الموضوع: لزوم الموافقة الالتزامية
كان الكلام في لزوم الموافقة الالتزامية وتقدم انه يمكن ان تفسر تارة بتصديق ماجاء به النبي (صلى الله علية واله) وتارة بالفعل النفساني دون التصديق وهو البناء النفساني
ولتوضح الفرق بين الفعلين يمكن البيان بهذا التعبير فتارة الشخص لاينكر وجوب الحج أو وجوب الصلاة ولكنه في نفسه لايتبنى الزام نفسه أي لايبني في قرار نفسه على التعاطي بالزام نفسه بالوجوب شبيه ما لو أوقع المتعاقدين العقد الربوي مع اعتقادهم بحرمة العقد الربوي لكن المتعاقدان يريدان ان يتبنيا وجود هذا العقد فهما لم ينكرا التشريع وحكم الشارع حتى بحرمة هذا العقد الخاص لكنهما يعتبران وجود آخر للعقد ويعبر عنه عند الأعلام بالعقد عند المتعاقدين فهما يتبنيان وجود العقد ويقال له وجود بنائي للعقد أي البناء على الحلية
ومثله مالو نذر انه لايترك الصوم أي يتعاطى مع النذر تعاطي اللزومي فهذا النذر يستشكل الأعلام في صحته لأنه يجعل الشيئ الغير لزومي يجعله لزوميا على نفسه فهذا لايسوغ ولاينعقد النذر وكذا بالنسبة للشرط والصلح في العقود
فهناك بناء نفساني يسبق العمل البدني ففي العبادات لامحالة ان يقصد الوجوب فانه يقصد الانبعاث عن الأمر
وكذا مثل قول قائلهم متعتان كانتا على على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) و انا احرمهما واعاقب عليهما فهنا هو الذي تبنى الحرمة وكأنه له الصلاحية في التشريع فاستند الى بناء وصلاحية نفسه
فهنا بحسب هذا القائل وردا على العامة هو لاينكر حليتهما بحسب الشريعة انما هو يريد ان يتبنى ويلزم الآخرين بالحرمة وكأنه نبي ثاني
فبحث الالتزام بالاحكام غير الاعتقاد بالاحكام
والكلام الآن يقع في لزوم الموافقة الالتزامية هذه بكلا معنيها والمشهور المعروف عند الأعلام انها غير لازمة
ودليلهم هو ان التصديق الاجمالي بما جاء به النبي (صلى الله عليه واله) من الاحكام هو اللازم بالاحكام اما تفصيلا فاذا قام به العلم فبها ونعمت وأما اذا لم يقم العلم فأول الكلام
وجملة من كلمات الأعلام لايقرون بلزوم التصديق التفصيلي اذا قام على الحكم الواقعي دليل ظني
نعم التصديق الاجمالي القطعي بان أعتقد اجمالا بكل ماجاء به سيد الانبياء (صلى الله عليه واله) واقر بما علمته تفصيلا من الأحكام واما في موارد الظن فلا الزام في الاعتقاد تفصيلا حيث قال بعض الأعلام بأن الموافقة الالتزامية مع التصديق اذا قام العلم اما الظن التفصيلي واعتبار الظن لم يلزمنا بالتصديق
واما الأعلام الذين قالوا بلزوم الموافقة التفصيلية الالتزامية بمعنى التصديق عند الظنون المعتبرة هم الذين يقبلون حجية الظن في تفاصيل العقائد إنتهاء بالسيد الخوئي وقبله استاذه الكمباني الى المجلسي الى الشيخ البهائي الى الميرزا القمي وغيرهم من الذين قالوا باعتبار الظن في المسائل الاعتقادية التفصيلية لا المحاور الاساسية التفصيلية في الاعتقادات فقالوا بأن كل ظن معتبر كما يلزم العمل به يلزم تصديقه أيضا
أما جل الأعلام الآخرين الذي أنكروا اعتبار الظن في المسائل الاعتقادية قالوا لاموجب للموافقة الالتزامية التصديقية بمعنى التصديق في موارد الظنون المعتبرة على الاحكام، هذا بالنسبة للموافقة الالتزامية الاجمالية والتفصيلية بمعنى التصديق
وأما بالنسبة الى الموافة الالتزامية بمعنى الالتزام النفساني والقرار النفساني والفعل النفساني الذي مر معناه الآن فماذا عنه
فان كل الأعلام انكروا وجوب الموافقة الالتزامية بهذا المعنى في التوصليات نعم يقرون وجوبها في التعبديات
واستدلوا على ذلك في التوصليات بأنه لو أتى المكلف بنفس العمل الخارجي البدني ولم يتبنى نفسانيا فيكون حينئذ ممتثلا وطائعا ولايصح عقوبته وهذا دليل على ان الموافقة الالتزامية ليس بلازم
نعم بعضهم كصاحب الكفاية قال اذا علم المولى بأنه في البناء النفساني لايتخذ حراما أو الواجب واجبا فيصبح ذلك العام شيئ لمكانة عند مولاه ولكن هذا ليس بنحو اللزوم بل بنحو ماتبناه الشيخ في التجري فهو ذم فقط والثمرة ستأتي فيما بعد إنشاء الله تعالى
لكن الصحيح لدينا ان الموافقة الالتزامية لابد منها سواء بمعنى التصديق أو التبني النفساني
أما بمعنى التصديق فنحن في وفاق مع جمهرة من الأعلام الذين تبنوا اعتبار الظن المعتبر في تفاصيل العقائد وسيأتي في نهاية الخبر الواحد ونهاية بحث الانسداد واجمالا ذكرناه في فصل الامامة الالهية الفصل الأول
فالصحيح انه لابد في موارد الظنون التفصيلية المعتبرة لابد من الاعتقاد الظني به فخبر الواحد كما قاله السيد الخوئي والكمباني وغيرهما من ان الظن كما يلزم الانسان بالعمل يلزم الانسان بالظن
اما بالنسبة للموافقة الالتزامية بمعنى البناء النفساني فالصحيح انه لزوم ذلك والوجه في ذلك هو نفس بحث التجري
فتارة نبحث في لزوم الموافقة الالتزامية بمعنى البناء النفساني مدركها وقاعدة اخرى وحكم اخر في الشريعة ان في كل مورد وجوب عملي عليك ان تلتزم نفسانيا اي تحرم ما حرم الله تعالى
وتارة نقول ان نفس حكم وجوب الصلاة يقتضي ذلك، وهذا ماسيأتي الكلام عنه