بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:-اصالة الاشتغال - الأصول العملية.
ذكرنا اقوال الاعلام في منجزية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية ولوجوب الموافقة القطعية وقلنا ان هناك ثلاثة اقوال:-
القول الاول:- وهو المعروف نسبته الى الشيخ الانصاري + واختاره الميرزا النائيني + وحاصله: ان العلم الاجمالي علة تامة لتنجيز حرمة المخالفة القطعية ومقتضي لتنجيز الموافقة القطعية أي اذا لم يكن مانع في البين فهو ينجز ويؤثر واما اذا كان مانع في البين في ينجز واكثر تلاميذ النائيني + والسيد الخوئي + واكثر تلاميذه اختاروا هذا التفصيل.
القول الثاني:- ان العلم الاجمالي مقتضي لتنجيز حرمة المخالفة القطعية ومقتضي لتنجيز وجوب الموافقة القطعية وهذا هو ظاهر كلام صاحب الكفاية في تنبيهات القطع واختاره جماعة وقد يظهر من الميرزا القمي  + ولعله ينسبه الى كثيرين من القدماء.
القول الثالث:- ان العلم الاجمالي علة تامة لتنجيز حرمة المخالفة القطعية ووجوب المواقة القطعية وهو مختار صاحب الكفاية + في المقام[1] والمحقق العراقي + والمحقق الاصفهاني +.
لا يقال:- ان المبحث مبحث نظري ولا ثمرة له.
بل يقال:- بل له ثمرة عملية وقالوا في الثمرة بين القول بالعلية او القول بالاقتضاء انها تجري في جملة من الموارد ونذكر الان بعض الموارد:-
المورد الاول:- اذا جرى اصل عملي مفرغ[2] ــــ مثل البراءة او الحل ــــ في بعضٍ معينٍ من اطراف العلم الاجمالي، فاذا بنينا على علية العلم الاجمالي لتنجيز وجوب الموافقة القطعية فهذه العلية تمنع من جريان هذا الاصل العملي في البعض المعين من الاطراف حتى لو لم يكن هذا الاصل مبتلى بمعارض اي حتى لو لم يجري اصل مؤمن في بقية الاطراف.
مثال:- كما لو علم اجمالا بحصول نقص في الصلاة بسبب انتقاض الوضوء ولكنه تردد في الصلاة التي حصل فيها النقص بين ان تكون صلاة العشاء التي خرج وقتها او صلاة الصبح التي فرغ منها ولكن لم يخرج وقتها.
فقاعة الفراغ التي تجري في صلاة العشاء تتعارض مع قاعدة الفراغ التي تجري في صلاة الصبح فيتساقطان.
ان قلت:- ان تعارض جريان قاعدتي الفراغ هنا لمنجزية العلم الاجمالي هو في أي مرتبة؟
قلت:-  ان التعارض هو في المرتبة الاولى لان جريان القاعدتين المفرغتين في كلا الصلاتين يؤدي الى المخالفة القطعية ومنجزية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية مسلمة عند الاعلام فلا يجري كلا الاصلين فيتساقطان.
وهنا حينئذ يتفرد احد اطراف العلم الاجمالي بجريان اصل وقاعدة فيه بالخصوص دون الطرف الثاني وهذا الطرف هو صلاة العشاء ليوم امس التي مضى وقتها والاصل هو قاعدة (حيلولة الوقت) ومفادها (كل صلاة مضى وقتها وشككت في اصل وجودها ــــ أي كان التامة ــــ او صحتها ــــ أي كان الناقصة ــــ فبني على انها وجدت او انها صحيحة) اما الطرف الآخر وهو صلاة الصبح التي لم يمضي وقتها فتجري فيها قاعدة الاشتغال وهي (الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني)[3].
 وما دام انفتح المجال للسؤال فنسال ان قاعدة الفراغ ــــ التي هي اصل محرز ــــ التي تجري في صلاة الصبح لليوم هل هي مقدمة على قاعدة الاشتغال ــــ التي هي اصل عقلي ـــــ التي تجري في صلاة الصبح لليوم؟، وان كانت مقدمة فلماذا؟
وكذا قاعدة الفراغ التي جرت في الصلاة ليوم امس هل مقدمة على قاعدة الحيلولة؟ واذا كانت مقدمة فلماذا؟


[1] ولعل البعض يعكس.
[2] مر بنا ان هناك اصل مفرغ واصل نافي للتكليف واصل معذر واصل مؤمن كلها بمعنى واحد ولكنها ذات مراتب فقد مر بنا انها مختلفة فمثلا قاعدة الفراغ والتجاوز تجري في مرحلة احراز الامتثال وتفرغ من الامتثال (كل ما مضى من اعمالك ثم شككت به فأمضه كما كان)، وكذا لابد ان نلتفت الى مرحلة الحكم التي يجرب بها الاصل لان المرحلة السابقة من الحكم هي موضوع للمرحلة اللاحقة والاصل الذي يجري في مرتبة الموضوع مقدم على الاصل الذي يجري في مرتبة المحمول، اذن مرتبة مورد مجرى الاصل اهم من مرتبة سنخ الاصل ن فاذا كان هناك اصل عملي من المرتبة الثالثة سنخا مثل البراءة يجري في الموضوع فهو مقدم على الاصل المحرز الذي يجري في المحمول مع ان الاصل المحرز مرتبته متقدمة سنخا على الاصل العقلي ولكن مرتبة مجرى الاصل او قل مرتبة موضوع الاصل او قل مرتبة مورد الاصل اهم من اس شيء آخر وهي مقدمة.
[3] مباحث‌ الأصول، سید محمد باقر صدر، ج4، ص153.