بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/07/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : تقريب اخر لدلالة اية النفر
 كان الكلام في اية النفر (فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا لعلهم يحذرون) [1] عمدة الاشكال كان من الشيخ الانصاري والاخوند ان الحذر ليس فيه الاطلاق فلعله مترتب على العلم الحاصل فيه الانذار الاشكال الثاني ان الانذر نوع اجتهاد وليس اخبار محض لان المنذر يستنبط ان هذا الحكم لزومي او ماشاكل ذلك فينذر به بالتالي ليس نقل محض وانما فيه اجتهاد اذن هي في صدد حجية الفتوى ويدعم هذا الاشكال ان هنا الانذار مترتب على التفقه وانذار الفقيه غير انذار الراوي او انذار الناقل بما هو ناقل فهناك وساطه للفهم والاستنتاج وما شاكله هذا عمدة الاشكالين
 ثم ذكرنا ان المحصل يذكره الشيخ عن جمله من المتأخرين ان هذه الاية في وجوب السعي الى العلم وما شابهه بعتبار (فلولا نفر) امر بالسعي لتحصيل العلم بالتالي هذا المحصل الذي يعترف به الامشهور يفيدنا لان هذا المحصل عباره عن الامر بأيجاد بنيان العلم النقلي والعلوم النقليه والقرائن النقليه العقلائيه وهو دليل اجمالي عام مجموعي على ان هذا النقل يعتمد عليه والقرائن النقليه يعتمد عليها سواء كانت بدرجة تحصيل الاطمئنان او بدرجة تحصيل المتاخم للعلم او بدرجة خبر الثقه بالتالي نظام العلوم النقليه يعتمد عليها لانه كما مر بنا في اول حجية القطع واليقين ان الحجية ليست للحاله الجزميه ولا لحالة الكشف والتكشف بالدقه الحجية ترجع الى السبب فعندما يمضى ذلك الجزم والكشف فهو يدلل على ان المنشأ معتمد معتبر فهو امضاء لهذه المناشئ واي امضاء امضاء في حالة الانضمام او في حالة الانفراد نعم الانضمام بلا ريب قدر متعين اما في حالة النفراد ليس هو قدر متيقن ولكن بعتبار ان هذه الاية الكريمه في صدد امضاء هذا البناء العقلائي بما يعم حتى بناء الشريعه وما شابه ذلك لكن بشرائط القدماء من صحة الموضوع وغيره وهذا تقريب اولي للتقريب بدلالة الاية الكريمة
 وهناك تقريب اخر لمفاد الاية : ان الاية صحيح وان رتبة الانذار فقط لكن الاية الكريمة ايضا امرت بالسعي الى النقل كما امرت بالسعي للتفهم والتفقه والاجتهاد والاستنتاج (فلولا نفر من كل فرقه منهم طائفه) هذا النفر هو النقل فهناك حلقه قبل الفقاهه هي حلقة النقل فالنقل اعتمد عليه في التفقه و بالتالي ليست الحجية فقط للانذار المترتب على التفقه ايضا التفقه مترتب على النقل فأمضاء الانذار او الحذر حتى للفقيه بالتالي هو امضاء للنقل لانه ذكر النقل كواسطه وبعباره اخرا نقرر هذا ان امضاء الفقاهه والفتيا منطوي على امضاء النقل لان مصدر الفتيا حدد في الاية الكريمه هو النقل عن المعصومين مع التدبر والدراية والاستنتاج فهو امضاء اجمالا للنقل ودعوى المرحوم الاخوند والشيخ انه لا اطلاق بالانذار فكيف بالتفقه ، بالتالي اطلاق موجود او غير موجود يعتمد على تقرير وقولبت مفاد الاية المفروض ان مفاد الاية يشير الى السيره العقلائيه
