الموضوع: عند الشك في الحجية هل يجري استصحاب عدم الحجية
كان الكلام في ان استصحاب عدم الحجية يجري في تنقيح الشك في الحجية أو لا؟ وان نظير هذا الاستصحاب قرر في الاصول العملية كما في الامارات
ووقع الحديث في ان استصحاب عدم التكليف اذا كان يجري في مورد البرائة فهل يمكن ان يقال ان البرائة متنزلة من استصحاب عدم التكليف أو لايمكن؟
وان هذا الأمر مع غض النظر عن نفس هذه المسألة فالبحث عام ونلفت الى ان الكثير من الأدلة الواردة قد لاتكون تأسيسيّة بمعنى انها تشريع ابتدائي من رأس وإنما هي تنزيل وتوليد لاصول تشريعية سابقة وهذا دائما في التشريعات التفصيلية
وان مقتضى ماقامت عليه الأدلة من ان الحاكم في الأصل هو الله ثم تشريعات الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وان تشريعات الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) هي عبارة عن تفصيل لتشريعات الله تعالى وكذا تشريعات أهل البيت (عليهم السلام) فهي تفصيل لتشريعات الله وتشريعات الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)
والكلام هنا في عموم التشريع سواء من الله تعالى أو من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أو من الائمة (عليهم السلام) فان تشريعات الله تعالى هي تشريعات تنشأ من بعضها البعض
وان هذه التشريعات بالتدقيق ليست هي تأسيسية فمثلا قوله تعالى وأقيموا الوزن بالقسط ولاتخسروا الميزان فانه يتولد منه ويتفرع عليه فروع كثيرة بملاحظة مجموعة منظومات التشريع
فعندما يكتشف هذا التشريع المتوسط في الطبقات من انه متنزل من تشريع فوقاني فلابد من مراعاة هيمنة ذلك الأصل الفوقاني على ذلك التشريع
ففي اصول القانون إجمالا تعتقد وتقر بهذه المنظومة في التشريع ولكن تطالب بالموازين والقوالب من كيفية تنزل تشريعات تحتانية أو متوسطة من تشريعات فوقية
نعم اذا لمس الباحث والفقهيه و المستنبط الارتباط بين هذا الجعل كالبرائة واستصحاب عدم التكليف فلو لمس نوع تطابق وان لم يكتشف تمام الضابطة لكنه التفت الى ان هذا الجعل المتوسط من ذلك الجعل الفوقي فهو قد التفت الى وحدة المفاد اجمالا ومعه لامحالة يترتب عليه ان ذلك الأصل الفوقي مهيمن على الجعل النازل بمعنى انه لابد من تحكيم ضوابط ذلك التشريع الفوقي على هذا التشريع النازل
فاذا لمس والتفت الباحث والمجتهد والفقيه الى وحدة المفاد وان لم يكن التفاتا تفصيليا فهذا الادراك الاجمالي لوحدة المفاد يترتب عليه أثر صناعي وهو هيمنة الأصل الفوقي على هذا التشريع النازل والمراد من الهيمنة أي نفس العرض وهو ينضبط
لذا فان الفقهاء في باب المباحات كما في الحيازة باعتبار ان من حاز ملك فاطلاق هذا العموم الفوقي هو خلق لكم مافي الأرض جميعا وهو التوزيع العادل وسد حاجة جميع الرعية فلايمكن للتشريعات النازلة ان تصادم تلك الاصول القانونية الفوقية باعتباره نوع من العرض
فالتشريعات التوسطة دائما تحت هيمنة الاصول الفوقية وهو يعني لابد من عرضه على الكتاب والسنة بمعنى ان التشريع الفوقاني ذو قيود محكمة وثابتة وهذا البحث هو في اصول القانون وهو بحث ثبوتي
ولذا في اصول بحث الشروط في البيع والخيارات من المكاسب فنرى في المؤمنون عند شروطهم الاّ ماخالف الكتاب والسنة فنرى ان فحول الفقه يترجلون في معنى الاّ ماخالف الكتاب والسنة أو ماوافق الكتاب والسنة بل وحتى في طاعة الأبوين وطاعة الأولياء والمعصومين (عليهم السلام) وفي النذر وفي كل عنوان مستجد فهذا بحث ثبوتي وتحليل ماهوي وهذا هو اصول القانون كما مرّ مراراً
وان الاستصحاب كما اشرنا اليه سابقا وكذا لاضرر هما قاعدتان لاتجريان فقط في الفروع بل تجريان في العقائد والتوحيد لكن هاتان القاعدتان تتنزلان في الاخلاق والعقائد والاداب الى ان تصلان الى الفروع وفي الفروع في الشبهة الحكمية هي قاعدة اصولية وفي الشبهة الموضوعية قاعدة فقهية
وان الاستصحاب وقاعدة لاضرر من غرائب اصول القانون ففيهما خاصية قوية وهي انهما لايتغيران حتى عن ماهيتهما
فالاستصحاب ولاضرر قاعدتان من الاصول القانونية الجارية في كل العقائد من ابتدائها ثم تتنزل الى فروع وتفاصيل العقائد ثم الى الاخلاق ثم الى الفروع والغريب فيهما انهما موجودان في نفس القالب
والملاحظ ان فصل من فصول الاستصحاب ومسألة من مسائل الاستصحاب تولّد البرائة ولكن البرائة بعنوان آخر وهو رفع مالايعلمون وهذا هو معنى فحوى استصحاب عدم التكليف فان أحد شعب الاستصحاب هو توليد وتنزل اطار آخر وهكذا
فالفقيه الفطن كما في كلام الاصفهاني في البرائة ففي الجملة كلام الاصفهاني صحيح مع غض النظر عن كلامه في البرائة فمفاد اصالة الحل والبرائة واستصحاب عدم التكليف بينهما ترابط فان تمام القالب منطبق في الثلاثة أو بعضة ففي الجملة بعضه موجود
فضابطة العرض على الكتاب والسنة عبارة عن العرض على الاصول القانونية المحكمة في الكتاب والسنة وهذ الضابطة من يراعيها في العقائد والأخلاق والفروع يزداد بصيرة ويبتعد عن التشابه والانحراف ومنشأ الانحراف في كل الفرق هو عدم التمسك بهذا الأصل القوي وليس هو ضابطة على مسار دليلة الدليل والكاشفية وإنما هو ضابطة على مسار اصول القانون واسس الحكم تعتمدعلى المنهج التحليلي
وان المرحوم المحقق الكركي وحتى الشهيد الأول والشيخ جعفر كاشف الغطاء والمحقق الحلي فعندهم خاصية التحليل والتركيب والتفصيل وهذه القدرة لدى الذهن والعقل أقوى من القياس الاقتراني والاشكال الأربعة وماشاكل ذلك في الاستنتاج
وهذه نبذة عن هذا البحث وهو ان استصحاب عدم الحجية يعنون في المسألة في الشك في الحجية ويعنون بالبرائة واستصحاب عدم التكليف وكذا في اصالة الاشتغال أومنجزية العلم الاجمالي يعنون باستصحاب بقاء التكليف وهو يغني عن الاستدلال على منجزية العلم الاجمالي على قول وهناك قول بأنه لايغني