بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:-الدوران بين الوجوب والحرمة - الأصول العملية.
كان الكلام في الدوران بين الوجوب والحرمة اذا كان احدهما تعبدي او كان كلاهما تعبدي.
ومر بنا ان الشيخ الانصاري & يقول ان هذه الصورة لا تندرج في دوران الامر بين المحذورين بل هو دوران بين الوجوب والحرمة أي ان العلم الاجمالي يكون منجزا لحرمة المخالفة القطعية لقدرة المكلف عليه وان لم يكن منجزا لوجوب الموافقة القطعية لعدم قدرة المكلف.
اما المرحوم الآخوند + فذهب الى انه بلحاظ الموافقة القطعية غير ممكنة وممتنعة ولكن الموافقة الاحتمالية قهرية فبالتالي هو بين محذورين اما موافقة احتمالية للتوصلي او موافقة احتمالية للتعبدي، فالمرأة اما ان تصلي فتكون قد وافقت وجوب الصلاة احتمالاً، واما ان تترك الصلاة فتكون قد وافقت حرمة الصلاة احتمالاً، اذن تجري احكام وضوابط الدوران بين المحذورين.
واشكل على الآخوند + من بعده:- بان كلام الشيخ امتن بالتقريب الذي ذكرناه بالأمس ولكن يوجد دقة في كلام صاحب الكفاية ــــ بغض النظر عن كونه مراد للآخوند او لا؟ وان كان ظاهرا انه مراده ــــ وهي:-
انه ما المانع ان الصورة الواحدة ـــ كما فيما نحن فيه ــــ من جهة المخالفة القطعية تعامل معاملة منجزية العلم الاجمالي ومن جهة الموافقة القطعية او الموافقة الاحتمالية تعامل معاملة الدوران بين المحذورين؟ هذا لا مانع منه.
فكما مر بنا امس ان الاحراز على مرتبتين وان هناك بحث في منجزية اصل الحكم وبحث في منجزية احراز امتثال الحكم، والكلام هنا في بحث منجزية احراز امتثال الحكم أي مخالفة قطعية بوصف الاحراز ومخالفة قطعية بوصف الاحراز، ومر بنا ان واقع المخالفة وواقع الموافقة في متن الواقع ثبوتا في عرض واحد ولكن احرازهما القطعي ليس في مرتبة واحدة بل في مرتبتين.
اذن لاحظوا ان منجزية إحراز إمتثال العلم الاجمالي ذو مراتب وذات حيثيات، هذا بخلاف منجزية نفس الحكم  فان المتعلق لمنجزية شيء واحد فقد مر بنا ان هناك منجزية الحكم وهي ما قبل الامتثال ومنجزية احراز الامتثال واحراز الفراغ من عهدة الحكم فان هذا بحث اخر.
اذن منجزية الحكم قبل الامتثال متعلقها شيء واحد وهو الحكم اما احراز امتثال الحكم فمتعلقه اثنان مخالفة قطعية او موافقة قطعية.
نعم لابد من الالتفات الى ان منجزية الحكم التي هي قبل الامتثال ــــ التي متعلقها شيء واحد ــــ هي قابلة لان تكون ذات مراتب لان التنجيز كما مر مرارا فيه شدة وضعف واما منجزية احراز الامتثال ـــ التي متعلقها شيئان ــــ فمرتبتها ايضا متفاوتة.
حينئذ نقول ان الصحيح ـــ وهو مراد الآخوند حسب القرائن ـــ هو انه حيث لنا مرتبتان من منجزية احراز الامتثال ـــ مرتبة الموافقة القطعية ومرتبة المخالفة القطعية ـــ فبلحاظ مرتبة قد يكون من الدوران بين محذورين وهو الموافقة القطعية او الموافقة الاحتمالية ومن جهة المخالفة القطعية فليس هو الدوران بين محذورين لأنه المخالفة القطعية ممكنة فلا دوران بين محذورين في البين.
