بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

33/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: لزوم الموافقة الالتزامية
 كان الكلام في الموافقة الالتزامية ووصلنا الى ان الموافقة الالتزامية بمعنى البناء النفساني هل هي لازمة أو لا؟
 المعروف عند الاعلام انها ليست بلازمة في الواجبات التي يقصد منها العمل اذا كانت توصلية لامن جهة نفس الوجوب كمتعلق العمل كوجوب النفقة على الزوجة أو وجوب رد السلام فتلك الوجوبات ليس من اللازم والواجب فيها شيئ وراء العمل البدني بل يكفي فيها العمل البدني فلو لم يكن بانيا نفسانيا على اللزوم والوجب فان الامتثال يحصل ويتحقق
 ولامن جهة واجبات اخرى عامة مثل لزوم التصديق بكل ماجاء به النبي (صلى الله عليه واله) فهذا الوجوب العام لاصلة له بالبناء النفساني على اللزوم في آحاد الوجوبات
 فالكلام في نفس الوجوب لايقتضي الوجوب شيئا وراء العمل البدني ولامن ناحية الواجبات الاخرى هكذا ذكر الأعلام
 وذكرنا ان الآخوند اعترف بأن هذا الذي لايبني في نفسه على العمل يقرر العقل ان هذا العبد مذموم عند المولى من باب سوء السريرة وهذا الاعتراف من صاحب الكفاية في نفسه يكفينا ان البناء النفساني على الوجوب يعني كونه لزوميا لأن عدم البناء كونه متجريا ومتطاولاً
 والبحث ليس في القصد القربي فلايشكل ويقال إنه في التوصليات لايتوقف سقوط الواجب على القصد القربي نعم في القصد القربي في التعبديات لابد من الموافقة الالتزامية ولكنه لايعني ان الموافقة الالتزامية هي القصد القربي بل القصد القربي لامحالة يلتزم شيئ آخر فالقصد القربي بالدقة غير الالتزام النفساني
 ونذكر هذا المطلب وهو استدلال لما نحن فيه فجملة من الأعلام في البحث العلمي وفي موارد المعاملات الباطلة وضعا ككونها ربوية فجملة من الأعلام قالوا ان المتعاقدين لهما ان يبيحا كل منهما للآخر ان يتصرف في المال عوضا عن تصرف الآخر في مال الأول لا بالبناء على ان هذه المعاملة شرعية بل بالبناء على ان هذه المعاملة هي معاملة عقلائية أو مقرر عند اعتبار وبناء المتعاقدين وهنا لايلزم منه الحرمة ولا الفساد لأنهما لايتعاوضان بما هو عقد شرعي بل بما هو عقد في اعتبار أنفسهما أو عند العقلاء فكل منهما يأذن للآخر بالتصرف وفق المقرر العقلائي لاوفق المقرر الشرعي فلا يلزم منه الاشكال
 ومعه فيلزم منه فتح باب واسع حيث يمكن إباحة المتعاقدين كل للآخر وتجري الامور من دون اشكال
 وربما افتى بهذا المبني بعض الأعلام في المسائل المستحدثة والذي جرى بناء على هذا القول ان الجعل الشرعي جعل تقرره في وعاء وفرض وبناء المتعاقدين في وادي آخر فالمتعاقدان لايتبنيان المعاملة الشرعية كي يكونا متشرعان أو منكران للحرمة الضرورية ولاينكران الحرمة الربوية الضرورية لكنهما يتبنيان في البناء النفساني فيما بينهما بانهما لايسندان هذا الحل الوضعي للشارع وهو تفكيك بين الاعتقاد بالوجوب والجعل الشرعي وبين البناء النفساني
 والكبار من المحققين على المكاسب كالكمباني والاصفهاني والنائيني واليزدي وغيرهم من الاعلام قالوا ان هذا القول هو من الوهم وقد نسفوه نسفا، وان العلمانيّن المتدينين قالوا باننا نعتقد بالتشريعات الدينية ولكن نحن فيما بيننا نتراضى وفقا لنظام توافقي بيننا فهو توافق نفساني وليس فيه جحود للشارع
 ولكن هذا المبنى واهي وضعيف جدا ببيان ان الشارع عندما يأتي بالتشريعات والتقنينات فانه يلزم الناس بالعمل بهذه التشريعات ولكي يتحكم وينظم السيرة العقلائية ولايجعل السيرة العقلائية وسلوكيات الأفراد منفلتة عن نظامه وبتعبير هؤلاء المحققين ان موضوع أحل الله البيع وحرم الربا هو البناء العقلائي لا البناء الشرعي فالذي يمنع عنه الشارع هو الربا عند العقلاء ويريد ان يقول ليس لديكم بناء ووضع بدون اشراف الشارع فموضوع العمومات إمضاءً أو منعاً هو بناء العقلاء والمتعاقدين لا البناء الشرعي وهذا هو بيان فلسفة التشريع
 ما أتاكم الرسول فخذوه أي فتبنوه وسيأتي في بحث الاجتهاد والتقليد ان المراد من التقليد هو الاتخاذ والتبني فليس المراد منه الاعتقاد فقط بل لابد فيه من التبني ولذا فان أحد معاني تحريم حرام الله وتحليل حلال الله هو أمر لازم على كل مسلم بمعنى انه يتبنى الحرمة ويتبنى الحلية
 وان أحد مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو انكار المنكر بقلبه أي عدم اتخاذه حلالاً أو الامر بالمعروف بالقلب أي اتخاذه واجبا قلبا لاعملاً
 والعجيب من الآخوند انه يرى ان التجري في كل مراحله ومراتبه الزامي عقلا وشرعا وقد فصل في العفو عن التجري لا في أصل حرمته، وخير ماتبنى صاحب الكفاية وتلاميذه كالكمباني والعراقي من ان التجري بكل مراتبه لزومي
 فلا يمكن ان نتبنى شيئ في غير تشريعات الشارع فان أحد معاني (من سنة سنة حسنة) هو ان السنة الشرعية يفعلها في البناء العقلائي (ومن سنة سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) أي نفس التبني والاتخاذ والبناء
 والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو باب لتفعيل طاعة الشارع وان أحد درجات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الجانب القلبي وهو لايسقط بحال وان التناكر للمنكر ضروري مع غض النظر عن العمل