 اذن بقرينة عقلائيه وامضائيه نستطيع ان نقرب الاطلاق في الاية مثلا في الفتيا احد توهم من مفاد الاية ان الحذر واجب على عموم الناس اذا اوجبت له الفتيا العلم بمعنى العلم التكويني طبعا لا لانه واضح في الاية (لولا نفر من كل فرقه منهم طائفه) فليس بالضروره كلهم يبلغوا مستوى واحد فهم طبقات متفاوته فكون مصب الاية في موارد الاجتماع المولد للعلم سواء كان في مقام الفتيا او في مقام النقل خلاف طبع القضيه العقلائيه التي الاية في صدد امضائها فمنع الاطلاق محل تأمل كما انه لم يمنعوا الاطلاق في الفتيا هنا الاية فالكلام الكلام لاسيمى الفقيه اهل الحذاقه اكثر من العامي فالعامي اذا عتمد على فتيا واحده الفقيه وان عتمد على روايه واحده ويزنها مع محكمات الكتاب والسنه وعدم المخالفه صحة المضمون الراوي جهته العلميه وهلم جرى فالانصاف ان بهذا التقرير الاية الكريمه ايضا دالة على حجية النقل المتقدم على حجية الفتيا لانه الاية تعين ان مصدر الفتيا النقل وليس الاستحسان والعلوم الكشفيه او الشهوديه او الغريبه او غيرها انما الفتيا نظير ما في الروايات (أنظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا فليرتضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله) [2] فهي نفس (فلولا نفرا من كل فرقه) يعني مصدر علم التفقه هو العلوم النقليه وليس مصدر التفقه والفتيا ليس لاحد حق ان يتصدر للفتيا وهو لم يتخذ مصدر علومه النقل والعلوم النقليه عن المعصومين فهذا لا يعتمد عليه والاية الكريمه تحدد نظام العلوم الدينيه لكل طبقات اهل الدين سواء للفقهاء انفسهم او العوام عندما يستندون للفقاء والاية كما اعترف بذلك المشهور بصدد ارساء منظومة العلم النقلي وهذه صرحة بحلقات وخطوات العلم النقلي فالصحيح بتقريب الايه الكريمه دالة على حجية خبر الثقه والموثوق به بطريق اولى فالاية تامة الدلالة لانها صرحة بالنقل كما صرحة بالفتيا
 تقريب اخر ذكره صاحب الكفاية واعتمده الاصفهاني : في موارد عديده حتى الانصاري اعتمده قبل الاخوند في دلالة اية عديده ستأتي ، التقريب هو ان الفتيا قديما كانت بالنقل يعني الفتيا كانت تتخذ طابعا بسيطا وليس معقدا مثل عصرنا الحاظر او الاجيال الاحقه ففي عهد صدور الروايات فتيا الفقهاء مع نقلهم للروايات على نسقاٍ واحد وسيأتي انشاء الله الشيخ الانصاري يستشهد بروايات موجوده في ابواب صفات القاضي الباب الثامن والحادي عشر في مجلد كتاب القضاء في الوسائل ، عدة روايات الراوي يسأل الامام انه ربما تعن لنا المسأله في ديني وليس لدي قدره في الوصول اليك في كل اوان فماذا اصنع فالامام يرجعهم الى زراره او الى ابي بصير او الى محمد ابن مسلم او الى ابان ابن تغلب او الى الحارث ابن المغيره الخ فالائمه يرجعون الاروات او عموم المؤمنين الى هؤلاء الفقهاء الكبار ، في نفس تلك الروايات التي ذكرناها الان الامام يعلل ارجاعه لهم بانهم رواو حديث الباقر او حديثه كثيرا يعني بما انهم رواو عنهم كثير فالاخذ بمتن الرواية تطبيقها بالمورد الجزئي هو عباره عن فتيا ، فالفتيا كانت قريبة الافق جدا من النقل مع شيء من الزياده يعني استنتاج عباره عن تطبيق فقط وكثير من الاعلام يقولون الفتيا في عهد النص هي عباره عن نقل الروايه وهذه الدعوى لا نقبلها بقول مطلق لانه هناك مظاهر للفقاهه والاجتهاد في عصر النص اي في عصر الباقر والصادق وحتى قبلهم عليهم السلام وبعدهما فيها ترجيح وفيها تخصيص وفيها تؤويل وفيها تتقيد فموارد في الروايات كثيره نستطيع ان تستشهد بها لكن في الجمله او كثير او الاكثر هي عباره عن استنباط بسيط هذا صحيح لا اكثر من النصف المهم انه نصف الموارد نستطيع ان نقول كانت هكذا صحيح
