الموضوع : تتمت الاستدلال بالتقريب للايات الثلاث
وصل بنا الكلام الى اية الكتمان (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)
[1]
تتمت الاية (لَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) التقريب الاجمالي لها ان وجوب البيان لما انزل يقتضي وجوب القبول من الطرف الاخر والا للغى او ما يقال غاية الواجب واجب ومن ثم الاشكالات التي ذكرت بأية النفر بعينها تأتي وكذا الاجوبه ، من الاشكالات انه لا اطلاق فيها ولعل مثلا وجوب البيان لاجل وصول درجة البيان الى درجة العلم من ثم يقبل الطرف الاخر لا انه يقبل بالبيان الظني والجواب عنه نفس الجواب انه لو سلمنا انه يصل البيان الى درجة العلم ايضا يدل ان هذه القرائن والامارات عند الانضمام معتبره وتولد العلم منها منطقي وصحيح وبالتالي هذا يدل على اعتبارها في الجمله ، من جانب ثاني الاطلاق موجود لانه امضاء لما عليه السيره العقلائيه وهذا استدلال بالامضاء مع السيره بعتبار ان هذا الامضاء موضوعه شيء قائم في السيرة بالتالي
نكته نضيفها للاستدلال بأية الكتمان ايضا تضاف لاية النفر : تعبير العقلاء والسيره العرفيه برجل ثقه ومعنى ثقه تعبير وصف محمولي من حكم العقلاء على هذا المخبر ان اخباره محل اطمئنان والمراد ليس الاطمئنان الشخصي انما المراد الاطمئنان النوعي يعني ان النوع حكم بتصديقه وقبوله واتباعه فحكم النوع بتصديقه وقبوله يعني نوع التصديق فعندما يقال خبر الثقه يعني خبر مصدق في العرف العقلائي والشرع اذا وجد هذا النظام موجود عند العقلاء امضاه بأية الكتمان واية النفر هذا معناه امضاء التصديق نفسه بالتالي نوع تصديق له كل هذا النظام النقلي والعلوم النقليه والقرائن النقليه يمضيها الشارع ، الشيخ قال لو كانت الاية مختصه بحرمة الكتمان لقول من لا يوجب العلم عادة لكانت دلاله على التصديق به كما في المرأه الواحده (
وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ)
[2]
دال على تصديق قول المراه في انها حامل او انها طاهر ومن هذا القبيل في موارد اخرى فالشيخ بهذا المقدار يقبل تقريب دلالة الاية لو كانت الاية مختصه بقول من لا يوجب العلم ، لكن الصحيح كما مر ان الاشاره ما دامت فيها اشاده لنظام العلوم النقليه والقرائن النقليه فهي اشاره لمجموع كيان القرائن والاعتماد على العلم الحاصل متولد من هذه القرائن النقليه يدل على ان هذه القرائن النقليه اجمالا محل اعتدال واعتبار والا لكان العلم الحاصل منها تجزم قطع قطاع او قطع حاصل من نشأ غير صالح هذا تقريب الكلام في اية الكتمان تصب نفس مصب اية النفر .
