الموضوع:-اصالة
الاشتغال - الأصول
العملية.
مر بنا الكلام عن التوسط في التكليف
والتوسط في التنجيز وتقدم ان التوسط في التكليف عند الميرزا النائيني (قدس سره).
ففيما اذا كان الاضطرار
الى غير المعين باعتبار ان العذرية والرخصة في البين ليست لأجل الاضطرار وحده بل
بضميمة الجهل فيكون العذر ظاهري والترخيص ظاهري فبالتالي سيرتفع واقع التكليف
الفعلي ومن ثم يكون التنجيز متوسط أي على تقدير ــ أي بقية الاطراف ــ يوجد تنجيز
وعلى تقدير ــ وهو الطرف الذي يرفع به الاضطرار ــ لا يوجد تنجيز فالتنجيز متوسط
أي ليس على كل تقدير يوجد تنجيز.
اما بخلاف الاضطرار الى المعين
فالرافع المرخص هو نفس الاضطرار فالاضطرار رافع واقعي عندهم فعلى تقدير كون
المعلوم بالإجمال هو الطرف المعين يكون الرفع واقعي للتكليف فيكون التكليف متوسط
فعلي تقدير بقية الاطراف التكليف موجود وعلي تقدير كون التكليف في الطرف المعين
فالتكليف فلا يكون التكليف موجود.
وقد يتساءل ان التوسط بالتنجيز
تبقى معه منجزية العلم الاجمالي في الاضطرار الى غير المعين فعند التوسط في
التنجيز التكليف على أي تقدير مقرر انما هو توسط في التنجيز وبقاء منجزية العلم
الاجمالي امر ليس بصعب على مبنى الاقتضاء في المرتبة الثانية فهو قابل للتصوير
ولكن في التوسط في التكليف وهو في الاضطرار الى المعين كيف يمكن تصوير بقاء منجزية
العلم الاجمالي لان التكليف على تقدير بقية الاطراف موجود وعلى تقدير الطرف المعين
غير موجود فليس التكليف على كل تقدير موجود فكيف يصور الميرزا بقاء منجزية العلم؟
الجواب:- توجد قاعدة في
العلم الاجمالي مهمة وهي (ان العلم الاجمالي بعد تنجيزه
ــ بعدية زمانية ــ في جميع الاطراف اذا طرا على بعض الاطراف تلف او امتثلت او
اضطرار معين او ما شاكل مما يزيل التكليف موضوعا او محمولا فالعلم لا يسقط عن
التنجيز في البعض الباقي).
توجد وجوه عديدة لتصوير بقاء
منجزية العلم الاجمال:-
منها:- ما نقلناه عن صاحب
الكفاية (قدس سره) وهو فكرة العلم المورب أي البعض الباقي مع البعض التالف قبل
تلفه يوجد علم منجز فلا بد من التكليف.
منها:- هذا الوجه صناعي
ودقيق ولا يختص بالمقام وهو ان دئب الاصوليون والفقهاء في التفرقة بين مرحلة
الامتثال وما بعد مرحلة الامتثال وهي احراز الامتثال وبين المراحل السابقة في ان
طروا الطوارئ مثل التلف او الامتثال وما شابه ذلك على مرحلة الامتثال او احراز
الامتثال فإنها ليس حكمها كحكم الطوارئ التي تطرأ على مرحلة الفعلية فضلا عن
الانشائية او الفعلية الناقصة او الفاعلية فإنها لا تزلزل المنجزية وهذه قاعدة
عامة مهمة (ان الطوارئ الطارئة على مرحلة الامتثال او
احراز الامتثال لا تزلزل منجزية الحكم) بخلاف الطوارئ التي تطرا على الحكم
قبل مرحلة الامتثال فإنها لها حكم آخر، وليس فقط الفرق في الطوارئ بل حتى في جملة
من الاحكام ستاتي في التنبيه اللاحق بل في هذا التنبيه وسنبين ذلك عندما نأتي الى
فرض الشك.
ونضيف الى الطوارئ مثل الشك في القيد
سواء كان شرعي او عقلي وساء كانت الشبهة مصداقية او مفهومية فاذا كان القيد من
قيود الفعلية فهذا يخل بالتنجيز فتجري البراءة مثلا اما اذ كان الشك في القيد في
مرحلة الامتثال او احراز الامتثال فهنا ليس مجرى للبراءة بل هو مجرى للاشتغال كما
لو شك في القدرة على الامتثال فلا يجوز اجراء البراءة بل يجب المبادرة فمثلا يجب
عليه الصلاة من قيام اذا شك في القدرة على الصلاة من قيام الا اذا شاهد العجز
فيصلي من جلوس.
اذا كان هذا واضح فنطبقه في المقام ففي
المقام البعدية زمانية فبعد منجزية العلم في الاطراف جميعا اذا تلف طرف فانه يكون
في منطقة الامتثال وليس في منطقة اصل التكليف لذا بقاء العلم الاجمالي منجز في
بقية الاطراف امر واضح.
توجد هنا مسالة اثارها السيد
استاذنا (قدس سره) في المنتقى ولا نخوض فيها لأنه سياتي الحديث عنا بل نعنون
المسالة فقط وهي ان الآنات الزمانية في طرف من اطراف العلم الاجمالي او في كل
اطراف العلم الاجمالي فهل الآنات الزمانية موضوعات مكثرة لموضوع الاصل العملي
الواحد او لا؟
أي كما يبحث في العموم ان هناك كثرة
أزمانية ويسمى العموم الأزماني وتوجد كثرة وجودية وتسمى العموم الافرادي فهذا
البحث بعينه هنا يثار في الاصل العملي فتارة اصالة الطهارة تجري في اطراف متعددة
وتارة اصالة الطهارة التي تجري في طرف واحد فهذه تجري في القطعية الزمانية الاولى
وتجري في القطعة الزمانية الثانية والثالثة وهكذا، فالسؤال هو هل تتكثر اصالة
الطهارة بلحاظ القطع الزمانية او لا؟
فهل الاصل العملي كالعموم الاجتهادي له
افراد زمانية ام لا؟
وان كان نفس مسالة وجود عموم ازماني
فيه اختلاف بين الاعلام.
وهذا بحث مهم ومن ثمراته فقد يقال انه
بين الطويل والقصير ان اصالة الطهارة في هذا الإناء واصالة الطهارة في الإناء
الثاني في القطعة الزمانية الاولى يتعارضان فيتساقطان اما في القطعة الزمانية
الثانية لهذا الطرف الباقي نفس الاصل يحيى لا بمعنى ان اصالة الطهارة الساقطة تعود
بل هو من الاول لم يسقط بل بمقدار الذي حصل التعارض في القطعة الزمانية الاولى
يسقط اما القطعة الباقية من الفرد الطويل فهي قطعة مستقلة.
وان كان هذا المبنى اغلب الاصوليين لا
يقبلوه أي الاصل العملي لا عموم ازماني له وهذا هو
الصحيح.