الموضوع: درجات العلم والحجية

 كان الكلام في مطلق درجات العلم الذي يذكر في البحوث العقلية أو ماعُبّر عنه في الوحي فقد مدح لسان الوحي الالهي الرجاء اذا تعوطي معه تعاطيا علميا ومنهجيا ان الذين يرجون لقاء الله وأيضا ان الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم مع ان الظن مذوم فلابد من بيان موارد المدح وموارد الذم للظن

 فالمهم ان درجات العلم بحسب بيانات الوحي وبيانات أهل البيت (عليهم السلام) وكذا في البحوث العقلية فكل درجة من درجات العلم فيها طريقية ذاتية والحجية والتنجيز بحسبها مترتبة عليها

 ولابد من لحاظ النقطة اللاحقة من هذه النقاط وهي ان الحجية والتنجيز ذات مراتب تشكيكية وليست هي على درجة واحدة فالحجية قابلة للشدة والضعف

 وان أصل الانكشاف علم وبتبع درجات الانكشاف وضعفه وتقوية هناك تناسب طردي للحجية وذكرنا ان بعض الاعلام قال ان الحجية الذاتية ليست خاصة بالانكشاف التام بل حتى الانكشاف الناقص له حجية ذاتية لكنها متناسبة بحسبه

 ومن القواعد التي بنى عليها متأخري الاعصار هي ان المتنجز لايتنجز ولكن هذه القاعدة غير تامة برمتها ولانقبلها فان المتنجز قابل لأن يتنجز

 وتتمة لهذه النقطة فان الحجية وكما تقدم هي ذات درجات شدة وضعفا بحسب الانكشاف فربما تتضافر أفراد الكاشف ولو بدرجة واحدة أو درجات على منكشف واحد فان الحجية قد تشتد فكما ان الحجية تشتد بحسب درجات الكاشف كذا تشتد الحجية بحسب الكم الحاصل من الكاشف ولو بمرتبة واحده وهذا أمر مركوز في فطرة البشر والعقل والعقلاء فتراهم يستدلون على مطلب واحد بعشرات الأدلة والوجه فيه ان تكثر الأدلة يوجب ازدياد درجة الانكشاف

 واما اشتداد التنجيز فان لاشتداد التنجيز عدّة معاني فمن جانب الانكاشف أي الحجية بمعنى الطريقية فيزداد الانكشاف أو تطرد معها شدة استحقاق العقوبة ولذا في الايات القرانية في الامم السابقة كأصحاب المائدة قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينامائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وانت خير الرازقين قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني اذبه عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين فكلما تزداد الحجية فان العقوبة تزداد

 فماعرف وتُسلم عليه عند متأخري العصر من ان المتنجز لايتنجز لايمكن الإقرار به بل المتنجز قابل لأن يتنجز ولو تنزلنا وقلنا ان الحجية ليست معنى تشكيكي فمع ذلك ان هذه الدرجة التي ليست قابلة للاشتداد والضعف هي قابلة لان تقف على دعامات كثيرة مثل قيام السقف على دعامات متعددة فالدعامة الاضافية لاتكون لغوا بل يتوزع الثقل أو يكون للدعامة الإضافية دور تقديري فلو سّلم ان الحجية بأي معنى من المعاني ليست قابلة للشدة والضعف فع ذلك تراكم وتعدد الكاشف ليس لغوا محض وبالتالي فلايكون تنجيز المتنجز ممتنع ولغو

 ونقطة اخرى في مبحث الحجية فهناك نظام قراني في المعرفة هو مقتضى مراتب الحجية فهناك نظام طبقاتي من الحجية بحيث ان الحجة الاعلى مهيمنة على الحجة الأسفل بمعنى ان الحجة الأدنى إنما تكون حجة اذا وافقت الحجة الأعلى ولو بمقدار عدم لمخالفة

 والهيمنة في الحجية هي ان الحجة الدنيا ان كانت موافقة فتكون حجة وان كانت مخالفة فتسلب عنها الحجية فنظام الحجج هو نظام ذو مراتب فالحجة العليا محكمة ومهيمنة بالقياس للحجة الدنيا والحجة الدنيا مشابهة في فرض ملاحظتها الى مافوقها وفي فرض ملاحظتها الى مادونها تكون محكمة فالحجة الوادة توصف بوصفين

 والبحث طويل الذيل وخطير في الفقه والحجج والعقائد