الموضوع: حجية العقل
كان الكلام في الملازمة بين حكم العقل النظري وحكم الشرع من جهة قوة العقل النظري سواء كان ماحكم بع العقل النظري هو من الامور العملية كحسن العدل وقبح الظلم أو من جهة الامور النظرية كوجود الله تعالى أو أزليته
وكما مر فان العقل النظري المحمول لديه هو أمر مفهومي وذهني وفي الحقيقة يرجع الى الثبوت أي ثبوت القبح للظلم فمجال العقل النظري وسيع
والصحيح ان كل المساحات يمكن ان تكون متعلقا لادراك العقل النظري وكذا يمكن ان تكون متعلقا للعقل العملي
نخوض الآن في جملة من الموارد التي بنى الفقهاء على الملازمة بين حكم العقل النظري والشرع
وضابطة جملة من هذه الموارد هي كالتالي:
ان الفقهاء اذا علموا في باب معين ان الغاية التكوينية في طبيعة وأفعال معينة التي يدركها العقل النظري هي أمر معين سواء كان إدراك العقل النظري لهذه الغاية التكوينية بنفسه أو كان بتنبيه من الشارع فحينئذ العقل النظري ينظم اليه ان التشريع لايتناقض مع غايات التكوين
مثلاً (عمارة الأرض) هي غاية تكوينية يدركها العقل سواء بنفسه أو بتوسط تنبيه من الشرع فكل الاحكام تقيّد اطلاقاتها وعموماتها بأن لاتؤدي الى الفساد في نظام الحياة المعيشية الأرضية مهما بلغ الحكم
فباب العقل النظري هو باب واسع وكل قضية يمكن ان تكون متعلقا لادراك العقل النظري يمكن صياغتها لأن تكون متعلقا لادراك العقل العملي والعكس كذلك أي كل قضية يمكن ان تكون متعلقا لادراك العقل العملي يمكن جعلها متعلقا لادراك العقل النظري غاية الأمر ان حكم العقل العملي تكويني أما حكم العقل النظري هو الثبوت وعدم الثبوت
وهذا باب واسع تمسك به الفقهاء في باب المعاملات والحدود والديات والأحوال الشخصية وفي غير ذلك من الأبواب
مثال آخر عام جدا يتمسك به الفقهاء وهو (مسك الفقهاء بروح الشريعة) ومنهج (يتمسك بفقه المقاصد) ومنهج ثالث (يتمسك باصول التشريع واصول القانون) وهوالمنهج الذي نتمسك به وهو الصحيح
وهذه المناهج الثلاثة تتحدث عن شيئ واحد وهو غايات واصول التشريع فيقول الفقهاء بأن مذاق الشريعة كذا وروح الشريعة كذا وهذا متحقق في موارد عديدة شبيه الفقه الدستوري مع قوانين المجالس النيابية مع قوانين مجالس الوزراء مع فقه وقوانين البلديات
ومن باب التذكير نقول ان الفقه البلدي سهل جدا وان الفقه الوزاري أصعب أكاديميا وان الفقه النيابي أصعب من الفقه الوزاري وان الفقه الدستوري أصعب من الفقه النيابي شبيه فقه المحاكم الدستورية
والذي هو أصعب من الفقه الدستوري فضلا عما دونه هو العلم الباحث في العلاقة والموازنه بين الفقه الدستوري والفقه النيابي والفقه الوزاري والفقه البلدي وهو اصطلاحا يسمى علم اصول القانون فالعلم الباحث بين هذه الطبقات في القانون هو أصعب من نفس الطبقات فان البحث في نفس الطبقة يكون تحت قانون ومنظومة معينة وهذه نبذة عن بحث علم اصول التشريع
فالفقهاء المتضلعين دائما يحاولون الاحاطة باصول التشريع أو غايات التشريع في كل باب وهو شبيه الإلمام بفلسفة التشريع من ناحية الاحاطة بها ومنظومتها فهذه الامور يدركها العقل النظري ويجعلها مهيمنة على كل تشريعات واحكام ذلك الباب وهذه قاعدة عامة في كل الأبواب
ومثال ثالث عام لكل الأبواب في العقل النظري حيث ان هناك بيانات في القران الكريم أو في السنة القطعية أو المعتبرة بيانات لسانها ليس لسان تشريع بل لسانها لسان إخبارات تكو ينية هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا أو وارسلنا الرياح لواقح وغيرها مما كان لسانها بيانات تكوينية الاّ ان الفقهاء في أبواب عديدة استكشفوا منها تشريعات وقواعد فجعلوها أدلة شرعية
مثلا هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا جعله الفقهاء مبدأ التسوية والمساوة في فرص النظام الاجتماعي وهو تكافئ الفرص وقد استفيد من هذا الغرض التكويني تشريعات اخرى وبحوث عديدة
فباب ادراك الامور التكوينية للعقل النظري هو باب وسيع لو التفت اليه الانسان وهو باب ادراك الامور التكوينية للعقل النظري فكيف يمكن استكشاف التشريعات منه بالملازمة
وعليه فتكون أكثر الآيات هي آيات الأحكام ولاتنحصر بالخمسمائة ولذا فان قاعدة كلما حكم به العقل النظري حكم به الشرع هي قاعدة مهمة