الموضوع:- أصالة الاشتغال ــــ الاصول العملية.
ذكرنا
بالأمس ان في الوجه الاول ان البراءة الشرعية او العقلية لا تجري في الاقل لان
الاقل منجز ويلزم اتيانه على كلا التقديرين فتجري البراءة في الاكثر بلا معارض.
وهذا
التقريب لجريان البراءة يعبر عنه انحلال حكمي وليس انحلال حقيقي لان العلم
الاجمالي موجود وانما جمد تأثير جريان العلم الاجمالي بتوسط جريان الاصول العملية
في بعض الاطراف بلا معارض وهذا ما يعبر عنه بالانحلال الحكمي اما انحلال حكمي في الحكم
العقلي وهو التنجيز او انحلال في الحكم الشرعي وهو الوجوب.
وقد
اختلف الاعلام في توجيه ان الاقل على أي حال منجز:- فتوجد تقريبا متعددة مثل ان
الاقل مقدمة للأكثر فهو اما وجوبه نفسي ضمني او غيري فبالتالي الاقل ملزمون به على
أي حال.
الوجه الثاني:- مبنى المرحوم العراقي (قدس سره) حيث يدعي ان في البين الانحلال
حقيقي وليس حكمي.
ان قلت:- كيف يدعي الانحلال الحقيقي مع وجود علم اجمالي؟
قلت:- أي بالنظر الى دلائل وقرائن مبهمة تكون لنا علم اجمالي ولكن عندما نتدبر
شواهد وقرائن اخرى فان الابهام يرتفع ويتكشف تفصيلا، هذا مراد من يدعي وجود علم
اجمالي مع الانحلال الحقيقي.
اما
في المقام فان المحقق العراقي يدعي الانحلال الحقيقي مع وجود علم اجمالي فانه يقول
اولا ان الاقل ليس مقدمة غيريه بل هو مقدمة داخلية أي هي واجبة بالوجوب النفسي
الضمني يقول اذا لاحظنا بالدقة فهو لا يختلف عن الوجوب النفسي الاستقلالي في طروا
الوجوب عليه لذا يقول فإننا في النظرة الاولية يكون علم اجمالي اما بالالتفات الى
خصائص الوجوب وكيفية تعلقه بالواجب وانه منبسط فحينئذ يصبح لدينا انحلال حقيقي.
والملاحظ ان هذه الدعوى مبنية على ان الوجوب من قبيل العرض ينبسط بانبساط الماهية
واذا لم يكن من هذا القبيل فلا يكون هناك انحلال حقيقي ويكون الوجوب المردد من
قبيل الترديد بين المتباينين أي الوجوب المتعلق بالأكثر غير الوجوب المتعلق بالأقل.
وكثير
من الاعلام لم يقبله لان الوجوب وجوده ليس منبسط بل هو بسيط دفعي.
الوجه الثالث:- المحقق الاصفهاني (قدس سره) بعض كلماته يظهر منها الانحلال
الحقيقي وبعضها لا يظهر منها ذلك ولكن اجمالا انه يرى ان الوجوب المتعلق بالأقل
وجوب نفسي ضمني والمسؤولية فيه هي لكونه وجوبا نفسيا اما ضمنيته او استقلاليته لا
تغير من تنجيز المسبب للوجوب وحيث انه الوجوب منجز فهذا شبيه بالانحلال الحقيقي او
لا اقل حكمي فيوجب جريان البراءة بالأكثر بلا معارض.
الوجه الرابع:- مبنى صاحب الكفاية والمحروم النائيني (قدس سرهما) فان كلا
العلمين اتفقا على عدم جريان البراءة العقلية من جانب وعلى جريان البراءة الشرعية
من جانب اخر.
وقبل
الخوض في كلام العلمين ننبه على ان هذه الوجوه تعالج عقبة واحدة وهي عقبة العلم
الاجمالي اما عقبة الارتباطية واحراز الصحة فإلى الان لم ننقل عن الاعلام كيفية
علاجها.