الموضوع: الجهة الفقهية لقبح التجري
وصل بنا الكلام الى الجهة الفقهية في بحث التجري والمقصود من الجهة الفقهية هو الأدلة الشرعية المتعرضة للحكم الشرعي لنفس التجري
قال الشيخ الانصاري هناك طائفتين من الأدلة من الروايات والايات احداهما دالة على المؤاخذة مطلقا على التجري والثانية دالة على عدم المؤاخذة على التجري
ومحصّل ما جمع به الشيخ هو حمل الدالة على عدم المؤاخذة على انه تجرّء وتاب والتي دلت على المؤاخذة بأنه تجرّء ولم يتوب
ووجه جمع آخر وهو ان مادل على عدم المؤاخذة يحمل على وجود نية نفسانية فقط ولكنه لم يواصل هذه النية ولم يتلبس بمقدمات العمل وان الدالة على المؤاخذة حملت على من واصل النية وتلبّس بالمقدمات والعمل
و بالتالي فمحصل هذا الوجه الثاني هو الفرق بين درجات التجري فهناك تجري ماضي وقريب من تجري المعصية وهناك تجري في بداياته وهذا إجمالا كلام الشيخ الانصاري (قده)
المرحوم الآخوند وتلميذيه الاصفهاني والعراقي حيث ذهبا الى الحرمة العقلية والحرمة العقلية تستلزم الحرمة الشرعية فقد فسرا الروايات الدالة على العدم ليس على عدم الحرمة بل على العفو وهو عدم المؤاخذة تفضلا لا انه ليس بحرام شبيه المشهور في الظهار
فهناك احكام الزامية لكنها ليست عزيمة بأن يرخص به الشارع فالعزيمة اسم لمرحلة التنجيز وليست اسم لماهية الالزام وقد وقع الخلط لكثير بين هذين المطلبين
وقد تقدم مثال قبل أيام فلدينا مباح هو عزيمة مثل الافطار في السفر فهو عزيمة وليس برخصة وهناك مباح رخصة فالعزيمة اسم ليس للالزام بل العزيمة لمرحلة التنجيز
وفرق ثالث وهو تسجيل العقوبة فالحرمات لايكتبها الباري تعالى على المحرمات الاّ بعد سبع ساعات وهناك مواطن لاتكتب العقوبة خلال اليومين والثلاثة
وقد سُجلت على الشيخ مؤاخذة صناعية مهمة من قبل الآخوند أو العراقي أو الاصفهاني وهي ان عدم كتابة العقوبة لايعني الترخيص فلا ملازمة بين العزيمة وبين كتابة العقوبة كما لاملازمة بين عدم كتابة العقوبة والترخيص
ففرق بين كتابة ولاكتابة العقوبة وبين عزيمة الحكم أي هناك فرق بين استحقاق العقوبة عقلا وكتابة العقوبة شرعا أو دينا
ومن ثمرات هذا البحث هو بحث الصبي فالوارد في الصبي المميز انه لاتكتب عليه السيئة فعدم كتابتها لايعني الترخيص خلافا لمشهور المتأخرين ووفاقا للشهيد الأول واستاذنا الميرزا هاشم الآملي وبعض الأساطين فضلا عن رفع الفعلية ورفع الإنشاء
فالصحيح وفاقا لهؤلاء الأساطين فان الصبي المميز فيه الزام وعزيمة لكنه لاتكتب عليه العقوبة مثل الوضوء فهو واجب للصلاة ولكنه اذا صار حرجي فالشارع يرفع التنجيز ولايرفع الالزام
والكلفة اسم لمرحلة التنجيز وليست اسم لمرحلة الفعلية وهذا الذي خلط فيه الأكابر فاسماء الحكم مبحث حساس جدا لمعرفة مراحل الحكم وكثير من الاشكالات والسؤلات ناشئة من عدم الدقة في معرفة ان اسم الحكم هو اسم لأي مرحلة
فالصبي تكتب له الحسنة ولكن لاتكتب عليه السيئة تفضلا فان أدلة لاتكتب في التجري هو دليل الحرمة الالزامية ودليل الالزام ودليل على الترخيص
ففي هذا اللسان الذي يرد في أبواب عديدة معنى عدم كتابة السيئة ليس الترخيص بل كتابة العقوبة موجودة فنفس دليل عدم كتابة السيئة هو دليل على الحرمة والشارع منّة منه لايكتبها فالحرمة والالزام موجودة والعزيمة موجودة والحرمة لم يرخصها الشارع لكنه عفى عنها وكونه عفى عنها لايدل على الترخيص
فالعفو لسان دال على الالزام ودال على العزيمة وإنما هو عفو فكل أدلة التجري دالّة على الحرمة الشرعية وكلا طائفتي التجري دالة على الحرمة الالزامية والعزيمة ولكن احداهما تقول منطقة العفو في مكان معين والاخرى تقول منطقة العفو في مكان آخر
فبهذا المقدار اجمالا ظهر ان كل الأدلة الشرعية دالة على الحرمة الشرعية في التجري وعلى العزيمة، وان العفو والاّ عفوا يغاير أصل الالزام ويغاير أصل العزيمة كما تبيّن