بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: حجية خبر الواحد
 إجمالا مرّ ان أدلة المانعين عن حجية الخبر الواحد التي ذكرها الشيخ قد تم توظيفها ليس لأصل المنع عن حجية الخبر الواحد وإنما لشواهد اخرى
 وقد استشهد الشيخ بروايتين للدلالة على ان هذه الروايات ليست تمنع عن أصل حجية الخبر الواحد والحال ان هاتين الروايتين تصبّان على مصب ماذهب اليه المتقدمين من اشتراط شرائط صحة المضمون وصحة الكتاب وماشابه ذلك
 فيستشهد بهذه الروايات المانعة عن الخبر الواحد ليس في صدد ابطال الخبر او ليست في صدد الموافقة التفصيلية وهذا الخبر موجود في بصائر الدرجات
 بصائر الدرجات ج 1 الحديث 11 عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) نه قال ماوجدتم في كتاب الله فالعمل به لازم ولاعذر لكم في تركه ومالم يكن في كتاب الله تعالى وكانت فيه سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي ومالم يكن فيه سنة مني فماقال أصحابي فقولوا فيه فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيهما أخذتم اهتديتم وبأي أقاويل أصحابي أخذتم إهتديتم واختلاف أصحابي رحمة لكم، قيل يارسول الله من أصحابك؟ قال أهل بيتي أي شركاء في المسؤلية والهداية الالهية
 فيقول الشيخ الأنصاري ان هذا الخبر صريح في انه قد يرد من الائمة (عليهم السلام) مالايوجد في الكتاب والسنة
 ولكن المراد من (لايوجد في الكتاب والسنة) هو ان لايوجد تفصيلا فبالتالي لابد ان يتطابق ماوجد عن أهل البيت (عليهم السلام) مع الكتاب والسنة
 و رواية اخرى ذكرها الشيخ وهي رواية عيون اخبار الرضا عن الميثمي ج2 الحديث 21 وفي الوسائل في أبواب صفات القاضي الباب 9 الحديث 21 فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام ومأمورا به عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمره وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الأخير خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكرهه ولم يحرمه فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا وبأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما لم تجدوه في شئ من هذا الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك فإن الرد اما بمعنى مقايسته الى ثوابت روايات الائمة (عليهم السلام) أو التوقف فيه
 المهم إجمالا ان هذه الروايات متعددة جدا وان الكثير منها في صدد أصل حجية الخبر الواحد وتشترط في حجيته الموافقة وعدم المخالفة نعم مرّ ان معنى الموافقة والمخالفة هو أمر بالغ التعقيد
 ومن البحوث المرتبطة باصول القانون في علم الفقه وعلم الاصول هو هذا البحث
 أما بالنسبة للآيات الناهية عن الظن فسياتي البحث فيها مفصلا حيث ان البعض حملها على اصول الدين وهو صحيح والبعض حملها على العمل بالظن في قبال وجود الدليل اليقيني او في قبال امكانية وجود الدليل اليقيني وهذا القول أصح من سابقه
 وذكر هنا حمل ثالث وهو العمل بالظن بما هو ظن من دون ان يرجع في حجية الظن واعتباره من دون اليقين وهذا الحمل لابأس به فان هذه المحامل الثالثة ليست مانعة الجمع
 فإن هذه الأدلة تدل على ان الظن بنفسه وفي نفسه لايمكن التعويل عليه وان كان أصل الاحتمال منجزا فضلا عن الظن
 ثم ان قوله تعالى في قتل النبي عيسى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا فمع ان الحس يقين الاّ ان الله تعالى يسمي اليقين وهو الحس في قبال اعلى منه وهو معجزة النبي عيسى مما يدل على الظن في اصطلاح القران ليس الظن بمعنى الكشف غير التام في نفسه فالكشف الناقص في قبال كشف أقوى منه يسميه القران الكريم بالظن
 فإن هذه الآيات تصب في صالح المشهور من ان خبر الواحد مضموناً لابد من تعاضده بشاهد بأن يتعاضد أو يؤل الى يقين فهذه الأدلة التي ذكرها المشهور ومنها آية النبأ تصب في صالح المتقدمين
 هنا لابد الالتفات الى ان جملة من أدلة حجية الخبر الواحد قد استدل بها على حجية الخبر الواحد وأيضا استدل بها على حجية فتوى المفتي مع ان الخبر الواحد المفروض فيه النقل الحسي اما فتوى المفتي فهي بعيده عن الحس بل هي سباحة في عالم المعاني لكن الذي يجمع بينهما انهما حكاية فان الجامع بين الخبر الواحد وفتوى المفتي هو الحكاية
 لذا ففي جملة من أدلة حجية فتوى المجتهد عبر عنه بالراوي أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فقد عُبّر عن الفقيه بالراوي لأن مصدر فقهه هو روايات أهل البيت (عليهم السلام) وهناك قرائن كثيرة على ذلك
 فهناك جامع بين الفتوى والرواية وان هذا الجامع قد قربه جملة من الاعلام في ادلة حجية الخبر الواحد وأيضا في أدلة حجية المفتي وسيأتي ان أحد أدلة حجية الخبر الواحد هو نفس آية النفر
 هنا مطلب آخر في هذه الأدلة وهو ان بعض هذه الأدلة قد استدل بها على وجوب الفحص كما انه قد استدل بها على حجية حكم القاضي مع انه لابد من معرفة الجامع والصلة بين حكم القاضي وبين الراوي وبين فتوى المجتهد
 وقد استدل أيضا بهذه الأدلة على لزوم الفحص ليس بالفروع بل في المعتقدات واصول العقائد فسألوا أهل الذكر ان كنتم لاتعلمون وان هذا أيضا له جامع مع تلك الامور
 فقد يتخيل الباحث ان هذه الأدلة خاصة بحجية الخبر الواحد ولايمكن الاستدلال بها في مقامات اخرى الاّ ان هذا التصور غير تام لأن هذه الأدلة فيها معنى جامع لايظهر في سطح اللفظ ويحتاج هذا المعنى الجامع الى تحليل صناعي
 الدليل الاول: ان أول تلك الأدلة التي استدل بها ياأيها الذين آمنو ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين وان مفهومها اجمالا سواء من جهة الجملة الشرطية أو من جهة مفهوم الوصف
 وان أصل ورود هذه الآية الكريمة ومحل نزولها هو ان الوليد بن عقبه أرسلة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لأن يأتي بالزكاة من بني المصطلق فكانت بينهم في الجاهلة غضاضة فرجع وقال بأنهم قد منعوا الزكاة مع انهم لم يمنعوا فنزلت الآية ياأيها الذين آمنو ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب اليكم الإيمان وكره اليكم الفسوق وهذا دليل على عصمة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في الموضوعات وليس فقط في الوحي