 اذن هذه المراحل الابدائيه من الفتيا مقاربه جدا مشارفه للنقل اذا كانت حجه بالتالي النقل حجه لان هذه الفتوى بالدقه هي نقل مع شيء يسير من عناية تطبيق المعنى الكلي على المورد واذا كانت هذه حجه فالنقل حجه لان هذه الفتيا منطويه على النقل وهذا التقريب اعتمده الاخوند في دلالة اية النقل وهو لا بأس به وصحيح وذكرناه سابقا بمعنى اخر من انه حجية الفتوى التي اعترف بها الشيخ كمفاد لاية النفر هي منطويه على النقل فلا يعقل ان تكون الفتوى حجه ومصدرها ليس بحجه وبلا شك ان المصدر قد صرح به بالاية وهذا تستطيع ان تقول تقريب ثالث ذكره المرحوم الاخوند وهو ان الفتيا كانت بسيطه عباره عن نقل بزياده يسيره بالتالي اذا كانت الاية في صدد حجية الفتيا تكون حجة ايضا في صدد النقل وتستطيع ان تقول الفتيا البسيطه لها جامع مع النقل فالنقل وعملية النقل عندما تتصاعد ضبطا تشارف على الاجتهاد وتتذكرون القدماء يشترطون في حجية الروايه والراوي صفات علميه وصفات علميه صحة المضمون وصحة الكتاب يعني موقف الطائفه اتجاه روايات ذلك الراوي وهذا نوع شروط تقارب الشروط الابتدائيه في الاجتهاد وهذا مبنى القدماء تقريبا في حجية الخبر الواحد وخبر الثقه انه لا يكفي في حجية الخبر صرف الصفات العمليه لنقل الراوي ، وهذا تمام الكلام في تقريب اية النفر على حجية خبر الموثوق به وخبر الثقه
 الشيخ في نهاية المطاف بعد تمام الايات يعترف اجمالا بأن خبر الموثوق به انصافا يستفاد من الايات مع انه هنا يستشكل وهذا بالنسبه لاية النفر اما بالنسبه الى اية الكتمان في سورة البقرة ومر بنا ان اية النفر واية الكتمان واية السؤال (فسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) [3] التي هي ايتين في سورتين سورة النحل وسورة الانبياء واية الكتمان هذه الايات الثلاث تشترك في مفاد واحد وان كان لكل اية خصوصيه كما مر بنا لكن تشترك في بناء واحد وهو تشيد وبناء العلم النقلي والقرائن النقليه امضاء الى صرح العلم النقلي وهو التعليم والتعلم للعلوم النقليه وهذا تقريب اجمالي لكل الايات بل مر من الشيخ اعتراف ليس فقط لخصوص لهذه الايات الثلاث بل كل الايات التي تتعرض الى حرمت الكتمان ووجوب التعليم ووجوب الارشاد ووجوب الانذار ايات عديده هي في صدد امضاء العلوم النقليه عن المعصوم وعن الوحي في سورة البقره (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) [4] فهذا تحريم للكتمان مع ايجاب النقل ايجاب الاذاعه وهذه الاية تركز اجمالا على هذا النظام النقلي في العلوم النقليه عن الوحي فالاية فيها لفته (يكتمون ما انزلنا) وليس انكشف لهم بعلوم غريبه واراء مستحسنه والاية تصرح ان مصدر النقل سواء كان التبين بصورة النقل او التبين بصورة الفتيا هذه من الايات التي جعلة لحجية الفتوى لان البيان اي بيان سواء كان بصورة النقل البسيط الروائي او النقل بصورة الاستنتاج فكله بيان فالاية فيها دلاله جهة الفتيا بعتباره انه موجود في الكتاب لكن بحاجه الى الايضاح والشرح للعموم الناس فبالتالي لها دلاله على حجية الفتيا وحجية النقل بعدها يقول تعالى (ِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [5] يعني كتمانهم لما انزلنا من البينات فضلا عن تحريفهم لما انزلنا من البينات فهو تحريف يشتمل على الكتمان فهو سبب بنيان اجتماعي منحرف لذلك لم يقتصر تعالى على توبتهم بل يقول واصلحوا يعني في مقابل انهم كان قد افسدوا وهذا اجمالا يستفاد منه حتى حجية القضاء ان القضاء والفتيا سلطه تشريعيه المعتمده على العلوم النقليه حجه


[1] - سورة التوبة اية 122
[2] - وسائل الشيعه ج الاول ص30
[3] - سورة الانبياء اية 7
[4] 4 - سورة البقرة اية 159
[5] - سورة البقرة اية 160