بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

33/11/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: منجزية العلم الاجمالي
 كان الكلام في اجزاء الامتثال الاجمالي في الشبهة الحكمية مع امكان تحصيل العلم التفصيلي سواء كان علم وجداني أو علم ظني تعبدي
 مرّ الوجه الأول وهو ان المشهور من المتقدمين لايرون الإجزاء بذلك واستدلوا بالاجماع
 الوجه الثاني: استدلوا بانه يلزم من الاحتياط مع امكان العلم التفصيلي العبث واللغو وعنوان العبث واللغو اذا انطبق على العبادات يلزم بطلانها
 وهذا الدليل قرر فيما لو استلزم الاحتياط تكرار العبادة فانه يلزم هذا الشيئ واما اذا لم يستلزم تكرار العبادة فلا يلزم اللهو واللعب
 وقد اشكل على هذا الوجه باشكال آخر وهو انه حتى مع تكرار العبادات فمن قال انه يلزم اللهو واللعب بل يمكن ان تكون جهات راجحة فيكون التكرار ليس من باب الاّ هدفية بل هناك هدف حتى مع لزوم تكرار العبادة
 الوجه الثالث: واستدل أيضا باستدلال قديم وهو ان العلم الاجمالي يخل بقصد الوجه وبقصد التمييز في العبادة لأن المكلف اذا لم يعلم الطرف الواجب فان العلم بالنسبة للوجه والتمييز سوف يختل عنده مع انه لابد من قصد الوجه والتمييز كما عليه جماعة من متقدمي ومتأخري الأصحاب ذوو المشرب الكلامي، ويتم الاستدلال فيما لو تمكن من العلم التفصيلي او التعبدي
 الوجه الرابع: وهو وجه الميرزا النائيني حيث يقول ان العلم الاجمالي في الامتثال بالدقة مع التمكن من العلم التفصيلي انبعاث للمكلف من احتمال الأمر وليس نفس الأمر أما في العلم التفصيلي بالامتثال سواء التفصيلي او التعبدي فينبعث المكلف من ذات نفس الأمر
 فيقول الميرزا النائيني ان الانبعاث عن الأمر في حكم العقل والعقلاء معه الامكان مقدم على الانبعاث عن احتمال الأمر فمع الامكان لايسوغ
 فالامتثال انبعاثا عن احتمال الأمر أدنى درجة من الانبعاث عن ذات الأمر عند الميرزا النائيني
 وقد اشكل على هذا الوجه ان المدعى هذا هو مدعى مرتب ولكنه في جملة من الموارد هو مدعى بلا دليل فمن قال ان مرتبة الانبعاث عن احتمال الأمر في الطاعة أدنى وأنزل من الانبعاث عن ذات الامر بل ان الانبعاث عن احتمال الأمر أكثر طوعانية من الانبعاث عن ذات الأمر
 ولكن هذا الاشكال الثاني قال البعض انه غير وآرد فان الانبعاث يكون آكد مع احتمال الأمر اذا كان متعذرا عليه العلم بالأمر أما مع تمكنه من العلم بالأمر فلا يجزم ان الانبعاث عن احتمال الأمر آكد
 وفي الحقيقة ان هذه الاستدلالات منبهة على نكتة وهي هناك عند الاصوليين والفقهاء أمر مسلم لديهم وهو ان الشك في التكليف مجرى البرائة والشك في المكلف مجرى الاشتغال في الاصول العملية وبعبارة اخرى قالوا اذا كان منشأ الشك في الكيفيات الشرعية فهو مجرى البرائة واذا كان الشك في الكيفيات العقلية فهو مجرى الاشتغال
 ولذا قال المرحوم الاخوند في بحث قصد الأمر في باب التعبدي والتوصلي في الكفاية قال ان قصد الأمر من الكيفيات العقلية فهو مجرى الاشتغال وليس من الكيفيات الشرعية فليس من مجرى البرائة
 هنا نستفيد من هذه النقطة بدعوى ان هناك حكم عقلي وعقلائي على ان المكلف الذي بامكانه ان يطلع على امر المولى بالعلم التفصيلي فيكون انبعاثة عن ذات الأمر أتم من العبد الذي يعزف عن تحصيل العلم بالأمر
 فالذي يذهب الى الفحص وتحصيل العلم بارادة المولى يعتبر منقاد أكثر من الذي لايفحص لأن العلم التفصيلي أقرب من العلم الإجمالي فالعلم قُرب والجهل بُعد فالعبد الذي يحصّل العلم بارادة مولاه فهو حاضر عند مولاه وقريب من مولاه بخلاف العبد الذي لايحصّل ارادة المولى فهو بعيد من مولاه
 لذلك ركعتين من عالم أحب الى الله من سبعين ركعة من جاهل
 فالصحيح ان تحصيل العلم مؤثر في المزيد من الانقياد والطاعة