الموضوع: الارتباط بين العقل العملي والعقل النظري
تبين ملخصا ان العقل القطعي النظري هو صورة يقين ولكن واقعه هو الظن ومن ثم فان التعاطي معه عند التعارض مع النقل يكون تعاطي الظن مع الظن فلا يكون مقدما مطلقا على الدليل النقلي الظني
ونقطة ثانية وهي انه ليس هناك ميزان وضابطة عامة ليس فيها تفصيل بأن يقال يقدم العقل مطلقا أو يقدم النقل مطلقا فليس الضابطة على هذا النوع
بل الصحيح انه عند التعارض لابد من إعادة فحص مقدمات ودليل كلا الطرفين وذلك ليتبين هل ان النتيجة سديدة أو ليست بسديدة وكذا لأجل دراسة درجة النتيجة لكلا الطرفين
وحينئذ فالنتيجة التي تكون أقوى ثباتا من الاخرى تكون هي مقدمة ومحققة
ونقطة ثالثة وهي لابد من الالتفات الى ان محكمات العقل ومحكمات السنة ومحكمات الوجدان ومحكمات الكتاب هي المدار وهي القطب وليس المدار على محكمات أحد الأدلة دون الاخرى فمجموع المحكمات يعرض عليه متشابه المجموع
ومعه فيرتفع الدور الذي قد يقال من انه كيف يعرض الكتاب على السنة وكيف تعرض وتوزن السنة بالكتاب فهذا الدور غير متحقق لأن متشابه السنة يعرض على محكمات الكتاب ومتشابه الكتاب يفسر بالسنة المحكمة ولامانع من ذلك
فمجموع المتشابه في الأدلة الأربعة يعرض على المحكم في الأدلة الأربعة ومعه فلا يكون تعارض ولاتضارب في البين
ومن ثم نقول في شرح هذه النقطة الثالثة ان هذا البحث وهو العرض على محكمات الكتاب والسنة ليس هو بحث صدوري أو بحث يُلاحط فيه درجة الظن أو ماشابه ذلك بل ان هذا البحث فيه فهم وتحليل ودراية للغوص في المطلب
النقطة الرابعة في العلاج عند تعارض الدليل العقلي والنقلي هي ان المحكمات ليست على درجة واحدة كما مرّ في حجية القطع ومن ثم فاليقين الذي هو بالاضافة الى مادونه يقين ومحكم فانه بالاضافة الى مافوقه يكون ظن ومتشابه ولايتوهم من هذا انه متناقض
والجواب عن هذا التسائل ان الظن والعلم درجات ومعنى تفاوت اليقين والعلم في الدرجات ان اليقين المتوسط والدوني هو يقين في مساحة معينة فان وصل الى نهاية تلك المساحة فان اليقين يضعف ويتحول الى الظن وهذا شبيه نور المصباح الذي ينير المكان فكلما كانت المساحة أقل كان النور أكثر دقة وأضح
وهذا خلافا لما قاله العلامة الطباطبائي حيث قال ان السنة القطعية لايمكنها ان تنسخ الكتاب لأن الكتاب قطعه أعلى من السنة وللخصائص الموجودة في الكتاب الكريم وهذا الزعم غير سليم فانه يمكن للسنة القطعية ان تنسخ الكتاب باتفاق الفريقين
وهنا نقطة مشتركة بين النقاط الأربعة المذكورة وهي نقطة مهمة جدا ويمكن ان جعلها نقطة خامسة وهي انه من الخطأ ان ننظر الى الأدلة نظرة انعزالية وانفرادية تقيما ودراسة واستنتاجا فان النظرة الانفرادية هو منهاج غير صحيح بل لابد من النظرو المجموعية
نعم لابد من النظرة الانفرادية ولكن نظرة مرحلية وفي البداية ولكن وسط المطاف فضلا عن نهاية المطاف فلابد من النظرة المجموعية
فالأدلة في كل علم لابد من دراستها ووزنها في البداية بصورة فردية ولكنها بالنتيجة لابد ان توزن مجموعيا وان المنطق العقلي الحديث هو يدعو الى ذلك أيضا أي الى المجموعية
وان أحد الأسرار العلمية الكبيرة في حديث الثقلين هو معنى المعية فليس فقط في الكتاب والسنة بل بالكتاب والكتاب فهذه النظرة المجموعية منهجية جدا وهي مجهولة عند المعاصرين بخلاف المتقدمين
وان أحد شبهات العلمانيين أو مغالطاتهم انهم يغالطون بين اعتبار العقل وبين استبداد العقل مع ان كلامنا في استبداد العقل ولايمكن نفي مشاركة العقل
فطبيعة هذه الحجج ليس يعني انها حجج مستقلة وان كانت لها صورة مستقلة في البداية ولكن في نهاية المطاف قيمتها قيمة مجموعية وليست قيمة إنفرادية