بحوث خارج الأصول

الأستاذ الشیخ محمدالسند

33/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: حقيقة حجية الاطمينان
 كان الكام في حجية الاطمينان وتقدم كلام الاعلام في ان حجية الاطمينان ملحقة في حجية العلم وانه لايمكن النهي عن حجية الاطمينان بشكل مطلق وان عنوان الاطمينان هو قالب يمكن ان يستجد تحت افراده طرق مستحدثة وجديدة
 وتقدم كلام إجمالا في التعليق على كلام الأعلام في النقطة الاولى وهي ان الجزم والاذعان لايختص في متاخم العلم والاّ فان الجزم قد يحصل في النفس البشرية حتى في الاحتمال الضعيف
 والنقطة الثانية وهي ان البحث في الحجج سواء في مباحث اصول الفقه كمعرفة دينية او في المنطق البشري ان الحجية او الاطمينان يلحظ منشأه على نمطين: النمط الاول منشأ وحاني منضبط بقالب معين كالخبر الواحد والشهرة والظهور والاجماع وماشابه ذلك، والمنشأ الثاني للحجية وللاطمينان ليس المنشأ منضبط مادة أو هيئة وإنما هو عبارة عن تراكم كمّي وكيفي كهيئة حساب الى ان يصل الى نتيجة موازية للنتيجة الموجودة في النمط الاول
 وحيث ان النمط الثاني لم يعتمد على موارد وهيئة النمط الأول ولكنه يستند على لفيف من مواد وهيئات كلها تندرج تحت هيئة حساب الاحتمالات الى ان يخلق درجة توازي وتحاذي درجات النمط الأول
 وهذا مبحث مهم جدا فان الباحث الاصولي في حين يبحث بحث الحجج عن موارد النمط الأول فلابد له من البحث عن تراكمات النمط الثاني ومرّ بنا ان أدنى الظنون خبر الثقة فنرى ان من قديم الزمان الأعلام بحثوا عن الخبر الموثوق به وهو ليس خبر الثقة ولكن قرائن تتراكم كمّا أو كيفا مع هذا الخبر توصله الى خبر الثقة أو فوق ذلك والصحيح هو الجمع بين النمطين
 فالمقصود ان النمط الثاني هو في بالغ الأهمية في حين ان في ظاهره ليس له ضابطة ولاقاعدة ولا قالب ولكن هذا ليس بتام فهو لابد من انضباطه بقواعد معينة وكذا في الخبر المستفيض فان الاستفاضة قد تتصور من النمط الأول والثاني فلو كان الطرق ثقات فهو من النمط الاول وان لم يكونوا ثقات لكن القرائن عالية فهو من النمط الثاني وكذا التواتر فهو من النمط الثاني لتصاعد الضريب الاحتمالي وهذه امور مهمة لابد من الالتفات اليها
 ومن الخطأ كما تقدم النظرة الاحادية الى الأدلة بل طبيعة الدين ان ينظر الى الأدلة نظرة مجموعية سواء بجمع كمّي أو كيفي أو بهما معا أما النظرة الاحادية فهي نظرة غير تامة للطريق
 فهناك في البحوث العلمية نمطان وان الكثير من الباحثين قد غفلوا عن النمط الثاني مما سببت نتائج مختلفة في الفقه والعقائد والتفسير، ومن باب المثال ان أكثر مبانى السيد الخوئي في علم الرجال في الخدشة على مباني المشهور في علم الرجال محاكمة القواعد على النمط الأول بينما مسلك علماء الرجال في تلك القواعد الرجالية هو النمط الثاني
 نلاحظ على النمط الثاني لايفرط في أي قرينة مهما ضعفت كما وكيفا سواء كانت في طرق الصدور أو في الدلالة أو في جهة الصدور أو في الرجال وحتى مشهور الفقهاء في أي مبحث ومسألة وفرع فقهي يستعرضون كل الروايات حتى الضعيفة والمفروض انها لاقيمة لها ولكن هذا على النمط الاول لاقيمة بينما على النمط الثاني لايمكن ان لاتراعى فحتى مقدار المثقال يحسب له حساب في النمط الثاني
 ونقطة ثالثة وهي على نهج النمط الثاني لايمكن الوصول تنقيحا وتدقيقا في النمط الثاني الاّ بعد إعمال موازين النمط الاول ومعنى ذلك ان النمط الثاني ليس عشوائيا وليس تخليطيا فلابد من ضبطه بموازين النمط الاول وهذا هو السر في ان القدماء في علم الحديث والرجال والفقه يدققون في درجة الضعف ودرجة الاعتبار وذلك لأنهم لاينظرون فقط الى النمط الأول وهو نمط التجزئة بل ينظرون الى الأدلة نظرة مجموعية ولابد فيها من التدقيق في درجة الإعتبار
 فليس هذا النمط الثاني عشوائيا بل مسلك المشهور اشق من مسلك السيد الخوئي وتلاميذه فلابد فيه من إجراء موازين النمط الاول ثم تأتي محاسبة مجموعية مرة اخرى سواء في علم الحديث أو الحديث أو جهة الصدور أو في فقه العقائد فأحد مصاديق الحجج ففي الأدلة هناك نمط النظرة الاحادية وهناك نمط النظرة المجموعية
 فترى الفقيه في الابواب الفقهية تارة يدقق مسألة مسألة ثم لايرى نظرة مجموعية للادلة ولكن اذا جمع الفقيه بين الأدلة في الجهاد والمكاسب المحرمة والى غير ذلك فترى تحقق خريطة كاملة وطريق واضح وهذا التشدد والتبعثر لايكوّن صورة واضحة
 وان منهج الشهيد الأول والشيخ جعفر كاشف الغطاء وهو منهج القواعدي وهو الترابط الشمولي بين الأبواب فيقول كاشف الغطاء لم يفض الفقه بكارة لم يفضها الاّ الشهيد الاول وانا ابني موسى فبغض النطر عن صحة هذا الكلام الاّ ان مراده ان هذا الأمر هو أمر خطير فالنظرة الشمولية في الأبواب مهمة وتسمى العارضة والفقهية والاحاطة الفقهية فهذه لاتتوفر من خلال التركيز على باب واحد فقط بل لابد من النظرة الشمولية وهذا منهج مهم
 والملاحظ ان اصحاب المنهج الأول عند تبين المنهج الثاني لهم فلايرونه علميا ولاصناعيا فانه يتخيل ان الهندسة للخريطة من بُعد واحد هو العلم في حين ان النظرة من جميع الجهات هو التام وهو الذي يحتاج الى القدرة
 وللكلام تتمة