الموضوع: الظهور النوعي والظهور الشخصي
كان الكلام في المدار على الظهور النوعي أو الظهور الشخصي ووصل الكلام على كون المدار هو علوم اللغة أو قدرة الاشخاص في الفهم وهذا النزاع قديم حديث بين الباحثين في اللغات والألسنيّات
ومن الشواهد التي كنا بصدد سوقها على ان المدار هو القواعد والموازين في العلوم وليس المدار على قدرة الاشخاص بل وحتى قدرة أهل اللسان فمن الشواهد هو البداهة والنظرية
ومرّ ان البداهة والنظرية في الجملة بإقتضاء المعلومات وفي جملة اخرى بحسب قدرة الذهن البشري وهذا مبحث مفيد كثيرا في العلوم
فمثلاً بالنسبة للظهور أو غير الظهور نرى انه لدى الأديب هو أمر سهل بينما من لايكون أديبا فالظهور بالنسبة له معنى نظري جدا مع ان الكلام هو ميزان واحد وهذا يكشف بأن الظهور ليس مرتبطا بالاشخاص بل للظهور طريق معبد وهو شيئ منضبط يقدر عليه من يقدر ويغفل ويعجز عنه من لايقدر فالظهور والبداهة أمران نسبيان
ومن ثم فلابد ان نقول ان الظهور هو بروز المراد عبر طريق معبد من الفاظ و من وضع الكلام
وعلى هذا التعريف و هذا الشاهد فيظهر ان كل مراتب التأويل هي من الظهور وطبعا بشرط وجود القواعد والموازين الموصلة اليه وهذا الشيئ هو بمقدور المعصوم (عليه السلام) فهو يُعلّم الناس حسب مقدار الذهنية والاحاطة التي يتمكن منها الأشخاص
وان علوم اللغة لم يستثمرها أحد كما استثمرها الله تعالى في القران الكريم فقد وظّف القران الكريم في بعض السور بدرجة معينة غيبة فقد وظف علوم اللغة بحسب الدرجات والمراتب والقران الكريم نراه ذكر في ترتيبه وذكر في نحوه وذكر في آياته وهو من الإعجاز
فالظهور في الحقيقة هو نظام بنياني وللمعصوم (عليه السلام) أن يأخذ بيد البشر من أدنى درحات ظهور القران الى أعالي بطون القران وكما قال الامام الباقر (عليه السلام) لو شئت لاستخرجت الشريعة أو الدين من لفظ الصمد
فالنتيجة الواحدة يمكن ان يصل اليها الانسان بعشرة أو عشرين طريق أو أكثر لذا ففي بيان الائمة (عليهم السلام) ان الانسان يمكنه ان يصرف كلامه الى سبعين وجها ولايكذب وهذه الوجه هي حسب الموازين والقواعد الصحيحة يعلمها من يعلمها
ولذا ففي البرهان العقلي ان العلوم غير متناهية وليس هناك صاحب وقيّم للعلوم غير المعصوم (عليه السلام) وان القرآن هو صاحب كل العلوم كما انه يمكن صياغة برهان على ضرورة النبوة والامامة من كل العلوم
فان علم الطبيعيات يدير الكون وكذا علم الرياضيات يدير الكون والذي ينظم هذه العلوم هي وسائط جعلها الله تعالى وهم المعصومون (عليهم السلام) وليس هو من الصدفة والعبث
فعلم اللغة لايختلف هو الآخر عن بقية العلوم شأنها انها مبنيّة على قواعد ونظام تبني منظومة ومنظومات وهكذا شأن بقية العلوم
ونقطة مهمة ويوصيبها أهل البيت (عليهم السلام) وهي ان تأويل أهل البيت (عليهم السلام) للأحاديث القدسية ليس المدار في حجيتها انها تعبد إجمالي فقط كما يظن الكثير بل صحيح ان لها شواهد مؤدية اليها وليس فقط الامر يقتصر على الشواهد بل ان أهل البيت (عليهم السلام) يحثّوا شيعتهم ويحثّوا العلماء ليتعلموا الشواهد الموصلة لها لكي يكون إتّباعهم عن إيمان وعلم مفصّل وهذا أفضل من الإتبّاع المجمل وان كانت أيضا فيه ميزته الخاصة
وان أكثر علماء الامامية درجوا في روايات تفسيرات أهل البيت (عليهم السلام) أنها تأويلات تعبدية والحال الى يومنا هذا نادرا ما لانجد ان أهل البيت (عليهم السلام) لايلفتوا الى القرائن للتأويل الذي ذكروه
وثمرة اخرى مفيدة للبحث هي ان عملية الجمع التأويلي تبرعي وان الجمع مهما أمكن اولى من الطرح فمتأخري العصر يشنعون على القدماء بعدم صحة هذه التأويلات ولكننا سنبين ان قاعدة الجمع مهما أمكن اولى من الطرح هي قاعدة صحيحة
فوفق نظرية استعمال اللفظ في أكثر من معنى وباب التعريض والاللتفات فهي ترتبط بنظام الاستظهار فالمتأخرين لايستعملوها مع ان القدماء يستعملوها