بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

33/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الروايات الواردة في قبح التجري
 كان الكلام في الروايات الواردة في بحث التجري ووصلنا الى الباب السادس والرواية الثالثة وهي:
 الرواية الرابعة: موثقة السكوني عن الامام الصادق (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه واله) نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله وهذا بنحو عام ودائم يدل على ان جانب المفسدة في النية أكثر من جانب المفسدة في العمل البدني كما ان جانب المصلحة في نية المؤمن أكبر من المصلحة الموجودة في العمل البدني
 وكما تم بحثه في الابحاث العقلية فان فعل البدن هو مُعد فقط كما يشير اليه قوله تعالى أفرأيتم ماتمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون فالاستيلاد من البشر ليس هو سبب فاعلي للخلقة وإنما هو إعداد فالمراد من تمنون هو تحريك المني، فدور الانسان هو الحركة العرضية المُعدّة فقط وأما الصورة الخلقية للطفل فهو إفاضة من الله تعالى
  وكذا أفرأيتم ماتحرثون أأنتم تزرعونه ام نحن الزارعون فتحريك التراب والإعداد هو من الانسان واما الصورة للزرع فهي من الله تعالى أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها ام نحن المنشئون فالانسان هو الذي يوري الشعلة والاّ فان مادة وصورة الاحتراق هي من الشجرة والشجرة من خلقة الله تعالى
 لذا فان نية المؤمن خير من عمله يدل عليه البرهان العقلي، فجانب قوة وثبات الوجود هو في جانب النفس أقوى منه في جانب البدن سواء الوجود الخير أو الوجود الشر
 وان نتيجة العمل البدني أهم من نفس العمل لأنه قرب الانسان من الله تعالى في الطاعة وفي المعصية فان شر المعصية هو نية المعصية وهذا الكلام يصح حتى على المنطق الماديّ
 ورواية اخرى يمكن استحسانها وهي في الباب 6 من أبواب مقدمات العبادت الحديث 4 عن أبي هاشم قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) إنما خلد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها ان يعصوا الله أبدا وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا ان لو بقوا فيها ان يطيعوا الله أبدا فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ثم تلى قوله تعالى قل كل يعمل على شاكلته قال على نيته وقد روى هذ الرواية البرقي والصدوق أيضا عن القاسم بن محمد عن أحمد بن يونس عن أبي هاشم
 فالجزاء الأبدي أعظم من أصل الجزاء لأنه هو الخلود فنلاحظ ان الله عز وجل يداين البشر في النية لأعظم جزاء سواء في جانب الخير أو في جانب الشر فالركن الركين هو للنية وليس للعمل البدني
 ومن ثم فلايمكن القول ان التجري ليس بحرام بل ولايمكن تصوير ذلك أصلاً لأن النية هي السبب في خلود الفريقين في الجزاء وان النية هي السبب لتجوهر الذات
 فكل يعمل على شاكلته هو ان النية توجهر الذات بالاستمارا فاذا صار جواهرا فيكون ذاتي له سواء في الجحود والعياذ بالله أو في الطاعة يوم تبلى السرائر وليس فقط الاعمال والسريرة هي أعظم عمل يقوم به الانسان فايجاد الجوهر عمل أعظم من ايجاد الصفة وايجاد الصفة اعظم من ايجاد الفعل النفساني وايجاد الفعل النفساني أعظم من ايجاد الفعل المادي
 نعم النية اذا فرغ منه عمل البدن يدل على ان النية مستحكمة أزيد لا ان العمل هو السبب بل ان العمل هو معلول
 فدرجات التجري اذا اقدم على العمل فهو أشد مما لم يقدم واذا اقدم وتوغل في العمل البدني فالاصرار والنية اشد فهي مراتب في النية وليس ذلك يعني عدم الخيرية والشرية في نفس العمل البدني فهي موجودة ولكنها ليست بدرجة وحجم الخيرية والشرية في الفعل النفساني
 ونأتي الى بحث المصلحة السلوكية في جمع الشيخ بين الحكم الظاهري والواقعي فهناك دور للعمل البدني ولكن العمل السلوكي البدني أعظم وهذا ليس من التصويب وان تشابه معه
 والتصويب هو انه كيف ما يعتقد الفقيه او المجتهد فهو الحكم الواقعي ويتبدل الى الواقع وطبعا المصوبة على نظريات واقوال
 فالقائلون بالسببية والتصويب على ثلاثة أقوال فقول يقول انه لايوجد شيئ وقول انه موجود ولكنه يتبدل وقول ثالث لايتبدل بل يحصل التزاحم وان القول الثالث هو قريب الافق من هذا البيان
 ويمكن ترجمة هذا المبنى في اللغة المادية والاجتماعية والعصرية بأن النية هي عبارة عن الارتباط بمنظومة معينة فنية الخير مرتبطة بمنظومة الخير ونية الشر مرتبطة بمنظومة الشر بينما العمل في البدن هو حلقة واحدة
 لذا فدائما في بيانات القران الكريم وأهل البيت (عليهم السلام) يقول ليس المدار دائما على العمل نعم للعمل دور ولكن للانتماء أيضا دور وهو الولاية فان كل عمل ينتمي الى المجموع والمنظومة فالإنتماء الى منظومة الخير يوجب الإنتماء الى الخير
 الرواية الخامسة: عن سفيان بن عرينة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث والنية أفضل من العمل الا وان النية هي العمل فالولاية هي العمل
 ففي الرواية ان عذاب تارك الصلاة لأجل أنه لم يقتدي برسول الله (صلى الله عليه واله) في طاعة لله تعالى وكذا في ترك الصوم وغير ذلك من الاوامر
 فالنبي ابراهيم (عليه السلام) قال ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات فمجيئ الناس للحج غايته المودة لذرية اسماعيل كما ورد عن الامام الباقر (عليه السلام) ولم يقل تهوي اليّ بل تهوي اليهم