الموضوع: درجات العلم
كان الكلام في الحجتية الذاتية للقطع سواء كان بمعنى الطريقية أو بمعنى التنجييز والتعذير
وتقدم ان ارتكاز الاعلام في الحجية الذاتية بمعنى الطريقية أو الذاتية التكوينية أو العقلية ليس على ان الحجية لنفس القطع وان عبّروا بذلك
فان ارتكاز الأعلام أهم من قالب التصريح الذي يتلفظون به، فصاحب الجواهر يذكر بأن التمكين في الزوجة هل شرطه التمكين أو عدم النشوز أو أحتمالات آخرى فيذكر ان المشهور عبروا بأن شرط النفقة التمكين لكنه (قده) يقول اذا تتبع الانسان كلام المشهور في موارد عديدة يراهم التزموا بوجوب النفقة مع عدم التمكين إذا المرأة كانت مريضة أو معذورة
فيقول (قده) هذا شاهد على ان ماعبروا به من قالب واطار ان شرط النفقة التمكين ليس مرادا جديا لهم أو ارتكازيا لهم، فيوصي ان لاينخذع الانسان ولاينساق الى تصريحاتهم فان ارتكازهم امكن وامتن من الانسياق الى تصريحاتهم
فكما في استطاعة الحج فان الظاهر من كلام المشهور انها شرط شرعي في مرحلة الفعلية والملاك ولكن نفس المشهور التزموا في موارد عديدة باجزاء الحج مع ان الاستطاعة متخلفة مما يدل على ان ارتكازهم شيئ آخر
ومثال آخر وهو تصريح المشهور ان النسب يقوم مقام الوطئ الحلال فإن ابن الحرام ليس فيه نسب أصلا مع ان المشهور شهرة عظيمة في أبواب اخرى التزام المشهور بأن النسب موجود لكنه نسب خبيث لأنه من حرام
للشهيد الثاني منهج في الاستنباتط تميز به وهو انه عندما يستنتج النتيجة فلاجل أن يستعلم صحتها من سقمها يأخذ بالتشقيق والتفاصيل فإن انطبق القالب الذي استنتجه في كل الشقوق فهو صحيح والاّ فلا، وقد جرى (قده) على هذا المنهج في الروضة وفي المسالك
ومن ضمن تلك الموارد التي من هذا القبيل هو مايقال من ان القطع حجتيه ذاتية والحال انهم لم يلتزموا بذلك ارتكازا مما يدلل على ان المراد من الحجية الذاتية للقطع بمعنى العلمية أو التنجييز والتعذير أو بمعنى وجوب الطاعة ليس هو للاذعان والقطع بل هو للعلم واليقين لا لنفس الاذعان
ان العلم واليقين وكما تقدم يطلق على درجات وتقدم انه بحسب العم الحصولي يطلق العلم على نفس البرهان سواء كان مقدمة صغرى وكبرى أو استقراء وان كان البرهان على ماهو الصحيح لاينحصر كما توهمه الفلاسفة والمناطقة في مناشئ ستة أو مناشئ معينة بل البرهان بعدد قوى النفس وبعدد العلوم ففي كل علم برهان
ونقطة اخرى تقدمت وهي ان الحجية التي للعلم ليس المراد بها العلم الذي وصل الى درجة اليقين بل العلم هو بتمام سعته فيسع حتى التصور والاحتمال فالمهم ان العلم درجات
يقول المرحوم اقا ضياء الدين العراقي (قده) في بحث الشك في الصلاة ان الاحتمال فيه درجة من الطريقية ويمكن ان يجعل الشارع الشك امارة في بعض المورد فلايُظن ان الشك طبيعته وظيفة عملية بحتة، ثم يترفع فيقول حتى الاحتمال الوهمي فيه درجة من الارائة والتصور وقبل الاقا ضياء الدين العراقي هذا الكلام للسيد محمد الفشاركي الاصفهاني فقد بنى على ان الاحتمال والشك بل وحتى الوهم فيه درجة من الارائة والطريقية يمكن للشارع ان يعتمد عليه كما في الفروج والأموال والدماء فاصالة الاحتياط هناك ليس فقط من باب وظيفة عملية بحتة بل من باب الامارة وان ضعفت هذه الامارة بنظر العقلاء لكنه قد اعتد بها الشارع فحتى في موارد الشك والاحتمال هناك جنبة طريقية
ومما يدل على نفس هذا المطلب ان الطريقية التي هي ذاتية للعلم ليست ذاتية للعلم الذي هو من قسم اليقين بل ذاتية للعلم حتى بدرجة التصور والوهم والظن والخيال الى ان يصل الى اليقين واليقن درجات
ولابد من احكام هذه النقاط والاّ فاننا سوف لانلتفت الى كل نظام الحجج سواء في الاصول أو الفقه أو العقائد أو في المعارف أو في كل شيئ فان نظام الحجج هو أمر مهم جدا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فهذه مراتب وهي التي رتبكم الله فيها فالعلم ذو عرض عريض وليس درجة واحدة
ان العلم الحديث يرى ان مصادر العلم أربعة: وهي الخيال العلمي والفرضية العلمية والنظرية العلمية والحقيقة العلمية
الخيال العلمي يعنى الاحتمالات الضعيفة جدا والتي يعتبرها الناس الخيالات أو الخرافات أو الاسطوريات مع انه منبع للعلم
والفرضية العلمية هي يرقى فيها الاحتمال بان تصبح فيه نوع من الاشارات والاحتمالات
والنظرية العلمية هي اذا تقوت هذه الشواهد بشكل بحيث تحرر وتنقح ويلتزم بها على نحو الصعيد العملي الى حد ما وان لم تصل الى الحقيقة
والحقيقة العلمية هي ان تؤييد النظرية العلمية بدلائل وبراهين قوية فتصبح حقيقة علمية
والملاحظ حصول الخلط لكثير من المتخصيصن في تخصصهم بين النظرية العلمية والحقيقة العلمية فيحسبون ان اكثر النظريات العلمية لديهم هي حقائق والحال هي نظريات وليست حقائق فالذرة يعتقد المتخصص الفيزيائي بانها حقيقة علمية بينما رواد الفيزياء يقولون بانها لم ترق الى درجة الحقيقة ومازالت نظرية تحتمل الخطأ