الموضوع:-تنبيهات حديث الرفع - الأصول العملية.
كان الكلام في جريان حديث
الرفع في بقية الاحكام الوضعية والموانع التي يمكن لن تسجل على حديث الرفع وجملة
من الموانع المشتركة في حديث الرفع قد استعرضناها وتبين انها موانع عن بعض الاحكام
الوضعية لا عن كل الاحكام الوضعية وليس في البين مانع عام عن الاحكام الوضعية من
حيث هي احكام وضعية ،وطبعا ننوه على ان التعبير بالرفع للاحكام الوضعية على مبنى
القدماء هو تعبير فيه مسامحة لان المرفوع ليس الحكم الوضعي ولا الحكم التكليفي بل
على مبنى القدماء ان المرفوع هو المؤاخذة أي المؤاخذة على الحكم التكليفي المستقل
او المؤاخذة على الحكم التكليفي المترتب على الحكم الوضعي فهذا المعنى هو مراد
القدماء من رفع المؤاخذة اما على راي المتاخرين القائلين برفع الحكم نفسه سواء كان
الظاهري في فقرة ما لا يعلمون او الواقعي في غيرها فواضح انه يشمل التكليفي
والوضعي اذا تمت الشرائط الاخرى لحديث الرفع كما مر.
الان نتمم الكلام على مسلك
القدماء وهو لماذا يبحثون عن عمومية حديث الرفع للاحكام الوضعية اذا تمت الشرائط
ولا اقل عن بعض الاحكام الوضعية التي تتم فيها شرائط حديث الرفع مع انهم لا يقولون
برفع الحكم بل رفع المؤاخذة؟
الجواب:- نقول ان متاخري هذا العصر
عندهم ان في بحث الحكم الوضعي ــ بغض النظر عن اختلافهم في حقيقة الحكم واقسام
الحكم الوضعي وهذا بحث طويل الذيل سياتي في تنبيهات الاستصحاب انشاء الله ــ انه
هل يتصور في الحكم الوضعي شدة وضعف او لا؟ والمراد بالشدة مثل الطهارة اللزومية
وطهارة الندبية وكذا نجاسة كراهتية ونجاسة تحريمية يعني شديدة التحريم، فاصلا هذا
متصور او لا؟ وكذا ملكية شديدة وملكية ضعيفة وكذا بعض العقود شديدةُ الإِحْكامِ
مثلُ الزواج فانه لا ينفسخ الا بالطلاق وبعض العقود محكمة ولكن ليست شديدة
الإِحْكام وبعض العقود ضعيفة الإِحْكام قابلة للانفساخ ، وبعبارة اخرى هل الحكم
الوضعي ذو مراتب او لا؟
انَّ القدماء بنوا على ان
الحكم الوضعي ذو مراتب فجملة من القدماء عندهم سؤر المسوخ نجس وبعضهم عندهم نجس
لزومي وكثير منهم نجس كراهتي وكذا المسوخ في نفسة لا فقط سؤره كالقرد والزرافة
وغيرها من الحيوانات المنسوخة نجسة وحتى السباع فيها درجة من النجاسة ولكن نجاسة
كراهتية وبعض القدماء يلتزمون بالنجاسة اللزومية فيها وقد وردة في نجاستها نصوص ولكن الصحيح انها محمولة على النجاسة الكراهتية
يعني تجنب منها بنحو الكراهة والحديد نجاسته كراهتية وبعض القدماء يلتزمون انها
لزومية وقد وردة فيه نصوص والصحيح انها
كراهتية وكذا اصل الوضوء في الصلاة طهارة لزومية ولكن الوضوء للتجديد هذا له شرطية
استحبابية في الصلاة وفي الحقيقة الذي يستحب ليس الوضوء على الوضوء يعني تكرار
الوضوء فهذا وان كان مستحب ولكن استحبابه لا لأجل التكرار فقط بل بالدقة ان اصل
استحبابه هو حداثة الوضوء أي انه حديث وجديد لان الوضوء الجديد يتلألأ نورا بخلاف
الوضوء القديم فانه يخفت نوره ، وكذا نظافة لباس المصلي ونظافة المصلي وغيرها
فإنها طهارة خبثية ولكن طهارة ندبية وليست طهارة لزومية ففي الحقيقة لدينا في
ابواب عديدة ان الاحكام الوضعية ذات مراتب وليست ذات مرتبة واحدة وانْ كان السيد
