الموضوع:- أصالة الاشتغال ــــ الاصول العملية.
لا
زال الكلام في وجوه منجزية العلم الاجمالي بالنسبة الى المرتبة الاولى والمرتبة
الثانية، ونذكر وجه آخر ذكر السيد الخوئي (قدس سره) وهو متين وجدا وان كان هذا
الوجه كما اشرنا اليه في مباحث القطع او البراءة العقلية ان المفروض انه يغير
خريطة الحجج عند السيد الخوئي (قدس سره) وان كان جملة من الاعلام التزموا به
ارتكازا ولكنهم يتناسونه في موارد عديدة:-
الوجه الذي ذكره السيد الخوئي(قدس سره):-
اننا
في اصل التنجيز لا نحتاج الى ان نثبت ان العلم ينجز لان الاحتمال هو منجز فضلا عن
العلم وان كان كلام في البين فقط هو في المانع عن هذا المنجز، لذا لابد ان نبحث
ان الاصول العملية هل تجري في كل الاطراف أي تسوغ المخالفة العقلية او انها لا
يمكن ان تجري في كل الاطراف كما هو الصحيح لمخالفتها للواقع الواصل ن اذن بالنسبة
للمرتبة الاولى ممانعة تنجيز العلم غير ممكنة لخصوصية العلم بخلاف الاحتمال.
اما
بالنسبة للمرتبة الثانية يقول السيد الخوئي (قدس سره) وفاقا لمدرسة النائيني (قدس
سره) انه وان افترضنا في بعض الصور ان بعض الاطراف للعلم الاجمالي اختص بجريان
الاصول العملية دون بعض الآخر ــــ كما مثلنا سابقا ــــ لما كان هناك مانع من
جريان الاصول العملية، اما اذا لم تختص بعض الاطراف بأصل بل كل الاطراف تجري فيها
اصول مفرغة وحينئذ يكون سبب منجزية العلم في المرتبة الثانية هو تعارض الاصول أي
سبب منجزية العلم الاجمالي في المرتبة الثانية هو نفس سبب منجزية العلم الاجمالي
في المرتبة الاولى وهو ان العلم مانع من جريان الاصول في كل الاطراف أي سبب تساقط
الاصول العملية في كل الاطراف هو نفس البيان الذي يقرر في المرتبة الاولى. اما
شبهة التخيير فسوف تأتي.
وبعبارة اخرى:- ان المحقق العراقي (قدس سره) يشكل على الميرزا النائيني (قدس
سره) وتفسيره للمنجزية عند الشيخ (قدس سره) بشبهة التخيير التي سوف تأتي ويقول
(قدس سره) ان تفسير العلية بنفس التفسير الذي ذكره الميرزا النائيني (قدس سره) أي
ان العلة مركبة من ثلاث اجزاء وهي ان المعلوم مقتضي والعلم شرط او (ان العلم مقتضي
والمعلوم شرط) وعدم جريان الاصول العملية عدمٌ للمانع وهذا التفسير يصر عليه
الميرزا النائيني في المرتبة الاولى والمرتبة الثانية وهو الصحيح فحينئذ يقول
العراقي (قدس سره) ان شبهة التخيير مستحكمة على القول بالعلية بهذا المعنى بخلاف
ما اذا قلنا بتفسير العلية بتفسير صاحب الكفاية (قدس سره) أي ان العلية غير معلقة
على تساقط الاصول العملية بل العلم يمنع منها ويدفعها بعيداً سواء كانت تجري في
جميع الاطراف او في بعض الاطراف في بعض الصور .
اذن
يقول العراقي (قدس سره) اذا كان لجريان الاصول العملية في الاطراف دور في ممانعة
تنجيز العلم حسب مبنى الميرزا النائيني (قدس سره) فشبهة التخيير مستحكمة لان
المقدار الذي يكون العلم علة فيه هو جريان الاصول العملية في كل الاطراف (أي
المرتبة الاولى)، اما جريانها في بعض الاطراف المعين فالعلم الاجمالي لا يستطيع منعها
من الجريان أي العلم ليس منجز وهذا صحيح ويعترف به الميرزا النائيني (قدس سره)
ونحن ايضا نوافق عليه، فيقول المحقق
العراقي(قدس سره) اذ التزمتم بهذا في البعض المعين فالتزموا به في البعض الا معين
كذلك بنحو التخيير.
ولسنا
الآن بصدد دفع هذه الشبهة وسياتي دفعها.
اذن
مبنى السيد الخوئي (قدس سره) ان اصل التنجيز لا حاجة للكلام فيه فان التنجيز
للاحتمال فضلا عن العلم ام في المرتبة الاولى فنفس بيان الميرزا النائيني (قدس
سره) وفي المرتبة الثانية هو ايضا يأتي اما شبهة التخيير فيجاب عنها وهو مبنى
متين.
ولكن
توجد ملاحظات ولوازم دعت السيد الخوئي (قدس سره) لعد الالتزام به في موارد عديدة
والحال ان هذا اللوازم ليست مؤشر على وجود الخلل في المبنى بل بالعكس تدل على قوة
المبنى.
اولاً:- ان معنى الاحتمال منجز فضلا عن العلم الاجمالي يعني ان العلم البسط أي
بداية درجات تكون العلم في العلم المنطق فان اول درجات تكون العلم هو الاحتمال
ــــ وهذا صحيح ــــ في مقابل الجهل المركب، فدعوى ان الاحتمال منجز فضلا عن
العلم الاجمالي يعني ان بداية درجات العلم بالمعنى الاعم ــــ في قبال الجهل
المركب ــــ وهو الاحتمال هو منجز والهلم الاجمالي ليس تصور بل تصديق ولكنه تصديق
اجمالي.
ثانياً:- ان الاعلام ارتكازا يتبنون هذا في الاحتمال قبل الفحص فان احد الوجوه التي
ذكرها الاعلام للزوم الفحص في الادلة الاجتهادية فضلا عن الاصول العملية هي ان
الاحتمال بنفسه منجز وان جعل الادلة الاجتهادية والاصول العملية من قبل الشارع
قاصر أي انه جعلها بعد الفحص وما قبل الفحص فلا مؤمن في البين وهذا معنها ان نفس
الاحتمال منجز فهذا ارتكازا موجود لدى الاعلام ولكنهم لم يرسموا خريطة الاصول
عليه.
ثالثاً:-
ان المفروض على السيد (قدس سره) ان ينبه على ان المنجز درجات والمنجزية درجات وليست
درجة واحدة وهذا شيء مهم جدا وهذا ما يقع فيه الاعلام.