بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : ادلة حجية خبر الواحد :
 مر في الدرس السابق انه هناك اشكالان في دلالة الاية على حجية خبر العادل الاشكال الاول ان الشرطيه مسوقه الى تحقيق الموضوع والإشكال الثاني ان المنطوق مشتمل على تعليل هذا التعليل يعم خبر العادل
  وبالتالي يمانع اصل كون الدلاله على المفهوم لا انه يعارض في الدلاله على المفهوم بل يمانع تكون الدلاله على المفهوم و إلا لو فرض ان المفهوم قد تكون وتقرر لكان المفهوم اخص من عموم التعليل للمنطوق فيخصصه ولكن التدليل هنا وجوده في المنطوق يمانع تكون المفهوم وهذا من قبيل القرينه المتصلة او القرينه المحتفة التي تمانع اصل تكون المفهوم على اية حال الجواب على الاشكال الاول المعروف لدا الاعلام هو ان الشرطيه المذكورة في الاية ليست نبأ الفاسق كي يقال ان الشرطيه مسوقه لتحقيق الموضوع بل الشرطيه هي مجيء الفاسق يعني كون المخبر فاسق وأما الموضوع فهو طبيعي النبأ ولم يقيد بقيد والطبيعي النبأ قابل للتواجد في المنطوق وفي المفهوم فأذن هذا الذي وصلنا اليه امس من ان الجمله اللفظيه سواء نحويه او بلاغيه هل هي منطبقة على الجمله الاصوليه والفقهية ام لا الامر الضروري الذي يجب الالتفات اليه في يوميات الاستنباط ان الموضوع الاصولي ليس هو الموضوع المنطقي والموضوع الاصولي ايضا ليس هو المبتدأ النحوي كما قد يتخيل الموضوع الاصولي عبارة عن القيود التي تؤخذ سبب للحكم قيود الوجوب يعني سواء وجوب او كراهة او حرمه او ملكيه او زوجيه حكم المراد فيه ليس الوجوب أي حكم تكليفي او حكم وضعي المراد من قيود الحكم اي قيد لأي حكم
  اذن الموضوع الاصولي والفقهي الذي يريد ان يستنبطه المستنبط في يوميات الاستنباط ليس ليس هو المبتدأ النحوي او الموضوع المنطقي او أي موضوع لغوي اخر الموضوع الاصولي خصوص قيود الحكم كذالك في الفقه القضية الفقهيه او الاصولية هناك محور غير الحكم وغير الموضوع هناك محور ثالث يسمى بالمتعلق وهو ما يرتبط بالحكم لكن ليس هو حكم وله موضوع ربما البلاغي يجعله موضوع لكن الاصولي لا يجعله في طرف الموضوع ولا في طرف المحمول وإنما يجعله متعلق يعين الشيء الذي يندب اليه الحكم اذا كان تكليفي او يتعلق فيه ويكون موضوع بالمعنى الاعم فالمقصود هناك ثلاث محاور في القضية الفقهيه او القضية الشرعيه او القضية الاصوليه
 اذا كان الحال كذالك فيجب ان لا ينساق الباحث في الاستنباط نحو حرفية تركيب الجمله النحويه او الجمله البلاغيه بل هو بالدقة وراء هذه المحاور في القضية الشرعيه من ثم هنا نلاحظ في اية النبأ (اذا جاءكم فاسق بنبأ ) بللحاظ الموضوع الاصولي والمتعلق في القضية الشرعيه النبأ والموضوع في القضية مجيء و كون المخبر فاسق هونا انطباعا من باب اتفاق القضية النحويه اوالبلاغيه متطابقة مع القضية الشرعيه من ان النبأ لم يجعل اصل الشرط لان اصل الشرط مجيء الفاسق فلا مجال لهذا الاعتراض بالدقة مع التأمل بالدقة اما جعل نبأ الفاسق هو الشرط المذكور في الاية تحوير لان المذكور في الاية هو كون المخبر صفته فاسق هذا هو الشرط والمتعلق لم يجعل شرط
 الميرزا النائيني له بيان اخر للجواب عن هذا الإشكال وبيانه متين يقول (انما تكون الجمله الشرطيه مسوقه لتحقيق الموضوع في ما اذا توقف المفهوم على انتفاء تمام الشرط )
 فحينئذ ينتفي الموضوع تمامه بانتفاء تمام الشرط لأنه لا يكون للجملة الشرطيه مفهوم مثل ان رزقت ولد فختنه فالمفروض هنا ان لم ترزق ولد نفي الشرط ينفي تمام الموضوع فالمفهوم هنا ينتفي بانتفاء الشرط وانتفاء الشرط ينفي تمام الموضوع وأما في الموارد التي يكون للمفهوم تقرر بانتفاء بعض الشرط يعن يفي ماذا كان الشرط مركب فيمكن تركب احد الجزأين بدون انتفاء الموضوع مثلما نحن فيه ينتفي الفسق بدون ان ينتفي النبأ يمكن اذا جاءكم غير الفاسق مثلا عادل فهنا جزء الشرط ينتفي وهو عنوان الفسق لان الشرط هنا وصف صاحب الخبر ونفس الخبر لأنهم جزأن في الشرط فإذا انتفى احد الجزئين ليس بالضرورة ينتفي الموضوع فإذا بقي يمكن ان يحمل عليه المفهوم
