الموضوع: الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي
وصل بنا الكلام الى المبنى الثاني للحجية وهو المنجزية والمعذرية وقد التزم به المرحوم الآخوند صاحب الكفاية
وقد سُجل على هذا المبنى الاشكال التالي من الأعلام الذين جائوا من بعده وهو:
ان المنجزية والمعذرية حكم عقلي سواء كان هو استحقاق العقوبة أو المثوبة فالشيئ المجعول اما ان يتصل بالمنجزية أو المعذرية وحيث ان المنجزية والمعذرية حكم عقلي كيف يريد صاحب الكفاية ان يفرض ان هذان الأثران أو ان هذه المنفصلة العنوان او المحمول مجعول
ومعه فلا مجال ان يكون هو جعل لموضوع الحكم الشرعي فيرجع هذا القول الى الأقوال الاخرى
توضيح الاشكال: هناك أحكام عقلية مستقلة عن الحكم الشرعي لها موضوعها الخاص وربما سماها الميرزا النائيني الأحكام العقلية التي تقع في سلسلة الأحكام الشرعية وهي المستقلات العقلية
كما ان هناك احكام عقلية غير مستقلة وهي الملازمات الخمسة التي بحثوها من ان الأمر بالشيئ يقتضي النهي عن ضده وموضعها الحكم الشرعي فهي غير مستقلة
وقريب من هذا الاصطلاح اصطلاح للميرزا النائيني وهو الأحكام العقلية المعلولة للحكم الشرعي وهناك فرق يسير بين الاصطلاحين
بالنسبة للمنجزية والمعذرية فهي من المراحل الأخيرة للحكم الشرعي لكنها من الحكم العقلي فهي من الآثار العقلية المترتبة على الحكم الشرعي
حينئذ جعل المنجزية والمعذرية بمعنى ارادة جعل ماهو موضوع المنجزية والمعذرية فان المنجزية والمعذرية كحكم عقلي لاتترتب على الحكم الواقعي بمجرده بل بضميمة وصوله الى المكلف فهذا الوصول هو الطريقية وهو جعل ظاهري ينظم الى الحكم الواقعي فتترتب عليه المنجزية
وان نقطة التماس بين الحكم الظاهري والواقعي هو التنتجيز ومرحلة التنجيز فاشكال الأعلام على صاحب الكفاية هو ان نفس التنجيز والتعذير حكم عقلي فلا محالة ان يقصد ان الشارع عندما يجعل المنجزية والمعذرية ليس مراده نفسه المنجزية والمعذرية وانما موضوعه
فظاهر هذا المبنى وعنوانه ليس هو عنوان دقيق وليس هو المراد
تصوير مراتب الحكم في الحكم الظاهري
مرّ ان المشهور أيضا قالوا ان المراتب التي تجري في الواقعي تجري بعينها في الحكم الظاهري ويمكن تصويرها باعتبار الحجية فان الحجية مجعول شرعي ولها مبادئ وكذا فان للحكم الظاهري مراحل انشائية فالخبر الواحد حجة والاجماع حجة والظواهر حجة وكل ماوجد فرد منها فيوجد لها مصداق ويكون الحكم جزئيا تتولد منه الحجية الجزئية لذلك الخبر او لذلك الظهور او لذلك الاجماع وهذه الفعلية الناقصة بأن لايعلم بها المكلف واذا وصلت الى مرحلة معرضية ان يصل اليها المكلف فتكون فعلية تامة
لايقال كيف تكون الحجية تنجيز؟
فنقول ان العقوبة على الحكم الواقعي لكن وصول الظاهري ينجّز لك الواقعي فوصول الظاهري وصول بنفسه ووصول وإيصال للواقعي بالتبع
وان فلسفة الحكم الظاهري والحجية بكل مراحلها تنبع من مرحلة التنجيز للحكم الواقعي فهذه المرحلة تحتوش وتحتوي كل مراحل الحكم الظاهري فان فلسفة جعل الحكم الظاهري هو تنجيز الحكم الواقعي فالحكم الظاهري قابل للتصوير في مراحل
فالخبر الواحد أو الظهور أو الشهرة أو الاجماع أو غير ذلك من الامارات قد تكون واصلة فان وصول الحكم الظاهري كما عند الأكثر لايشترط وصوله الشخصي للمكلف بل يكفي فيه الوصول النوعي للمكلف وهذا اجمالا بيان وتصوير لوصول الحكم الظاهري
أما النائيني والأصفهاني وغيرهما لم يتبنوا في الحكم الظاهري والحجية ان المرتب يمكن تصورها بذلك التعداد الموجود في الحكم الواقعي
فالاصفهاني قال ان الحكم الظاهري له مرحلتان مرحلة الانشائية ومرحلية الفعلية هي مرحلة التنجيز فيه فلا يتصور بالحكم الظاهري فعلية بلا وصول وهذا المبنى وهو اتحاد الفعلية مع التنجيز ربما اختاره أكثر أهل هذا العصر
فالفعلية هي الوصول في الحكم الظاهري وذلك لأن الحكم الظاهري سنخه غير الحكم الواقعي فان الحكم الظاهري فلسفته ايصال الواقع فاذا لم يقم الحكم الظاهري بهذا الدور فلا وجود له
فالوصول والايصال في الحكم الظاهري والحجية قوام ماهيته وفعليته ووجوده وليس هو مثل الحكم الواقعي فان الوصول والايصال خارج عن ذاته
وهذا هو استدلال الأعلام على اتحاد مراحل الفعلية مع مراحل التنجيز في الحكم الظاهري
ولكن البعض قال يمكن تفسير هذه الدعوى من الأعلام ان مرادهم هو الوصول النوعي للحجية فهو مأخوذ في فعلية الحكم الظاهري والحجية وأما الوصول الشخصي فقد يكون دخيلا في التنجيز
فالوصول النوعي وهو جعل المعلومة في معرض الجميع مأخوذ في فعلية الحكم الظاهري والحجية بحيث انه اذا لم يكن في البين وصول نوعي فلا تتحقق الفعلية أما الوصول الشخصي فيمكن ان يقال هو دخيل في التنجيز فقد يكون المكلف مقصّرا