) ـــ
بذيل صحيحة زرارة ((لا تنقض السنة الفريضة)).
هذه
جملة من كلمات الاعلام في هذا المجال.
الروايات الواردة في المقام:- الرواية الاولى:-
صحيحة زرارة
((عن أبي جعفر (عليه السلام)، أنّه قال :
لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور، والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود،
ثمّ قال : القراءة سنّة، والتشهّد سنّة، ولا تنقض السنّة الفريضة))[1].وهذه
الرواية يرويها صاحب الوسائل عن الشيخ الطوسي (قدس سره) في التهذيب المجلد2 ص 152
ح597، وكذا هي موجودة في خصال الصدوق (قدس سره) ص284 ح35، وكذا صاحب الوسائل (قدس
سره) رواها في موضع اخر في ابواب القبلة الباب 9، ورواها صاحب الوسائل (قدس سره) في
موضع ثالث في ابواب الوضوء الباب الثالث.
الرواية الثانية:-
صحيحة محمد ابن مسلم
((عن أحدهما (عليه السلام)، في
الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهّد حتى ينصرف، فقال : إن كان قريباً رجع إلى
مكانه فتشهّد، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه، وقال[2]:
إنّما التشهّد سنّة في الصلاة))
[3].وهذه
الصحيحة ايضا مروية عن الشيخ الطوسي(قدس سره) في التهذيب المجلد 2 ص157.
الرواية الثالثة:-
صحيحة اخرى لزرارة وان لم تتضمن لسان لا تعاد، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه
((قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام)، عن رجل نسي الأذان
والإقامة حتى دخل في الصلاة ؟ قال : فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة))[4].الرواية الرابعة:- صحيحة
زرارة
((قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): الرجل يقلم
أظفاره، ويجز شاربه، ويأخذ من شعر لحيته، ورأسه، هل ينقض ذلك وضوئه؟ فقال: يا
زرارة، كل هذا سنّة، والوضوء فريضة، وليس شيء من السنة ينقض الفريضة، وإن ذلك
ليزيده تطهيرا))[5].هنا
ذكر الامام (عليه السلام)
جوابين الاول هو نفس القاعدة
(وليس شيء من السنة ينقض
الفريضة) بمعنى ان وجود السنة او زيادة السنة او نقص السنة أي السنة
بطبيعتها وجودا ونقصا وزيادة لا توجب الخلل في الفريضة، ولذا الجواب الثاني هو ان
هذه السنة المشرعة تطهير للمكلف وهذا التطهير لا ينافي الوضوء بل بالعكس هو يعضده.
اذن هذه الرواية
فيها عموم يشمل زيادة السنة او نقصها.
الرواية الخامسة:-
وهذه الرواية رواها كل من الطوسي(قدس
سره) والصدوق(قدس سره) وهي عن عبد الرحمان ابن ابي نجران وسند الشيخ الطوسي(قدس سره) الى عبد الرحمن ابن ابي نجران صحيح الا انه في التهذيب
رواها هكذا عن عبد الرحمن ابن
ابي نجران رجل انه سال ابا الحسن (عليه السلام) ولكن في الفقيه هكذا بسند الى عبد
الرحمن ابن ابي نجران انه سال ابا الحسن.
واحتمل ان كثير من
الاعلام ولا سيما صاحب الحدائق(قدس سره) يطعنون على ضبط الشيخ الطوسي(قدس سره) في
الحديث ويذهبون الى ان ضبط الصدوق(قدس سره) والكليني(قدس سره) اكثر لانهم مختصين
بعلم الحديث.