 اذن الجمله الشرطيه التي تكون مسوقه لتحقيق الموضوع تلك الجمله التي بانتفاء الشرط ينتفي تمام الموضوع فلا يبقى للمفهوم محل يقرر عليه وأما اذا انتفى يمكن ينتفي الشرط بانتفاء جزء الشرط فيبقى الموضوع ببقاء الجزء الثاني فيمكن تقريره
 فيجب ان لا نسارع بالحكم على القضية التي جعل في شرطها موضوع الحكم لأن هذه القضية مسوقه لتحقيق الحكم لأنه اذا ذكر في الشرط جزء اخر ضميمه ليس هو موضوع الحكم فيمكننا تقرير المفهوم بانتفاء احد الجزئين يبقى الجزء الاخر الذي يمكن ان يحمل عليه المفهوم وبهذا التعبير الذي ذكرته الان في تقرير الميرزا النائيني او تقرير كلام الاعلام فيه مسامحه وخطأ -لان النبأ هنا ليس موضوع الحكم انما هو متعلق الحكم لان الحكم وجوب التبيين في الجزاء الموضوع الاصولي كون صاحب الخبر فاسق يعني الجائي انما هنا موضوع منطقي وليس اصولي فأن النبأ هنا في الحقيقة موضوع منطقي وليس اصولي النبأ متعلق الحكم اين نتبين اكيد التبين بمتعلق الخبر طبعا بالدقة امر بالتبين يعني التبين هو المتعلق بالدقة والخبر هو متعلق المتعلق ومر ان متعلق المتعلق فرع المتعلق وهو متفرع على الحكم مباشرة غير الامر هذا التبيين كمتعلق ايضا هو متعلق لشيء اخر وهو النبأ - متعلق المتعلق محور رابع في القضية الشرعيه عندنا محور الموضوع الاصولي له قيود الوجود وعندنا محور اخر وهو الحكم سواء تكليفي او وضعي وعندنا متعلق التبيين هنا فحص متعلق والكثير من الاصولين قالوا عندنا شي رابع في القضية وهو متعلق المتعلق بعض الاصولين يدرجه في موضوع القضية الشرعيه فتبقى المحاور عنده ثلاثة وهذا مبنى النائيني وأكثر تلاميذه والسيد الخوئي وأكثر تلاميذه لكن الصحيح لا يجعلون متعلق المتعلق في الموضوع الشرعي وهو المختار وان متعلق المتعلق ليس قيد شرعي في الموضوع الشرعي نعم لا يوجد استحاله قد يكون الشارع يدلل ان متعلق المتعلق قيد شرعي وهذا لا ننكره انما الذي يمنع ان مجرد كون الشيء متعلق المتعلق ليس دليل على كونه جزء الموضوع قيد شرعي للحكم اما اذا اتت دلاله في جمله وفي الدليل الدال
 نرجع الى نفس المطلب وهو النبأ هنا في الاية(يا ايها الذين امنوا اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) [1] على مسلك الميرزا النائيني متعلق المتعلق يرجع الى الموضوع الشرعي اما على مسلك المشهور اصل النبأ ليس موضوع شرعي انما النبأ متعلق المتعلق الموضوع الشرعي كون صاحب الخبر الجائي كونه فاسق
 هذه الظابطه التي ذكرها النائيني تلخص ان الجمله الشرطيه المسوقه لتحقيق الموضوع انما هي تلك الجمله التي اذا افترضنا انتفاء الشرط انتفاء لتمام الموضوع المتعلق في متعلق فلا يبقى للمفهوم محل يحمل عليه مثل اذا رزقت بولد فختنه فأذا لم يرزق فينتفي اما مثل ما نحن فيه النبأ يمكن بقائه مع انتفاء فسق المخبر ففي هذه الصوره الجمله الشرطيه لا تكون مسوقه لتحقيق الموضوع وكما مر في بعض العبارات وهذا تمام الكلام في الجواب عن الاشكال الاول
 الاشكال الثاني انصافا اثارته مثمره جدا وهو ان وجود التعليل في (يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) [2] فتتمة الجزاء في المنطوق تعليل ان (تصيبوا قوما بجهالة) هذا التعليل قالوا حجية خبر الفاسق ايضا يمنع خبر العادل لأنه نفس العلة والمناط موجود فيه ان تصيبوا قوما احتمال خطا لعدم العلم فهذا التعليل في المنطوق يمانع تكون المفهوم لا ان المفهوم يتكون ومع ذالك يسقط هذا التعليل يسبب اجمال الكلام ممانعة عن تكون المفهوم نعم لو تكون مفهوم المفهوم الاخص يقدم على العموم ولو كان منطوقا لقوة الخصوص في الاية شرط وجزاء والجزاء معلل يعني هل موضوعه خبر الفاسق او موضوعه العلة وهو احتمال الخطأ ان تصيبوا قوما بجهالة والخطأ بسبب عدم العلم وهذا العموم اذا اتت ادله اخره بحجية خبر العادل تخصص هذا العموم لأنه ليس ممتنع عن التخصيص لكن بلحاظ نفس المفهوم يمانع تكون مفهوم
 


[1] - سورة الحجرات اية 6
[2] - المصدر السابق