والجمع بين الحيثيتين يبين مداقة مهمة يقف عليها الباحث في صور العلم الاجمالي فقد تكون صورة واحدة من حيثية هي دوران بين محذورين تبحث في البراءة او اصالة التخيير ونفس هذه الصورة من حيثية اخرى يلحق بمنجزية العلم الاجمالي وقاعدة الاشتغال، فلا موجب لان تكون الصورة برمتها من الدوران بين المحذورين او برمتها من منجزية العلم الاجمالي لأنه بلحاظ الموافقة القطعية هنا في هذه الصورة قد يقول قائل بان هنا تعبد بان يراعى الوجوب او يقول قائل بالعكس أي ان الحرمة تراعى، فان فتاوى مشهور المتأخرين ان الوجوب يراعى فانهم يقولون انه يجب على المرأة ان تجمع بين اعمال المستحاضة وتروك الحائض ومن اعمال المستحاضة هو الاتيان بالصلاة ومن اعمال الحائض هو ترك دخول المساجد ولمس كتابة القرآن، فهنا بلحاظ الموافقة القطعية هو دوران بين محذورين وان كان بلحاظ المخالفة القطعية ليس لها ان تصلي دون قصد قربى لأنها تكون قد عصت من جهة الحرمة ومن جهة الوجوب فأما من جهة الوجوب فقد عصت لأنه لم تأتي به بقصد القربى واما من جهة الحرمة فهي قد اتت بصورة الصلاة، فهذا مفروغ منه فهو من جهة المخالفة القطعية هو منجز عليها ولكن من جهة الموافقة القطعية او الموافقة الاحتمالية فأيهما ترجح؟ هل ترجح تروك الحائض او اعمال المستحاضة؟
المعروف بين الاعلام انهم رجحوا اعمال المستحاضة أي جانب الوجوب.
ولكن يقال:- باي مرجح اخترتم هذا الطرف فان العلم الاجمالي ليس منجزا بلحاظ الموافقة القطعية او في تعيين احد طرفي الموافقة الاحتمالي فان العلم الاجمالي ليس منجزا ايضا بل فقط هو منجز من جهة حرمة المخالفة القطعية، هذا مبنى متأخر الاعصار.
اما نحن فلم نتبنى مبنى متأخري الاعصار ـــ في هذه الفروع ـــ لان هناك صحيحة   يحيى ابن عبد الله الكاهلي وهي مقطعة في الوسائل ومفادها صريح بترك الصلاة فان الامام × يقول (فلتتقي الله ولتدع الصلاة) فان الامام × جعل الاحتياط في ترك الصلاة ثم القضاء في ايام الاستبراء لا انها تأتي بالصلاة.
اذن مسالة واحدة قد تندرج من جانب في اصالة الاشتغال بلحاظ الموافقة القطعية ونفس هذه المسالة من حيثية اخرى تندرج في صالة التخيير.
وكذا عند الوران بين تعبديين فواضح انه يمكن المخالفة القطعية اما الموافقة القطعية قد لا تكون ممكنة فيمكنه ان يترك القربية بالترك او يترك القربية في الفعل فيقع في المخالفة القطعية اذن المخالفة القطعية ممكنة وهي منجزة واما الموافقة القطعية ليست منجزة لأنها غير ممكنة ولا الموافقة الاحتمالية لاحدهما بنحو التعيين معينة.
بقيت جهتين في الدوران بين المحذورين لو كان احد الطرفين احتماله اقوى او محتمله اقوى فهل تجري هنا اصالة التخيير او يدور الامر بين التعيين والتخيير ؟
جملة من الاعلام قالوا لا فرق لان قوة الاحتمال ليس منجز ولا دليل على ان قوة الاحتمال او قوة المحتمل مراعى عند العقل ولكن الصحيح هو التفصيل فتارة قوة الاحتمال او المحتمل متعدة به عند العقلاء فتراعى وتارة تكون يسيرة او متوسطة فلا تراعى عند العقلاء.