الموضوع:- أصالة الاشتغال ــــ الاصول العملية.
كان
الكلام في مسألة الملاقي والملاقى لتحرير البعد الفقهي، لذا المثال او الأمثلة
الاخرى النظائر لهذا المثال ومر ان هناك اربعة ابعاد في تصوير أثنينية او وحدة
الحكم في الملاقى والملاقي.
وذكرنا
الاحتمال الثالث هو ان اتحاد القضية الشرعية لا من باب وحدة الموضوع ولا من باب
وحدة المتعلق بل يفترض ان ما قد يتخيل انه موضوع للشيء ليس على حد الموضوع بل من
قبيل الواجب المعلق وهذه نكتة نفسية لطيفة، مثلا الاجتناب عن الملاقي حكم مغاير
للاجتناب عن الملاقى وموضوعهما مختلف والمتعلق ايضا مختلف ولكن الاجتناب عن
الملاقي لم يحدث الآن بحدوث الملاقاة بل الملاقاة مأخوذة في هذا الحكم الثاني بنحو
قيد للواجب المعلق وليس قيد للواجب المشروط بشرط مقارن بمعنى ان الملاقاة متأخرة
لكن حكم اجتناب الملاقي متقدم وهذا هو معنى الواجب المعلق فان الواجب المعلق
تصويره الصناعي يؤدي الى ان الحكم فعلي قبل ان يأتي القيد المعلق عليه.
ان قلت:- ما الفرق بين الواجب المشروط بالشرط المتأخر وبين الحكم في الواجب المعلق
وان كان كلاهما الحكم فعلي قبل الشرط؟
قلت:- والفرق هو ان القيد في الواجب المعلق ليس قيد للوجوب بل القيد قيدٌ للمتعلق
لكن هذا القيد ليس على نحو انه يبعث الحكم لتحصيله كما في الساتر والوضوء لان
الحكم عادة يدعو الى تحصيل قيود المتعلق.
فان
بعض قيود المتعلق التي هي في الواجب المعلق مأخوذٌ وجودها العفوي.
اما
في الواجب المشروط بالشرط المتأخر فان قيود المتعلق قيود للحكم.
والثمرة هنا هي انه حين تحقق فعلية حكم الملاقى يكون حكم المقي ايضا فعلي
فانهما متلازمان ومتزامنان وفي عرض بعضهما البعض، اذن توجد زاويتين مهمتين في
البحث فمن جهة متلازمان زمانا في الفعلية ومتلازمان رتبة لان الملاقاة ليست قيد
للحكم كي يتأخر بل الملاقاة قيد للمتعلق.
وربما
انس ذهننا بالواجب التكليفي المعلق ولكن الحكم الوضعي المعلق ايضا موجود نظير حرمة
بيع الخمر او حرمة بيع المغصوب فان الحرمة حكم وضعي وهو الفساد وهذه الحرمة فعلية
قبل البيع وهي من قبيل الواجب المعلق أي يعني فساد بيع المغصوب ملازم رتبة وزمانا
لحرمة للحرمة التكليفية للتصرف بالمغصوب.
واهتمام
الفقهاء والاصوليون بتحرير التلازم الزماني والتلازم الرتبي لوجود ثمرة كبيرة فلاحظوا
في الاحتمال الاول اريد تنقيح ان الحكم واحد وموضوعهما واحد وفي الاحتمال الثاني
اريد تقرير ان المتعلق واحد ولكن في الاحتمال الثالث يسلم ان الموضوع اثنان والحكم
اثنان والمتعلق اثنان لكنهما لا قل اقل متلازمان زمانا وتحققا ورتبة.
من
ثمراتها تنجيز العلم الاجمالي فان العلم الاجمالي كما ينجز الملاقى ففي عرضه زمانا
ورتبة ينجز الملاقي وهذا الاحتمال الثالث يقارب الاحتمال الاول والثاني في بعض
الثمرات وهي ان هذا ليس طرف اجنبي.
وليس
فقط الحكم فعلي قبل قيده بل القيد ليس قيد للحكم بل هو قيد للمتعلق فالحكم يكون
فعليا قبل زمان القيد.
اذن
يجب على الباحث في الابواب الفقهية ان يلاحظ القيد وانه من أي قبيل؟
فلاحظوا
ان القيد في الواجب المشروط بالشرط المقارن فان خاصية القيد هي ان القيد متقدم
رتبة على الحكم وهو ملازم زمانا للحكم واما الواجب المشروط بالشرط المتقدم فان
القيد متقدم رتبة وزمانا والحكم متأخر واما الواجب المشروط بالشرط المتأخر فان
القيد متقدم رتبة ومتأخر زمانا، واما القيد في الواجب المعلق فالقيد ليس متقدم لا
زمانا ولا متقدم رتبة بل متأخر زمانا.
اذن
لا نستعجل عندما نرى قيد ونجعله قيد للموضوع متقدم رتبة ولكنه ملازم زمانا باعتبار
ان قيود القضية الشرعية تكون هكذا في كثير من الاحيان لكن هذا ليس مطردا.
الميرزا
النائيني (رحمه الله) عنده مبنى هنا لا يلتزم به ولكنه وافق المشهور وهو ان متعلق
المتعلق دوما قيد الحكم.