اية اخرى وهي اية السؤال (
فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)
[3]
التقريب الاجمالي لهذين الايتين ان وجب السؤال فيجيب المسؤل فيجب على السائل قبول جواب المسئول والا يكون لغو وان كان المسؤل فرد وهذا يدل حجية قول القائل خبر الواحد طبعا الفاسق خارج بدليل اية النبأ وليس شرط في قبول قول خبر الواحد ان اهل الذكر ليس من الازم تقدم السؤال هذا السؤال من باب بيان موردي وليس من باب امر لازم الذي يقبل قوله سواء تقدمه سؤال او لا هذا التقريب الاجمالي للاية لكن الاستدلال بالاية
اشكل عليه بأشكالات عديده للاستدلال به لاثبات حجية خبر الواحد : اولا موردها اصول اعتقاديه (
ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
[4]
امر مرتبط بأصل النبوة واصل النبوة يحتاج الى يقين لا خبر الواحد فكيف يكون مفادها عام الى موارد الظن من قوال القائل
اشكال ثاني وهو مشترك مع الايات السابقه وبينا جوابه في ماسبق وهو ورد في روايات اهل البيت وفيها الصحيح في كتاب اصول الكافي المجلد الاول باب عقده ان اهل البيت هم اهل الذكر وهذه الروايات معتبره صحيحه بل تبين بحسب ظاهر القرأن ان اهل الذكر هم اهل البيت عليهم السلام بدليل ما هو موجود في (انزلنا اليكم ذكرا رسولا) يعني من اسماء الرسول صلى الله عليه واله وسلم ذكر فأهل الذكر اهل الرسول صلى الله عليه واله فهم اهل البيت عليهم السلام ال الرسول وهذا استدلال بظاهر قرأني في الروايات ، ويوجد استدلال عقلي اخر في الروايات على ان المراد بهم ليس مطلق الناس او النصارى او اليهود الاستدلال ان الاسؤال عن الدين سواء عن اصل الرسول او عن بقية امور الدين يوسئل اهل البيت ال الرسول والا لو سئل الناس غير ال الرسول لزاغوا بهم يمينا او شمالا يعن انحرافا فلا محال بقرينه عقليه ان الامر بسؤال الا الرسول فاذن الاية ليس لها مفاد عام سؤال كل من كان
اشكال ثالث : ان (فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) الغايه تحصيل العلم لا الخبر الواحد الظني فالسؤال الى ان يحصل لكم العلم وهذا خارج عن ما نريد لانه نريد خصوص الظن او مفاد عام يعم الظن بينما هنا خصوص العلم فلا تفيد الاية في المقام
اشكال رابع : ومهم (فسئلوا اهل الذكر ان كننتم لا تعلمون) لماذا اسئلوا اهل الذكر يعني جواب اهل الذكر منطلق من كونهم اهل علم يعني ليس جواب عن حس ونقل وسمع كالرواة لان فسئلوا اهل العلم اهل الفتيا والفقاهه واسئلوا يعني استفتوهم وهم يفتونكم لان منشأ الحجية او منشأ الارجاع اليهم كونه اهل ذكر وعلم و ليس اهل سمع ونقل وحفظ انما اهل ذكر مثل مما مر بنا (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم) انذار مترتب على التفقه والفهم وليس على النفور والنقل فالاية بغض النظر للاشكالات السابقه تصلح لحجية الفتيا وليس لحجية النقل هذه اشكالات اربعه على الاية
الاجابة على الاشكالات : اما الاشكال الاول صحيح مورد الاية (وما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهم فسئلوا) موردها اصل النبوة ولكن كما مر اذا كانت اخبار الحسيه المتراكمه تولد علم ويقين حسي في الاصول الاعتقاديه لا في تفاصيل الاعتقادات هذا يدل ان الاخبار الحسيه والنقولات اذا اجتمعت مع اجتماعها هي بنفسها والعلم المتولد منها يعتد به بلحاظ منشئها وهذا نوع اعتبار لنفس الاخبار وله في حال الانظمام لانه المفروض كما ذكرنا في بدايت حجية خبر الواحد نحن لسنا بصدد حجية خبر الواحد اذا انفرد حتى مع القرائن النقليه والضمائم ، نقطه ثانيه لهذا الجواب عن الاشكال الاول وهي ان قبول خبر الواحد الجانب الحسي في الاعتقادات ليس في مجمل مجموع الاعتقادات كما مر وانما في ما يعتمد على الحس يعني الاعتقاد منظومه بعض لا يتم اثباته الا بالعقل وبعضه بضميمة العقل والحس فهنا زاويه العقل الحس وليس الحس وحده من ذي الزاويه بالتالي بنفس هذه النقطه نستطيع ان نقرر ان الاية ( فسئلوا اهل الذكر) تقرر ان قنوات العلوم النقليه او القرائن النقليه او الاثار النقليه يعتمد عليها ولو بضميمة العقل وهذا التقريب الاجمالي العام الموجود في الايات لانه قد تقرر وثبت في محله ان الجزم والسكون لا بد ان يستند الى منشأ بالتالي هذا امضاء لهذا المنشأ وهو منظومة العلوم النقليه وهو امضاء اجمالي وهذا جواب مر في الايات المتعدده فلا اختصاص بمورد الاعتقاد لهذه النكته مع ان الاعتقاد له خصوصيه يطلب منه اليقين فكيف لا اختصاص بهذه النكته وهي ان اليقين يعتمد القطع انما يعتمد عليه اذا كان منشأه اليقين وهذا امضاء لمنظومة العلوم النقليه لا العلوم الغريبه الخ وهذا الاشكال ليس خادش بل هو داعم .
