الموضوع:-اصالة
الاشتغال - الأصول
العملية.
كان
الكلام في ان ادلة الاصول العملية شاملة لأطراف العلم الاجمالي او لا؟
وهذا
التعبير ــــ أي عامة او شاملة ــــ كما مرّ سواء كان في الاصول العملية او في
الامارات او في الاحكام الفقهية الواقعية فان الاصوليين يتعاطون معه على مراحل مثل
مرحلة الاستعمال ومرحلة التفهيم ومرحلة الجدي الاولي او الجدي الذاتي او الجدي
المطابقي او الجدي الالتزامي ثم الجدي النهائي فعموم الدليل للحكم سواء كان حكم
فقهي او حكم اصولي بحسب درجة العموم لها آثار ن ومرّ بنا انه حسب كلام الشيخ
الانصاري (رحمه الله) ان دليل الاستصحاب غير شامل لأن ذيله يوجب تقييد صدره،
والبعض عمم عدم الشمول لأطراف العلم الاجمالي الى كل الاصول العملية التي اخذ فيها
العلم كغاية لان الاصل العملي مغيا ولا يثبت هذا المغيا بعد الغاية، وهذا المقدار
من إستدلال الشيخ الانصاري (رحمه الله) مع ان الشيخ عملاً لم يلتزم به في اطراف
العلم الاجمالي غير تام.
رد كلام الشيخ الانصاري 0رحمه الله):- لان ظاهر (انقضه بيقين مثله) هو وحدة
متعلق الصدر والذيل أي وحدة متعلق الشك واليقين أي وحدة متعلق موضوع الاصل وما هو
رافع للأصل واذا كان الحال كذلك فان دليل الاصل العملي في الاستصحاب او في أي دليل
اصل عملي شرعي قد قيد بغاية العلم فمن الواضح ان يكون توارد غاية ومغيى لان مورده
عين مورد الاصل العملي ومورد الاصل العملي العنوان التفصيلي أي العنوان المعين
للبعض فالأصل العملي يجري في كل طرفٍ طرفٍ منحاز ومستقلا عن جريانه في طرفٍ آخر
منه، والوظيفة ايضا بلحاظ الطرف المعين التفصيلي فحينئذ الغاية هل الغاية هو
العلم الاجمالي أي مجموع الاطراف؟ نقول: كلا، فان هذا ليس هو متعلق نفس الشك ولا
هو نفسه متعلق صدر الدليل، أصلاً المجموع له حكم اخر ليس حكمه عين حكم كل واحدٍ
واحد وانما هنا عبر بمجموع بلحاظ الحكم الفقهي الواقعي لا بلحاظ افراد الاصول
العملية.
فإذن لا تنقض اليقين السابق بالشك اللاحق ولكن انقضه بيقيق مثله لاحق الظاهر انه
متعلق الثلاثة اليقين الاول السابق ثم الشك اللاحق ثم اليقين اللاحق واحدٌ اما
عنوان تفصيلي نفترضه من الاول وهو الصحيح
او من الاول نفرضه معلوم بالإجمال وسياتي انه هل ان المعلوم بالإجمال او الواحد لا
بعينه هل هو فرد من افراد الاستصحاب سياتي انه لا ليس بفرد لان الاصول العملية
عموما سواء كانت استصحاب او غير استصحاب كما مر بنا تختلف عن الامارات فان الاصول
العملية طبيعتها لرفع الحيرة وتبيان الوظيفة في الفرد المعين لذا يعبرون عن الاصول
العملية بالعملية مع ان الامارات ايضا فيها عمل والفرق ان في الاصول العملية
المفاد من الاصل ناظر للوظيفة العملية ورفع الحيرة في العمل فان السن ادلة الاصول
العملية الشرعية كلها هكذا وبناء على ذلك فان الاصل العملي لا معنى لفرضه واحد لا
بعينه او ما شابه حتى سياتي ان الكلي في الاستصحاب يجري هو بلحاظ ان له مسيسٌ
بالعمل، فهنا اما من الاول نفترض الكلي هو الجامع وليس الاطراف ولكن هذا لا شك
فيه لأنه الى الان معلوم بالإجمال واما نجري الاصل العملي في الاطراف كل طرف بعينه
فهنا لابد ان يفرض ان الغاية متعلقة بنفس ما تعلق به المغيا لا ان لكل واحد منهما
متعلق يغاير الاخر فهذا لا معنى له بلحاظ انحلال القضية المجعولة في الاصول
العملية الى افراد عديدة فاذا كان البحث بلحاظ شمول الافراد فالغاية لابد ان تكون
متحدة. اذن دعوى الشيخ (رحمه الله) لا محصل لها وغير متينة.
فانه
اما ان يفرض من الاول ان الاصل العملي يجري في الجامع ولا معنى لجريانه في الجامع
لان الجامع معلوم ولا شك فيه واما ان يريد ان يجريه في كل طرف طرف بعينه وحينئذ
لابد ان تتعلق الغاية بنفس الطرف المعين الذي تعلق به موضوع الاصل سواء كان
استصحاب او اصل عملي اخر فان قوله (حتى تعلم) فان المراد ان هذا العلم تعلق بنفس
ما تعلق به الشك من العنوان التفصيلي لا انه يتعلق بشيء اخر مثل مجموع الاطراف.
