الموضوع: مدى سعة حجية الظواهر

 كان الكلام في حجية الظاهر هل تدور مدار العرف أو مدار العلوم وهل ان الظاهر يعقل ان يكون خفي وجلي؟

 وعندما يقرر ان لكل علم لغة فشرح هذه الجهة يقتضي العلم بأن للكلام دلالة تصورية وضعية ومعنى استعمالي تصديقي لأنه محكوم بالإرادة الاستعمالية وهو المقصود والمراد

 ثم يأتي دور المعنى التفهيمي وهو إعمال اللفظ في معنى ولكنه يريد ان يفهم معنى آخر مثل (زيد كثير الرماد)

 وهنا نلاحظ ظاهره اخرى وهي دلالة معنى على معنى آخر ورائه فهنا ليس من دلالة اللفظ على المعنى مباشرة من دلالة اللفظ على معنى ثاني بتوسط معنى تفهيمي فهي دلالة لفظية لكنها انتقال من معنى الى معنى آخر وان المعنى التفهيمي هو تصديقي لأنه مقصود بإرادة التفهيم

 وقد لايعترف جملة من الاصوليين بالمعنى التفهيمي ويراه هو نفس المعنى الاستعمالي لكن المعروف على تعدد الإرادة الاستعمالية والإرادة التفهيمية وبالتالي فيختلف المعنى التفهيمي عن المعنى الاستعمالي

 بعد ذك يأتي دور المعنى الجدي وهو ان يريد المتكلم الافهام بكون زيد بخيل فيصفه ويفهم السامع بان زيد كريم فهو من باب التعريض يريد وصفه بالبخل لكنه يقول مثلا (كثير الرماد) فلا تطابق بالضرورة بين المعاني الأربعة وهي المهنى التصوري والاستعمالي والتفهيمي والجدي ولذا يستشهد البلاغيون في علم البيان بهذه الامور الأربعة وانها تتعاقب لبعضها البعض كقاطرة وليست ارادة واحدة بل هم إرادات متعددة

 ومبحث آخر في الجدي فهل المراد بالجدي هو الشيئ بالوجود الخارجي او ان المراد بالمعنى الجدي هو القضية بالوجود الذهني الكاشف عن الواقع؟

 طبعا هنا المعروف هو الثاني وهو كون المراد الجدي هو الصورة بالوجود الذهني وان الواقع هو شيئ وراء الجدي وهو مكشوف للجدي

 فهناك تصوري واستعمالي وتفهيمي وجدي وواقعي وسواء كان الواقع شيئا تكوينيا أو من عالم الاعتبار فلعالم الإعتبار تقرر و وعاء فرضي وراء المعنى الجدي

 ففي إنشاء العقود وانشاء الإيقاعات يكون المعنى الجدي في اُفق المتعاقدين ليس هو بالانشاء العقلائي أو الشرعي فان البيع العقلائي والشرعي ظرفه وراء المعنى الجدي عند المتعاقدين

 فالمدلول الجدي في العقود والايقاعات أو الأحكام يكون ورائه الواقع الإعتباري فالثبوت هو وراء الجدي وان كان الجدي يعتبر ثبوتا للجدي فكل مرحلة اثبات ورائها ثبوت نسبي

 طبعا قال البعض ان الجدي قد يفرض جدي أول وجدي ثاني وهو تام فليس من الضروري ان يكون الجدي وحداني وهكذا التفهيمي قد يكون أكثر من واحد عرضي أو طولي كما ان الاستعمالي ليس بالضرورة ان يكون وحداني بل يكون أكثر فالاستعمالي والتفهيمي والجدي يمكن ان يتعدد ويكون أكثر من واحد

 فما مرّ من مراحل الدلالة الأربعة ليس من الضروري أن يكون وحداني فان الواقعية قد تعدد عرضا أو طولا فالثبوت متعدد عرضا أو طولا شبكيا أو استقلاليا كما ان التصوري أيضا قابل للتعدد كما في المشترك اللفظي

 وأكثر من ذلك فان الصوت الواحد قد ينم عن عدة الفاظ كما في اللفاظ المختلفة المتشابة في الصوت

 فالتعدد كثير لذا فان إحدى موارد اختلاف القراءات هو ان الصوت واحد لكنه قد ينم عن لفظين فباب التعدد موجود في كل هذه المراحل عرضا وطولاً

 وان من معجزات الامام جعفر بن محمد الصادق وائمة أهل البيت (عليهم السلام) في ذلك الزمان حيث يقولون ان الكلام ليتصرف الى سبعين وجه والمقصود منه الكثرة العجيبة التي تحصل من الكلام

 فمراحل الدلالة متعدد بكثرة صوتا ولفظا واستعمالا وتصورا وتفهيما وجدا للواقع

 وان دلالة الواقع عن الواقع فهو سنخ آخر وهو من العلم الحضوري أو قد يسمونه آية من الآيات