الخوئي أصر على عدم تعقل الشدة والضعف في الاحكام الوضعية وبنى عليها في ابواب عديدة
ولكن هذا في الحقيقة لا نوافق عليه الصحيح موافقة
ما عليه القدماء من ان الاحكام الوضعية ذات مراتب ويترتب عليها آثار كثيرة
ففي الاستحباب مراتب وفي الوجوب مراتب وفي الكراهة مراتب وفي الحرمة مراتب ومقصودي
الحكم الوضعي الذي يترتب عليها وتفاوته في المراتب اما في الاثار او في نفس نمط
الحكم التكليفي المترتب عليه وتترتب عليه احكام وضعية اخرى لزومية او يترتب عليه
احكام تكليفية لزومية او تشتد الاحكام اللزومية او احكام ندبية او تشتد الاحكام
الندبية فهذا هو الفارق لذلك من باب المثال ذكرنا ان ملكية الصديقة الطاهرة لفدك
ليست ملكية فردية فالسنة من حيث لا يشعرون اعترفوا بشيء عظيم للزهراء وهو الصحيح
وانْ غفل عنه جملة من علماء الامامية في نقاشهم وجدلهم مع العامة فان علماء العامة
يعترفون انه وراثة اصطفائية بين الزهراء عليها السلام والرسول صلى الله عليه واله
وهذه اعظم من الوراثة الفردية ،ففرق بين وراثة الزهراء لأبيها بما هو سيد الرسل
وبين وراثة الزهراء لأبيها بما هو فرد من الافراد فلذا ملكيتها عليها السلام لفدك
ليست ملكية فردية يمكن ان تزال حالها حال باقي الملكيات الفردية لأي فرد من
المسلمين ،فاذا اقتضت المصلحة العامة للمسلمين ان تزال ملكية هذا المسلم او المؤمن
فتزول كلا، ملكية الزهراء ملكية اصطفائية وراثية لا يمكن ان تزال.
ماذا نستفيد من هذا البحث
في المقام أي في حديث الرفع ؟
الجواب:- نستفيد منه في المقام هو
الذي مر وهو انه عندما نقول ان حديث الرفع يشمل الاحكام الوضعية فبناء على قول
القدماء لا يقولون برفع الحكم بل رفع المؤاخذة وحينئذ أي مجال للبحث في رافعية
حديث الرفع للاحكام الوضعية
المقصود ان الاحكام الوضعية
التي يترتب عليها حكم تكليفي سواء كانت احكام وضعية شديدة او احكام وضعية متوسطة
لزومية فان المؤاخذة على ذلك الحكم التكليفي ترفع فيسبب نوع تزلزل في الحكم الوضعي
ونوع تجميد للحكم الوضعي لان مؤدى الحكم الوضعي هو ترتيب اثر حكم تكليفي عليه فاذا
كان حديث الرفع يرفع المؤاخذة فهو يتصرف بشكل غير مباشر بالحكم الوضعي أي يتصرف
بالحكم الوضعي بالواسطة ولا مانع منه فمثلا النجاسة فان اثرها بطلان الصلاة وحرمة
الشرب فاذا عرضت احدى العناوين الستة في حديث الرفع ترتفع المؤاخذة على التعاطي مع
تلك النجاسة فهذا المنع يُرفع فتصلي بالنجاسة حينئذ وان كانت النجاسة لم ترتفع نعم
نقبل ذلك ولكن المؤاخذة على مراعاة المرتبة التامة للصلاة ارتفعت فيأتي ذلك
التقريب الذي ذكرناه في التنبيه السابق وهو تصحيح المراتب النازلة. اذن توجد ثمرة
في شمولية حديث الرفع للاحكام الوضعية ،على حسب مبنى القدماء نستطيع ان نعبر ان
المؤاخذة التي يقول بها القدماء بانها مرفوعة لا فرق فيها بين المؤاخذة المترتبة
على الاحكام التكليفية المحضة او المترتبة على الاحكام التكليفية المتولدة من
احكام وضعية سواء كانت شديدة او متوسطة. اذن هذا التقريب لشمول حديث الرفع للاحكام
الوضعية على مبنى القدماء الذي لا يقولون اصلا برفع الحكم حتى الشيخ الانصار
الواقع ان ارتكازه يبني على رفع المؤاخذة لا رفع الحكم , هذا تمام الكلام في هذا
التنبيه.
