بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

34/02/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: عند الشك في الحجية هل يجري استصحاب عدم الحجية
 وصلت النوبة الى انه عند الشك في الحجية هل يجري استصحاب عدم الحجية أو لا؟
 وان أصل هذا البحث عند الأعلام باعتبار ان الأصل في الاحتمال والظن انه غير منجز فالتنجيز يحتاج الى اعتبار وهذا كلامهم في بحث الظنون
 ولكن مرّ ان كلامهم في بحث قاعدة الاشتغال غير كلامهم في الظنون فان كلامهم في قاعدة الاشتغال هو على العكس فان الاصل في الاحتمال والظن هو مقتضى التنجيز وان قاعدة البرائة قد مانعت هذا الاقتضاء
 فهنا تصوير استصحاب عدم الحجية يجب ان يقرر على ضوء المبنين وهو المبنى المعروف من ان الحجية والتنجيز يحتاج الى اعتبار كما انه لابد ان يقرر استصحاب عدم الحجية بناء على ان الأصل اقتضاء احتمال والظن في التنجيز والبرائة مانع
 لذا فهنا يثار اشكال على استصحاب عدم التنجيز وهذا الاشكال الذي سنخوض فيه هو في الحقيقة مبني على جريان استصحاب عدم الحجية على المبنى الأول وهو ان الاحتمال والظن ليس فيه اقتضاء التنجبز وأما على التقرير الآخر فسيتبين كيف الحال فيه
 المهم فاستصحاب عدم الحجية عدم الحجية نظيره من جهة استصحاب عدم التكليف في البرائة ففي مبحث البرائة أيضا بحث الأعلام انه هناك بديل عن البرائة واستصحاب عدم التكليف فنستغني عن البرائة باستصحاب عدم التكليف
 وذكرنا سابقا ان الاستصحاب وكذا لاضرر من الاصول القانونية أي من القواعد التي تجري في طبقات عديدة عُليا ويتولد منها قواعد وأحكام فالاستصحاب يقرر حتى في القواعد كما ان لاضرر تجري أيضا في القواعد وفي الأخلاق وفي الفروع
 وتقدم ان اصول القانون على انماط وان الغالب في اصول القانون بهويتها الفوقية لاتتنزل بنفس الهوية ونفس الاطار ونفس الماهية بل تتنزل بعناوين واطر اخرى فهي شبيه بالجوهر فانه لايتنزل فيالانواع النازلة بهويته
 وتقدم ان النسبة بين اصول القانون والطبقات النازلة ليست هي نسبة التطبيق كما في القواعد الفقهية ولا نسبة الاستكشاف كما هو المعروف في حيثية المسألة الاصولية مع النتائج التي تتولد منها
 فهناك حيثيات ثلاثة سواء في علم اصول القانون أو في كل العلوم وهي حيثية الكاشفية وحيثية التطبيق وحيثية التوليد والتوالد وهي اصول القانون أو اسس الأحكام أو اسس المعادلات الحكمية
 والفرق في حيثية التطبيق غير ما عرفناه سابقا فالفرق بين التطبيق والتوليد هو انه في التطبيق الحكم المرتب على الافراد يبقى يدور مدار الطبيعة السارية ولا شأن له في الخصوصيات الفردية لذا فهو تطبيق عفوي ومحض
 بينما في التوليد والتوالد فان الاثار تترتب على نفس الماهية المتنزلة وان كان للاصل الفوقي الانطوائي فيها دور لذا تقول ان الانسان ذو ابعاد او هو قائم بنفسه مثلا
 ففرق بين الأصل القانوني ومبادئ الاحكام أو اصول المعادلات وهلّم جرا عن باب التطبيق فان يباب التطبيق تبقى الاثار مترتبة على نفس الطبيعة السارية في الافراد لا على الخصوصيات الفردية وأما في باب التوليد والتوالد في اصول القانون فان الآثار تترتب على نفس الهوية المندمجة النازلة المنطوية فيها الهوية الفوقيه وهذا فارق آخر دقيق بين حيثية التطبيق في القواعد الفقهية وبين اصول القانون الموجود في الفقه وحتى في اصول الفقه
 ونعود الى البحث وهو تنظير مسألة اخرى بمسالتنا وهي ان استصحاب عدم التكليف يغني عن البرائة فان البرائة لسانها لسان رفع مالايعلمون بينما لسان استصحاب عدم التكليف لسان آخر فاذا كان استصحاب عدم التكليف فهو يغني عن البرائة
 وكونه يغني عن البرائة هل يعني انه في عرض البرائة كما قاله الأعلام او ان استصحاب عدم التكليف كما هو الصحيح متولد منه البرائة
 فلاحظ القواعد الفقهية أو الاصولية الستة الموجودة في حديث الرفع فان مشهور القدماء التفتوا الى ان هذه القواعد الستة قد جعلها الشارع بألسن متعددة فرفع مالايعلمون يعني ان كل شيئ لك حلال حتى تعلم انه حرام فهو مفاد واحد وسيأتي مبنى الاصفهاني ان المتأصل في الجعل ليس رفع مالا يعلمون مع ان غيره قال ان رفع مالا يعلمون وكل شيئ لك حلال هما قاعدتان وهذا أمر مهم في البحوث الفقهيةمن كونهما قاعدة واحدة أو قاعدتان
 كما ان رفع ما اضطروا اليه فهناك لسان آخر له وهو كل شيء اضطر اليه ابن آدم فقد احله الله وله لسان ثالث وهو لاضرر ولاضرار
 ورفع ما لايطيقون ولسانها الاخر ماجعل عليكم في الدين من حرج فهو لسان اخر لها والمراد من اللسانين ليس هو حتما الترادف اللفظي بل قد يكون الترادف الاستعمالي والمعنوي
 وكذا لايسقط الميسور بالمعسور فهو لسان ثالث لقاعدة مالايطيقون واللسان الرابع لها هو بعثت بالشريعة السمحة ولسان خامس وهو يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر فهنا السنة متعددة ولكن الشيئ واحد والنتيجة واحدة ومنه اذا أمرتكم بشيء فأتوا منه مااستطعتم
 وقد ذكرنا مراراً فرق الترادف اللغوي مع الترادف المعنوي وهذا أمر لابد من الالتفات اليه واليقضة له فكلما صعدت هذه النباهة وارتقت بالنسبة للفقيه فيكون متضلعا في الفقه وكذا الكلام في العقائد
 وبعد ذلك بالنسبة لما استكرهوا عليه فالدليل الذي يشترط الرضا في المعاملة او التصرفات فهو نفس الكلام وكذا طيب النفس
 فالفقهية النبيه والنابه يلتفت ان البرائة ليست جعل تاسيسي بل هو امضاء لجعل اسبق من قبل الشرع وان احد معاني الارشاد لايعني انه ليس من الشارع أصلا بل ليس هو بجعل جديد بل هو جعل قديم ولذا لابد من العرض على الكتاب فما وافقه فيؤخذ به