الموضوع: حجية ظواهر القران الكريم
كنّا في صدد استعراض جملة من الملاحظات على منهج الأخباريين ومنهج العلامة الطباطبائي
ووصلنا الى ان نظام القران الكريم ذو طبقات كما ان السنة المطهرة ايضا ذو طبقات وان القدرة عليها بين ابناء البشر متفاوتة
وان هذا التفاوت جعل الأخبارين الذهاب الى نحو من نوع تعطيل الكتاب إجمالا ومن ناحية فان وجود القدرة المتوفرة وكونه نظام ذو منظومة قد يغني عن الرحوع الى بيانات أهل البيت (عليهم السلام) ولكن كلا النظرتين فيهما نوع من عدم الموازنة الكاملة
ومن باب الملحوظة على الأخباريين نقول انه لو كان علو وشموخ مضامين القران وطبقاته ودرجاته موجب لتعطيل ما قجر عليه من مفاد القران وما فهم منه لكان ذلك يتأتى في سنة المعصومين (عليهم السلام) لأنه ورد ان السنة المطهرة ذو طبقات ودرجات الى ما شاء الله
كما ورد عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال رحم الله امرئ سمع مقالتي فو عاها وفي ذيله يقول رب حامل فقه الى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه مما يدلل على ان حديثه (صلى الله عليه واله وسلم) ذو درجات وطبقات مهما تعاقبت الأجيال وتنامت قدرت الفهم عندهم
لذا فان لأحاديثه (صلى الله عليه واله وسلم) رتبة خاصة عند العلامة المجلسي (رحمه الله) وتبعه على هذا المنهج السيد البروجردي وهذا المنهج هو نعم المنهج فان الأصل فيه هو المتن القرآني ثم المتن النبوي ثم المتن لأصحاب الكساء ثم لبقية الائمة (عليهم السلام) فلو كان هذا موجبا لعلو مضامين القران الكريم وشموخها لاتتأتى بنفسها في سنة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والمعصومين (عليهم السلام)
كما ان بعض المخاطبين في سنة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والمعصومين (عليهم السلام) ليس المخاطب به عموم الفقهاء بدليل نفس نص النبي (صلى الله عليه واله وسلم) المروي عن الفريقين رب حامل فقه الى من هو أفقه منه أي الدرجة الأعلى من الفهم والفقاهة يخاطب بسطح من المراد لم يخاطب به الفقيه الأدنى
فالأفقه يخاطب بالأدلة الشرعية حسب بيان سيد الأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم) ولايخاطب بها الفقيه فالمعنى بالخطاب طبقات ودرجات فهذا لايكون موجبا لما توهمه الأخباريين
كما انه لايوجب القول بتفسير القران بالقران فهل للعوام ان يقولوا بأننا نتعلم المنهج ولاحاجة للفقهاء؟ فهذا الأمر لايمكن بل ان الفقيه يحتاج الى الأفقه ومعه فلايمكن الاستغناء عنهم حيث ان العاجز يحتاج الى العالم
ولذا ورد في وصف سيد الأنبياء (صلى الله عليه واله وسلم) انه أمين الله على وحيه وعلى رسله فان الرسل يحتاجون الى أمين كما ورد في سيد الأوصياء (عليه السلام) السلام عليك ياركن الأولياء وعماد الأوصياء فالأوصياء يحتاجون الى عماد وبنفس هذا المنوال فلابد من الحاجة الى الفقهاء ومعه فلا يمكن الاستغناء عن المعلّم الالهي
فالصحيح هو المنهاج الوسطي المشهور عند الامامية وهذا المنهاج الوسطي متزن وفيه لملمة للجمع بين النظريتين
ثم ان مع ملاحظة العلوم الاخرى من الرياضيات والفيزياء والكيمياء والسياسة والقانون وبقية العلوم فمثلا علم الرياضيات وبإقرار العلماء قديما وحديثا انه بإمكانه حل كل المعادلات في الكون فهو علم كامل لانقص فيه ولكن الكلام في انه من له القدرة على استخراج هذه المعلومات من علم الرياصيات فانه علم لامتناهي ويمكن استكشاف معادلاته الى أبد الدهر وهذا يعني ان الحقيقة غير متناهية وهي موجودة بهذه العلوم لكن قدرة البشر ممتنعة عن الوصول اليها والعالم بها هو خالقها ومن يعطيه الخالق القدرة على الوصول الى حقائق هذه العلوم
فليس القران فقط يحتاج الى معلم الهي بل كل العلوم تحتاج الى معلم الهي وصاحبه الآن هو صاحب الأمر (عجل الله فرحه)
قالصحيح ان الطريق غير مسدود وحينذ فنفسر مااستدل به الأخباريون من روايات إنما يعرف القران من خوطب به أي يريد ان يشير (عليه السلام) ان القدرة اذا لم تتوفر عن الشخص فلايمكنه ان يخاطب الله عز وجل
ونذكر هنا نكتة نفيسة فهناك جدل بين العرفاء والصوفية من جانب والفقهاء من جانب آخر فان الباطنية والصوفية قالوا بأننا لدينا شريعة اخرى واحكام اخرى
وللبحث تتمة