ولكن هذه الظاهر ليست صحيحة بنحو الموجبة الكلية بل لها
نسبة من الحقيقة أي انها موجودة بنحو الموجبة الجزئية لأننا ذكرننا مرارا انا وجدنا
ان في جملة من ضوابط علم الحديث ان الشيخ الطوسي(قدس سره) ــ وان كان هذا الذي
نقوله خلاف المشهور ـــ اضبط من الكليني(قدس سره) والصدوق(قدس سره)، فهو اضبط من
جهة ان الشيخ الطوسي(قدس سره) لا يقطع الروايات بينما الصدوق (قدس سره) والكليني (قدس
سره) يقطعون الروايات
[6]، وكذا صاحب الوسائل (قدس سره) هو يقطع الروايات كثيرا وان كان في بعض الاحيان
يشير الى وجود التقطيع اما الكليني (قدس سره) والصدوق (قدس سره) ففي الغالب المعظم
يقطعون ولا يشيرون ووجدت في كثير من المعضلات في ابواب الفقه انه يوجد عند المشهور
تعارض الروايات سببها تقطيع الكليني (قدس سره) والصدوق (قدس سره) بل غياب مدرك
فتوى القدماء في جملة من المسائل المتسالم عليها سببه
[7]
تدوين الحديث أي ان الحديث يجب ان يدون في هذا الباب ولكن صاحب الوسائل او اصحاب
الكتب الاربعة ذكروه في ابوب اخرى فيظن ان هذا الباب لا يشتمل على رواية او روايات
معتبرة.
وتتمة لهذه الفائدة
نقول ان الذي يتبع صاحب الوسائل او اصحاب الكتب الاربعة في استقصاء الاحاديث بكل
صراحة هو يقلد في مقدمة خطيرة في الاستنباط من حيث لا يشعر لان الذي جمعه صاحب
الوسائل من الروايات في باب ميعن هذا اجتهاد منه فان ما صنعه صاحب الوسائل واصحاب
الكتب الاربعة انهم يدعون ان الروايات التي تدل على هذا الباب هي فقط هذه الروايات
التي ذكرناها في هذا الباب.
المهم ان الشيخ
الطوسي (قدس سره) رواها عن عبد الرحمن ابن ابي نجران عن رجل انه سأل، بينما الشيخ
الصدوق (قدس سره) رواها عن عبد الرحمن انه سأل ابا الحسن، ولعل النسخة في الحديث
انه سأل رجل ابا الحسن او ان رجلا سأل ابا الحسن فلا يكون هذا الرجل وسط في الحديث
فان كلمة (ان) وكلمة (عن) متقاربة.
وهذا باب واسع في
اتقان المواد فدائما في الاستنباط في المرحلة الاولى وهي خطيرة جدا وهي ضبط المواد، وكثير من الغفلة من الاعلام تقع في هذا المجال حيث يعتمد في النقل على الكتب
الاستدلالية من دون الرجوع الى الكتب الحديثة، ومن اضبط الامور المهمة في هذا
المجال هو مقارنة الحديث بالاحاديث فانه يوضح وهم الراوي وسقط الراوي، وهذا ما
يعرف بان الحديث يفسر بعضه بعضا وكذا يوضح اوهام كثيرة وقع فيها نساخ كتب الرواية
والحديث.
فعندما يقول النجاشي
او الغضائري او غيرهم ويعبر عن بعض الرواة ان هذا ضعيف، فان الوحيد البهبهاني
يقول انه مجرد اصطلاح وليس معنى الضعيف هو الكذب او لا يوثق به بل ضعيف في علم
الرجال أي انه ليس ضبط في الفاظ الحديث أي هي صفة سلبية في الجانب العلمي في
الراوي وليس صفة سلبية في الجانب العملي.
اذن ضبط الحديث شيء
جدا مهم في الراوي وهو يحلحل عقد وشبه كثيرة في العقائد في السيرة وفي التفسير.
وهذه الكلمة الاخيرة
وهي ان التستري صاحب قاموس الرجال ـــ وان كنت لا اتفق مع مبانيه ـــ من النقاط
الايجابية فيه انه جيد في التتبع وكذا شامته في اشتباه النسخ جدا قوية.