هذا
كله من جهة عموم دليل الاصول العملية على الصعيد الاستعمالي او التفهيمي او قل جدي
اول فعلى هذه الاصعدة لابد من وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ولكن على صعيد الجدي
النهائي فان كلام الشيخ 0رحمه الله) صحيح
لأنه في الجدي النهائي دائما يلاحظ فيه مجموع الحجج لا حجة واحدة كما في باب تعارض
الخبرين فان كلاً منهما واجد للشرائط ويعمل به لولا الآخر، وشبيه ان العام لا
يعمل به الا بعد مراعات الخاص فان العام لا يرتبط بالخاص استعمالا خلافا للقدماء
ولا يرتبط بالخاص تفهيما خلافا للقدماء ووفاقا للمتأخرين وايضا لا يرتبط العام
بالخاص بلحاظ الحجية الإقتضائية بل بلحاظ الحجية النهائية ن فان الحجج تلحظ
مجموعا فلا يمكن لحاظ كل فرد من الحجة في الامارات او في الاصول العملية او في
الاحكام الفقهية منفردة عن بعضها.
اذن
في الجدي النهائي كلام الشيخ صحيح لذلك يكون تعارض في مجموع الاصول العملية ولكن
هذا لا يعني قصور عموم دليل الاصول العملية استعمالا ولا تفهيما ولا جدي اولي بل
القصور والمحذور مقتصر على الجدي النهائي.
والثمرة في تشخيص ان المحذور في أي طبقة ومرحلة باعتبار انه اذا بني على قصور عموم
الاصول العملية استعمالا في اطراف العلم الاجمالي فحتى في موارد وصور جريان الاصل
العملي في طرف بلا معارض كما لو كان الطرف الاخر ليس فيه اصل عملي مرخص بل منجز
فلا نستطيع ان نجري الاصل العملي المرخص لو بنينا على قصور العموم استعمالا او
تفهيما او جدي اولي لان القصور في الاستعمال او التفهيم لا ربط له بالتنجيز
والتعارض والمجموع ولكن بخلافه اذا بنينا وهو الصحيح على ان المانع في الجدي
النهائي فقط والقصور في الجدي النهائي فحينئذ ما ان يرتفع الطرف الاخر فان الاصل
العملي يجري في الطرف الاخر بلا مانع
والقول الاخر هو قول الميرزا النائيني (رحمه الله) :- فانه يوجد عنده تفصيل وهو
ان الاصول العملية كما هو معروف اربع طبقات ثلاثة نقلية شرعية وواحدة عقلية
والنقلية محرزة واصول تنزيلية واصول وظيفية عملية بحته فالميرزا النائيني يقول في
خصوص الاصول العملية المحرزة فقط يقول لا شمول لها لأطراف العلم الاجمالي لأن
الاصول العملية المحرزة التعبدية لسان المجعول في المحمول متضمن للكاشفية ولو
كاشفية ناقصة ادنى رتبة من الامارات ولكن هذه الكاشفية التعبدية كيف يعقل ان الشارع
يكشف لنا تعبداً في اطراف العلم الاجمالي كل طرفٍ طرفٍ طرفٍ في مجموع الاطراف
يعبدنا الشارع بخلاف المعلوم بالإجمال وجدناً فهذا تناقض بين العلم التعبدي والعلم
الاجمالي سواء كانت هذه الاصول العملية المحرزة كلها مرخصة او كلها منجزة والمانع
هو تناقض وتدافع الاحراز التعبدي مع الاحراز الوجداني، فاذا علمنا وجدانا ان احد
الاطراف فقط فيه تكليف والبقية لا تكليف فيها والاصول المنجزة تنجز جميع الاطراف
مع انك تعلم ان هذا الاحراز التعبدي مناقض مع الاحراز الوجداني. وهذا المبنى مفيد
بغض النظر عن صحته.
اذن
الميرزا النائيني 0رحمه الله) يقول ان الاحراز التعبدي سواء كان منجز في كل
الاطراف او مرخص في كل الاطراف فان المانع ليس المخالفة العملية القطعية بل المانع
هو تناقض الاحراز التعبدي مع الاحراز الوجداني.
اذن
العلم بطهارة احد الإناءين (وهو الاحراز الوجداني) مناقض للعلم بنجاسة المجموع
(وهو الإحراز التعبدي) ن اذن لا تنحصر منجزية العلم الاجمالي عند الميرزا النائيني
فقط بسبب حرمة المخالفة القطعية بل حتى في موارد لا يستلزم اجراء الاصول العملية
المخالفة القطعية بل تستلزم الموافقة القطعية مع ذلك يقول لا تجري الاصول المحرزة
لمحذور تناقض الاحراز التعبدي مع الاحراز الوجداني لان الكاشفية التعبدية مداها
فيما اذا لك يكن كاشفية وجدانية.