الموضوع:-اصالة الاشتغال - الأصول العملية.
كان الكلام في المورد الاول للثمرة بين الاقوال في منجزية العلم
الاجمالي وبعض الاعلام بنى الثمرة على القول بوجود الرتبة في التعارض بين الاطراف وهذا
بحث سينعقد له تنبيه مستقل وهذا ليس بصحيح لأنه يمكن ان يتصور تفرد بعض اطراف
العلم الاجمالي بأصل ناف للتكليف او مفرغ من دون فرض وجود رتب في المثال.
والمثال الذي مر بنا امس كان المفرض وجود رتب فان قاعدة الفراغ
في صلاة الصبح لليوم تتعارض مع قاعدة الفراغ في صلاة العشاء لامس فتتساقط فتصل
النوبة الى اصالة الاشتغال في صلاة الصبح لليوم وهي تلائم قادة الحيلولة لصلاة
العشاء ليوم امس.
ولكن توجد امثلة اخرى يمكن فرضها من دون ان يكون مراتب للصول
العلمية، كما لو كان المكلف في صلاة الصبح وقبل ان يفرغ وعلم اجمالا انه نقص ركن
اما من صلاة الصبح لليوم التي لم يفرغ منها او من صلاة الصبح التي في يوم امس فهنا
قاعة الفراغ لا تجري في صلاة الصبح التي لليوم لأنه لا زال منشغل بها ولم يفرغ
منها فتجري فيها الاشتغال مثلا او غيرها بينما في صلاة الصبح التي ليوم امس فتجري
فيها قاعدة الفراغ، فليس من الضروري في الامثلة ان نفرض هناك رتب، بل يمكن ان
نفرض ابتداء ان بعض الاطراف لا يجري فيها اصل مفرغ بل يجري فيها اصل منجز والطرف
الاخر يجري فيه اصل مفرغ فهنا ايضا يمكن تصور وجود الثمرة.
بل بعض الاطراف لا يجري فيه اصل مفرغ ولا قاعدة الاشتغال كما لو
شك في ان هذا الطرف ليس بملك لي او ان الأناء الثاني وقعت فيه نجاسة وافترض ان احد
الاطراف تواردت عليه حالات متناقضة بحيث لا يمكن جريان الاستصحاب فيه ولا تجري فيه
اصالة الحل على المبنى الذي نتبناه ــــ فلا يجري فيه أي اصل لا اصل مفرغ ولا اصل
منجز فهذا ممكن بينما الطرف الاخر يجري فيه اصالة الطهارة بينما الطرف الاول لا
تجري فيه لا البراءة ــــ بناء على مبنى مشهور القدماء والذي بنينا عليه من ان البراءة لا تجري في الملكية ــــ ولا
اصالة الحل ــــ ايضا بناء على مبنانا ــــ فهنا العلم الاجمالي يكون منجز لطرف اما
الطرف الثاني فلا ينجزه لأنه يجري فيه اصل مفرغ، فبناء على ان العلم الاجمالي
منجز لوجوب الموافقة القطعية بنحو العلية فان اصالة الطهارة لا تجري في ذلك الطرف
مع انها ليس لها معارض سواء كان الطرف الاول يجري فيه اصل منجز او لا يجري فيه اصل
منجز.
أما القائل بان العلم الاجمالي مقتضي لمنجزية وجوب الموافقة
القطعية يسوغ جريان اصل عملي ناف للتكليف في بعض الاطراف لا في كل الاطراف.
بخلاف القائل ان العلم الاجمالي علة لوجوب الموافقة القطعية
ولحرمة المخالفة القطعية فحينئذ لا يسمح بإجراء اصل عملي ناف للتكليف ولو كان هذا
الاصل النافي مختص ببعض الاطراف
وبعبارة اخرى:- الفرق بين القائلين بان العلم الاجمالي
علة تامة مع القائلين بانه مقتضي هو ان القائلين بالاقتضاء يقولون ان العلم بمفرده
لا ينجز وجوب الموافقة القطعية بل لكي ينجز وجوب الموافقة القطعية يستعين بالأصول
العملية النافية للتكليف فاذا كان هناك في جميع الاطراف اصول عملية جارية وكانت
كلها نافية للتكليف فيقع بينها التعارض فتسقط وحينئذ العلم الاجمالي ينجز وجوب
الموافقة القطعية.
أما لو كان في بعض الاطراف مثبتة للتكليف وفي بعض الاطراف نافية
للتكليف فلا يكون هناك تعارض في البين، لان التعارض يقع اذا كان هناك اصول عملية
في جميع الاطراف وكانت كلها نافية للتكليف.
وكذا لا يكون تعارض اذا كانت الاصول العملية كلها مثبتة
للتكليف.
إذن القول بان العلم الاجمالي مقتضي للتنجيز لابد فيه من فرض تعارض
الاصول العملية النافية فاذا تعارضت تساقطت ثم يأتي العلم الاجمالي فينجز وجوب
الموافقة القطعية.
ان قلت:- انه ما هو سبب التعارض الذي يكون سببا لمنجزية العلم
الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية على القول بالاقتضاء؟
قلت:- سبب العارض بين الاصول العملية هو منجزية العلم الاجمالي
لحرمة المخالفة القطعية لان اجراء الاصول النافية للتكليف في جميع الاطراف يوجب
المخالفة القطعية والمفروض بناء على هذا القول ان العلم الاجمالي علة تامة لحرمة
المخالفة القطعية.
هذا كله بناءً على القول بان العلم الاجمالي علة تامة لحرمة
المخالفة القطعية ومقتضي لوجوب الموافقة القطعية.
تتميم :-وتتميما لهذا القول نقول انه لو افترضنا ان تعارض الاصول
العملية في جميع الاطراف كان سببه ليس لزوم المخالفة القطعية فقط بل سببه التناقض
في الاحراز
[1].