اما الشكال الثاني : وهو ان مورد الاية اهل البيت عليهم السلام : وقبل ان نبين ان هذا الشكال ليس خادش انما هو داعم ايضا ، نذكر مبحث حساس مهم في التفسير يجب توضيحه وهو يؤثر كثيرا وهو ماده اساسيه في كل العلوم الدينيه الشيخ الانصاري ينقل لتوضيح مقدمة هذا التفسير ينقل الشيخ الانصاري عن استاذه ابن صاحب الرياض انه ليس الروايات ضعيفه او غير ذلك يقول نبقي الاية على ظهورها وهو مطلق اهل الذكر والبعض قال ان المراد بأهل الذكر اليهود والنصارى في سياق الاية (وما ارسلنا قبلك الا) بالتالي ليس في محل تعميم كل سؤال اهل الذكر بعتبار ان اليهود والنصارى كانوا اتباع انبياء السؤال منهم يورث اليقين بأنهم اذا قالوا رسل الله بشر ورجال فهذا الكلام يورث اليقين من جهة انه لا مصلحه لهم في تصديق خاتم الانبياء ومن جهه انهم اتباع الديانات السماويه ، وهنا في روايات اهل البيت بيُن ان (فسألوا اهل الذكر) هم ال الرسول قد يسئل سائل انه كيف هذه الروايه ان المسئولين اهل الذكر هم ال الرسول مع اننا ذكرنا قرينتين على هذا اولا القرينه الاولى ان في القرأن الذكر هو اسم من اسماء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مثل ال يس في سورة الصافات (سلام على ال يس) لو كان الياس لا يقال ال يس ياء ونون من اين اتيه لا توين ولا غيرها في اللغه العربيه غير موجود وكذا في اللغه العبريه ال يعني الرحم ال فسواء قرأت الياسين او قرأت ال يس ليست الياس ونفس هذا الاستدلال في اهل الذكر في (انزلنا اليكم ذكرا رسولا) كذالك في هل الذكر ، وقرينه اخرى في الروايات وهي انه كيف الله تعالى يرجع الى اليهود والنصارى وهم منحرفين لو امر بأتباع اقوالهم وسيمى في مبحث النبوة لادخلوا المسلمين الى اليهوديه او الى النصرانيه فكيف يعتمد عليه وليس مراد القرأن هذا وفي بيانات اهل البيت انه ليس معقول المراد من اهل الذكر اليهود والنصارى وقد يسئل سائل ان الكفار عندما لا يعترفون بالنبي كيف يعترفون بأهل بيته ونظير هذا موجود في سورة الرعد (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) فمن عنده علم الكتاب لم يسلم من النصارى واليهود في مكه احد كي يرجع اليهم القرأن لذا بعض المفسرين قالوا بأن هذه الايه نازله في المدينه وفي الحال والوقع لو ددق في الاية ظروري ان تكون مكيه لان سياق الاية واحد لان كل الايات التي قبلها مكيه ................
[1]
سورة البقرة اية 159
[2]
سورة البقرة اية 228
[3]
سورة النحل اية 43
[4]
سورة الانبياء اية 6