تتميما للبحث في الحكم
الوضعي الضمني للذي مربنا في التنبيه السابق أي بحث الاقل والاكثر وكذا الان في
بحث بقية الاحكام الوضعية في هذا التنبيه وهي ان مشهور الفقهاء استدلوا بحديث
الرفع لإثبات احكام فمثلا استدلوا بها لإثبات خيار الغبن وايضا في خيار العيب
استدلوا بحديث الرفع وكذا استدلوا للضمان بحديث الرفع وهذا اثبات للحكم لا رفع
للحكم بل كما مربنا انهم استدلوا للصحة كما في صحة الصلاة الناقصة بحديث الرفع
وحينئذ يقع الكلام وهو انهم كيف بنوا على ان حديث الرفع مثبت؟
الجواب:- طبعا جوابه اجمالا نستعين
بما تقدم في بعض التنبيهات وهو اثبات صحة الاقل ,وزيادة على ذلك انه مر بنا
الاشارة الى كلام الشيخ جعفر كاشف الغطاء والميرزا القمي صاحب القوانين وهو انهما
ينبهان على ان المشهور عندهما انه توجد قاعدتان في الحرج لا قاعدة واحدة قاعدة في
الحرج من قبيل الحرج في الجعل أي الحرج النوعي وقاعدة اخرى في الحرج الشخصي وهو
المعروف لان الحرج النوعي غير معروف والسيد الخوئي (قدس) ينكره اشد انكار وان كان
في الفقه يستدل بالحرج النوعي في موردين مما يدل على انه ارتكازا يقبله وكذلك في
لا ضرر والتقية نفس الكلام فانه توجد قاعدتين وذكرنا ان غالبا في قاعدة الضرر
النوعي او الحرج النوعي يتمسك بها لإثبات احكام ولكن لا بمفردها بل بضمها الى ادلة
عامة اخرى وشرحنا هذه في كتاب ملكية الدولة وشرحناه للتو في بحث الاقل والاكثر وان
كان الذي شرحناه في تنبيه الاقل والاكثر هو بلحاظ الحرج الشخصي فنظير ما يتمسك في
الحرج الشخصي لإثبات حكم وصورناه سابقا فهذا التصوير في الحرج النوعي اسهل او في
الضرر النوعي اسهل وذلك لان الضرر النوعي او الحرج النوعي مشهور القدماء عندهم انه
بمثابة قرينة عامة لمفاد العمومات أي قرينة عامة من الشارع تبين أطر وقوالب الحكم
الانشائي فالاستفادة من قاعدة الضرر النوعي او الحرج النوعي في الانشاء كقرينة في
عالم الدلالة امتن واسهل من الحرج الشخصي لان الحرج الشخصي اصلا مرتبط بالخارج فهي
جزئية في واقعة فكيف تكون قرينة لمرحلة الانشاء ففيها صعوبة كما مر بنا بيانه في
تنبيه الجزئية والشرطية في الاقل والاكثر فانه وان كان متين ولكن توجد صعوبة أي
توجد صعوبة لتصحيح الباقي الناقص بخلاف اذا كان ضرر نوعي او حرج نوعي فهي من الاول
في الجعل أي هي ناظرة للجعل والتنظير الكلي ، طبعا هذا المبحث لا يختصر بهذا
المقدار فهذا يبحث في نفس قاعدة الحرج ولسنا في صدده او في نفس لا ضرر والان لسنا
في صدده فإننا فقط الان نبحث هذه الفقرات في الزاوية المشتركة في حديث الرفع وهو
كيف يرفع الحكم وكيف يثبت الحكم ، هذا تمام الكلام في التنبهات في حديث الرفع في
الحكم الوضعي ولكن يبقى خصوصيات في رفع الاضطرار ورفع النسيان ورفع الاكراه
خصوصيات شائكة في تصوير رفع الاكراه وفي تصوير رفع الاضطرار وفي تصوير رفع النسيان
ذكرها الاعلام ونذكرها لكي تكون خاتمة الكلام في حديث الرفع لكي ننتقل الى احاديث
اخرى في الباب