الموضوع:- أصالة الاشتغال ــــ الاصول العملية.
كان
الكلام في بحث الملاقي لأطراف العلم الاجمالي في تحليل البعد الفقهي، فهل ان هذا
الطرف الثالث الاجنبي الملاقي هو طرف اصلي في اطراف العلم الاجمالي او انه طرف
مستقل اجنبي؟
ولابد
من الخوض في التحليل الصناعي الفقهي وهذا يعتمد ــ كما مر بنا ــ على القضية
الشرعية سواء كانت لحكم تكليفي او لحكم وضعي حيث تعتمد القضية الشرعية على اربعة
اضلاع وهي قيود الحكم وتسمى قيود الوجوب والحكم نفسه وهو كما يعبر عنه بالموضوع
الاصولي ومتعلق الحكم مثل فعل الصلاة او شرب الخمر او البيع والرابع هو متعلق
المتعلق نظير الماء بالنسبة الى الوضوء الذي هو متعلق الوجوب فالماء متعلق
المتعلق.
وهنا
يبدأ التحليل الاصولي لتوضيح وتبيان تعدد القضايا الشرعية من اين ينشأ وفي قباله
اتحاد القضايا الشرعية من اين ينشأ.
المرحلة الاولى:- فاذا اتحد الموضوع هو نحو وحدة بين حكمِ الشيئين وهذا ليس تمام
ملاك الوحدة ولكنه بداية الطريق لوحدة احكام الاشياء مثلا هنا في الملاقي فهل
الحكم بوجوب اجتناب نجاسة الملاقي موضوعه نفس التقذر الذي اصاب الملاقى؟ فاذا كان
الموضوع نفسه فهذا خطوة نحو وحدة الحكم من ناحية الموضوع ولكن كما الآن مر بنا انه
ليس وحدة الموضوع تمام نصاب الوحدة بخلاف ما اذا تعدد الموضوع فهذا كافٍ في كون
الحكمين مختلف فمثلاً اذا قيل ان موضوع اجتناب الملاقى هو تقذره لكن موضوع اجتباب
الملاقي الملاقاة أي علاوة على وقوع القطرة في الملاقي فيضم اليه الملاقاة فان
الموضوع اختلف، اذن تقذر الملاقى وهو الطرف الاصلي ليس تمام موضوع وجوب اجتناب
القذارة في الملاقي.
اما
مثال الغصب فهل غصب احد العينين (مثل الشجرة) هل هو تمام الموضوع لحرمة التصرف في
الثمرات او ان الثمرة تحتاج الى غصب جديد؟
أي
حرمة التصرف في الثمرة هل هو وليد غصب الاصل او يحتاج الى قيد آخر؟
يوجد
بين الاعلام كلام في تحرير ان اجتناب الملاقي هل اخذ في موضوعه الملاقاة او لا؟ سوف
نبين ان البعض يرى والبعض لا يرى وسوف نبيت بعض آليات تحرير هذه المرحلة أي مرحلة
الموضوعات.
المرحلة الثانية:- وقد جعلها الاعلام بحث المتعلق يعني الاجتناب عن الملاقي والاجتناب
عن الملاقى فقد يصور الاجتناب عن الملاقي بانه امتداد ومن شؤون الاجتناب عن الملاقى
لان معنى الاجتناب عن الملاقى أي اجتناب كل ما يرتبط به وما يتولد منه واثاراه.
مثلا
في الملاقاة يوجد بحث في كيفية توسع التنجس فالبعض يبني على السراية التكوينية
يعني نفس القذارة تتوسع وتسري وتنتقل فاذا توسع القذارة والتنجس من باب السراية
التكوينية فمن الواضح انه من شؤون المتعلق او من شؤون الموضوع يعني اجتناب هذه
القذارة التي وقعت في الملاقى فانها تلقائيا تتوسع وتنتشر الى الملاقي فان
الاجتناب عن الملاقي من شؤون الاجتناب عن الملاقى والمقصود انه من شؤونه أي انه
نفس المتعلق فاذا كانت وحدة المتعلق موجودة وامتدادية فالموضوع يصير واحدا والحكم
يصير واحدا.
اذن
التدقيق في متعلقي حكمي الشيئين وانه هل هما متعلق ممتد واحد او اثنان؟ فاذا كانا
شيء واحد فيكون الملاقي ليس طرفا ثالث بل هو من توسع الطرف الملاقى ومن شؤونه نفسه
فمعنى ان العلم الاجمالي منجز للأطراف الاصلية فهذا الطرف الاصلي من شؤونه
وامتداداته تنجيز الملاقي.
ويمثل
الفقهاء للامتداد بخطبة صلاة الجمعة فانها لو قصرة او طالت فهي مصداق للواجب. وهذا
يعبر عنه بوحدة المتعلق او شؤون المتعلق أي يكون اجتناب الملاقي من شؤون اجتناب
الملاقى.
المرحلة الثالثة:- في الوحدة تبحث بعد عدم الوحدة في الموضوع وعدم الوحدة في
المتعلق والا لو كانت وحدة في الموضوع او في المتعلق فلا تصل النوبة الى الثالثة
او الرابعة فان الموضوع والمتعلق يعبر عنهما بضلعي الحكم.
فائدة معترضة ان من البحوث المهمة عند الاصوليين فانه يوجد عند الاصوليين
لغز يفيد في ابواب اصولية كثيرة وهو ما هو التباين او التغاير بين سنخ تعلق الحكم
بالضلع الاول وسنخ تعلق الحكم بالضلع الثاني؟
بعبارة
اخرى ما هو وجه التغاير بين سنخ ونمط تعلق الحكم بالموضوع وهو الدلوك ونمط وسنخ
تعلق الحكم بالمتعلق وهو الصلاة؟ فان الوجوب وهو الحكم يتعلق بالدلوك ويتعلق بفعل
الصلاة؟
الجواب:- الفرق هو ان احدهما بمثابة العلة فان الموضوع علة للحكم، اذن العلاقة بين
الموضوع والحكم هي علاقة العلة والمعلول اما العلاقة بين الحكم والمتعلق فهي عكس
ذلك فالحكم علة والمتعلق معلول أي الحكم يحرك ويوجد المتعلق في الخارج.