بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

33/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الوجه الكلامي لقبح التجري
 الكلام في الوجه الكلامي لاستحقاق العقوبة على التجري
 وملخص هذا الوجه الكلامي هو ماذكره صاحب الفصول من ان العاصي والمتجري أو نقول المنقاد والطائع يرتكبان مقدمات اختيارية مشتركة وعليه فلا فرق بينهما في المقدمات والخطوات نعم فيما ليس هو اختياري فهناك فارق بين موارد الانقياد والعصيان وهو التطابق ولا التطابق فالتطابق لما ارتكز في ذهنه من العلم ولاتطابق فيما ارتكز في ذهنه من العلم وهو خارج عن حيطة الاختيار فكيف يفرق في الجزاء فلابد من ان تكون التفرقة على ضوء شيئ اختياري
 فالملخص هذه النقطة وهي ان في المقدمات التي ترتكب من قبل العاصي والمتجري متحدة وانما هناك مقدمة غير اختيارية في كلا الطرفين وهي الفارق بينهما وكذا في الطائع والمنقاد والمفروض ان الجزاء يسجل على مقدمات وافعال اختيارية
 وقد اجيب عن هذا الاستدلال في ضوابط باب الجزاء التفكيك بين الطرفين
 فالعقاب على شيئ ليس باختياري تماما هو قبيح والعاصي يكون عقابه على مجموع الاختياري وغيره فبالتالي يكون العقاب على المقدمات الاختيارية وهذا لاقبح فيه
 أما في جانب المتجري فعدم العقوبة لأمر غير اختياري ليس بقبيح ولايخل بالعدل الالهي
 ففي باب الحساب الالهي صحيح هناك تقييم فردي ولكن هناك أيضا منظومة من التأثيرات بسبب مجموع أفعال الانسان أو ذوي الإنسان فعندما جعل الله تعالى فلان من بني فلان لمحاسبات مجموعية خاصة لاتخل بالاختيار
 المهم ان هذا باب وسيع فان الله تعالى يرحم قبيله لأجل ان فيهم من هو تقي وورع بل حتى الجار وقد يكون العكس والعياذ بالله تعالى
 إجمالا فالعقاب على أمر غير اختياري قبيح وعدم العقوبة على أمر غير اختياري ليس بقبيح وهذا المقدار من الاستدلال هو كلام غير تام
 وقبل الدخول الى الوجه الفقهي يخلص الشيخ الأنصاري الى ان مقدار حكم العقل على المتجري ليس مقدار عقوبة أو مقدار مثوبة وإنما هو فقط مدح وذم لايرقى الى العقوبة والمثوبة
 وتفسير كلام الشيخ هو انه ليس حسن أو قبح بدرجة شديدة فالحسن والقبح على الصفات ليس مدارا للعقوبة والمثوبة وان كان مدار للمدح والذم
 وكلام الشيخ هذا فضلا عن مناقشته نذكر فيه عدة ملاحظات
 فان التفكيك بين المدح والمثوبة والذم والعقوبة غير تام كما سيأتي في مبحث الحكم العقلي من تنبيهات القطع
 وقد يكون مراد الشيخ من الحسن والقبح هنا هو النقص والكمال وليس المدح والذم الذي على أمر غير اختياري فهذا له وجه وان كنّا سنبين انه لاتفكيك بين القبح والنقص وبين المدح والكمال مع كونه اختياري والمبحث طويل الذيل
 واما مختار صاحب الكفاية وقد تابعة تلميذيه العراقي والكمباني فمختاره حرنة التجري كفعل نفساني او قد يكون له بعض حيثيات الفعل البدني مع بقاء الفعل البدني في نفسه على ماهو عليه من الفعل الواقعي كما لو قطع بكون شرب الماء خمرا جهلا فان الماء سيبقى ماء قطع بكونه خمرا أو لا، والفعل النفساني من المتجري هو القبيح ويعاقب عليه لانه تطاول وتمرد على المولى
 بل يقول صاحب الكفاية ولعل مراد المستدل في كلام صاحب الفصول أراد هذا البيان لكنه اخطأ في ترسيم هذا البيان لافرق في الجهة الفاعلية بين المتجري والعاصي
 وكما اشار بعض اساتذنا (رحمهم الله) ان المراد من الحيثية الفاعلية ان تستعمل بمعنين فالشيخ استعملها بمعنى صفات الفاعل بينما الآخوند استعملها بمعنى الفعل النفساني وهذه نكتة مهمة فان الجهة الفاعلية تستعمل بمعنين
 فيقول صاحب الكفاية ان درجة القبح الذي يحكم به العقل في موارد المعصية لفعل الفاعل نفس درجة القبح عند العقل للمتجري وكذا الحسن الذي يحكم به العقل للطائع هو نفس الحسن الذي يحكم به العقل للمنقاد فلا اختلاف في الفعل النفساني لأن التطاول والتجرئ على المولى تعالى هو بدرجة واحدة
 ويقول المرحوم الآخوند ان الفعل في نفسه لايتغير عما هو عليه ويدعي ان الفعل لايتعنون بالتجري
 بينما العراقي والكمباني سيما العراقي يخالف استاذه في هذا الأمر فيقول لايبعد ان الفعل بلحاظ عنوانه الذاتي لايتغير عما هو عليه اما بلحاظ عناوينه الطارئة فهو يتغير فهنا مخالفة بين العراقي واستاذه صاحب الكفاية
 ويخلص العراقي الى ان التجري أو الانقياد هو عنوان ثانوي يطرء على الفعل وهذا هو المختار لدينا خلافا للنائيني والشيخ والاخوند
 وكون العناوين الطائة تغير أحكام الأفعال أو لاتغير فهذا بحث يدخل في العناوين الثانوية
 وان المرحوم العراقي في الجهات الكلامية متميز عن الكمباني والنائيني لأنه كان مدرسا لكتاب شرح التجريد فترة مديدة بينما الاصفهاني كان مشتغلا بتدريس العقليات اكثر
 ولتوضيح هذه الامور في الجهة الفاعلية والفعل بما هو هو
 المقام الأول: الكلام في الجهة الفاعلية
 ففي الجهة الفاعلية مراتب التجري عديدة وليست مرتبة واحدة فالتجري كفعل نفساني له مراتب عديدة وهو سار في المعصية كما انه ساري في موارد عدم المعصية