الموضوع: المصلحة السلوكية
كان الكلام في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي طبقا للمبنى الذي تبناه الشيخ الأنصاري وهو الالتزام بالمصلحة السلوكية
وقلنا ان هذا الحل من الشيخ الأنصاري يعتمد على تشخيص معنى وماهية الحكم الظاهري وقد تقدمت عدة محاور
وقلنا ان المحور الأول هو ان الحكم الظاهري من علم اصول الفقه أي الحكم الشرعي الظاهري من علم اصول الفقه ان الفعل فيه يختلف سنخا عن الفعل في علم الفقه
ومن المحاور التي مرت في توضيح مبنى الشيخ وفي معنى الحكم الظاهري هو ان المصلحة والملاك في الحكم الظاهري او الحكم الشرعي في علم اصول الفقه سنخا المصلحة تختلف عن المصلحة في الحكم الفقهي
فالحكم الشرعي في الفقه تكون المصلحة غالبا فيه ناشئة من المتعلق اما هنا فالمصلحة ناشئة من الفعل الاصولي لا الفعل الفقهي
فبهذا اللحاظ المصلحة في الحكم الاصولي تختلف عن المصلحة في علم الفقه لاختلاف الفعل وبالتالي يختلف مورد المصلحة وهذه نقطة بالغة الأهمية
ونقطة اخرى في تشخيص الحكم الظاهري هو ان الحكم الظاهري موضوعه اما عقلا أو شرعا هو الشك
وان الموضوع العقلي في فيسمى في الاصطلاح الصناعي في علم الاصول يسمى مورد ولايقال له موضوع بينما الموضوع الشرعي فهو يسمى موضوع
ومعنى الموضوع العقلي يعني اخذه موضوعا أو قيدا لحكم العقل ولذا يسمى الموضع العقلي ويعبر عنه بالمورد ولذا قالوا ان الشك مورد للامارات أي موضوع عقلي للامارات وليس موضوعا شرعيا فخبر الواحد ليس موضوعه شرعا الشك بل موضوعه عقلا ويعبر عنه بالمورد
أما الاصول العملية الشرعية فموضوعها الشرعي الشك لاتنقض اليقين بالشك وانقضه بيقين آخر فاُخذ الشك بلسان الدليل شرعا بخلاف الامارات فإن موردها الشك أي موضوعها العقلي
وهذا فارق موضوعي بغض النظر عن الفارق السنخي بين القطع واليقين والامارات وهذه نقطة اخرى تميّز الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي
ونذكر جملة معترضة قبل الاستمرار في البحث وهي ان من بداية الحديث عن شبهة ابن قبة في الظن ومسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي قلنا ان كل وجه من وجوه الأعلام هو في الحقيقة نوع من تسليط الضوء على الحكم الظاهري لذا فان البحث في الحقيقة ليس مختصا بمسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي بل ان البحث مرتبط بكل علم الاصول فانه بحث يشخص العلم الذي يتداوله علم اصول الفقه
وان الشيخ الأنصاري في صدد القول بأن المصلحة السلوكية هي المصلحة في العمل الاصول أو ان العمل الاصولي هو العمل بالامارات أو الاصول العملية وهو الذي يعبر عنه بالتطبيق والاستناد أي المكلف يطبق فعله على وفق مؤدى الامارة بهو استناد وتطبيق للامارة
فالمصلحة السلوكية هي مصلحة في تطبيق السلوك الفقهي على الامارات اي مصلحة في العمل الاصولي
فان حل الشيخ الطوسي والعلامة الحلي والشيخ الانصاري يكمن في دفع محذور ابن قبة أو اشكالية التعبد بالظن على صعيد المصلحة فتجبر المصلحة الواقعية الفقهية بالفعل الاصولي
وان أوّل ميزة في هذا الحل هو انه ليست المصلحتان متواردتان في مورد واحد بل في موردين ففي حين صدور العمل وهو الصلاة تصدر حيثيات اخرى
فحل الشيخ الأنصاري من هذه الزاوية يقوم على تدارك المصلحة التي تعنون كاشكال ويقول الشيخ الانصاري إنما نحن ملزمون بتصوير المصلحة السلوكية فيما كان هناك مجال لتحصيل العلم بالواقع أي في زمان الانفتاح وكانت الطرق التي يحصل عليها المكلف دائمة الاصابة والاّ فلو انسد باب العلم والواقع أو لم تكن الطرق دائمة الاصابة فلا حاجة لتصوير المصلحة السلوكية باعتبار فوات المصلحة تلقائيا
ففي صورة واحدة يقول الشيخ الأنصاري بأننا ملزمون بتصوير المصلحة السلوكية وهي صورة انفتاح باب العلم وان المكلف يصيب الأحكام دائما
وأما أدلة المصلحة السلوكية فهي كثير مثل أدلّة حجية الخبر الواحد أو أدلة علاج التعارض للخبرين فلسان تلك الأدلة دال على المصلحة السلوكية أيهما أخذت من باب التسليم وسعك وهو شبيه بلسان قاعدة أخبار من بلغ