الموضوع: الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي
كان الكلام في ان متأخري العصر قد قرروا ان من لوازم مسلك الطريقية والتخطئة في الأحكام الظاهرية والطرق عدم الإجزاء مطلقا لأن الحكم الظاهري لاتكوّن له في الواقع بل هو مرآة للواقع وان الواقع على حاله ولابدل ولابديل له
بينما مشهور الفقهاء في صورة من صور الحكم الظاهري قد بنوا على الإجزاء وهي صورة تبدل الحكم الظاهري الى حكم ظاهري آخر بخلاف صورة تبدل الحكم الظاهري الى اليقين والقطع وهذه هي الصورة الثانية وكذا بخلاف الصورة الثالثة وهي صورة كون الحكم الظاهري صورة ظاهري وواقعه تخيلي فلم يبنوا فيها على الإجزاء بخلاف الصورة الاولى
وان الصحيح من أدلة المصلحة السلوكية التي التزم بها الشيخ الطوسي كونها لاتقتصر على ماقيدّه الشيخ من انها في موارد المخالفة وانكشاف الواقع بل نقول ان ظاهر الادلة هو تقرر المصلحة السلوكية مطلقا سواء خالف الواقع أو طابق وسواء انكشف الواقع أو لم ينكشف لكن كما تقدم فان المصلحة السلوكية ليست بديل فقهي بل هي بديل كلامي فلا تجزئ فقهيا
فالمقصود ان مقتضى القاعدة على مسلك الطريقية والتخطئة ولو التزم بالمصلحة السلوكية فلا موجب للاجزاء فمن أين قال المشهور بالاجزاء سيما في تقرير آخر للميرزا النائيني وهو ان الحكم الظاهري الثاني بناء على مسلك النائيني فصاحب الحكم الظاهري الثاني لديه علم بأن الحكم الظاهري الأول خاطئ وله علم بأن الواقع يغاير الحكم الظاهري الأول لأن المكلف به الآن هو الحكم الظاهري الثاني
وان الحكم الظاهري على ثلاثة صور وهي كما تقدم: حكم ظاهري بظاهري وحكم ظاهري يتبدل اليقين بالخلاف وحكم ظاهري ينكشف انه تخيلي وان الصورة الثالثة هذه سواء أتى بالبديل أو لم يأتي بالبديل وهناك إتفاق مطبق في الصورتين الأخيرتين على عدم الاجزاء والخلاف في الصورة الاولى
وان الصورة التي نحن فيها غير مختصة بتبدل الحكم الظاهري في الفتيا بل قد يكون التبدّل في حكم القضاء أو التبدّل في الحكم الولائي
وان متأخري العصر وافقوا المشهور في باب القضاء وباب الاحكام الولائية
ومعه فمن أين قال المشهور بالخلاف وماهو وجهه؟
ان المستند للمشهور في ذلك هو عدة نقاط:
النقطة الاولى: ان الحكم الظاهري وان كان هو طريقي وحكاية وليس بنيوي فهذا تام ولكن ليس الحكم الظاهري هو سراب بقيعة بالمرّة فان أصل اشكالية ابن قبة هو ان الشارع لماذا يجعل طريق يخطئ ويصيب وعليه فالحكم الظاهري له جعل وتشريع ولذا فهناك فرق بين الصورة الاولى والصورة الثالثة وعليه فان الحكم الظاهري له حظ ونسبة في الشريعة
وهذه النقطة هي أقرب تفسير لكلام العلامة الحلي من ان ظنية الطريق لاتنافي قطعية الحكم فهو بمعنى ان هذا الطريق تشريعة قطعا من الشارع وهذا يقارب النقطة الاولى فيما نحن فيه
فالحكم الظاهري له تقرر من الوجود وليس من سنخ الحكم الواقعي ولكنه ليس من الخيال والهباء