الموضوع: حمل المطلق على المقيد
تقدم ان المشهور لايحمل المطلق على المقيد في المستحبات وقلنا ان هذا ليس في المطلق والمقيد المتوافقين بل حتى في المتنافيين اذا كانا مختصين بالمندوبات وقد تقدم الوجه الاول والثاني
الوجه الثالث: هو بقاعدة التسامح في السنن بتقريب ان الدلالة الاولية للمطلق وان افترض حملها على المقيد الاّ ان هذا الحمل في موارد الجمع العرفي لاينفي بقاء اصل الاحتمال في دلالة الادلة بمعنى ان الادلة التي تجمع عرفيا مع بعضها البعض لا ينفي بقاء اصل الاحتمال في الدلالة
فأصل الدلالة الاستعمالية للدلالة باقية على حالها سواء كان هناك موجب للجمع أو لا، وهذا المقدار من بقاء الدلالة الاحتمالية في الدليل هو يوجد الموضوع لقاعدة من بلغ لما تقدم من ان قاعدة من بلغ عند الاعلام هو التسامح في أدلة السنن وهو ليس فقط في دليل الصدور بل التسامح في الدليل المعتبر المتكون من أجزاء عديدة فهي غير منحصرة في جريان الخلل في الصدور بل وان الخلل في الدلالة أو جهة الصدور أو مضمون الصدور
فعند مشهور القدماء هو التسامح في دلالة ومضمون وجهة السند وهذا التسامح من المتقدمين ليس كالمتأخرين
ومما يدلل على انهم يعدّون القاعدة الى أعم من الصدور والدلالة والجهة في الصدور هو ان هذا المقدار من دليل الحجية يعتمد عليه لاثبات السنن
وفي المقام نرى وجود مطلق ومقيد فحتى لو بني على اقتضاء الجمع العرفي في المستحبات الحمل على المطلق والمقيد فانه لاينفي أصل الدلالة الاحتمالية وهذا يكفي لأن تكون هذه الدلالة الاحتمالية مستندا الى الاستحباب طبقا لقاعدة التسامح في أدلة السنن
يوجد مثال في الفقه تعرض له السيد الحكيم في المستمسك حيث يستشكل على المشهور
احدهما: الروايات المستفيضة الواردة في الوضوء فيما اذا لامس الرجل امرأته او قلّم اضافره او خرج منه الدم فعندنا روايات صحيحة السند تقول ان هذه توجب انتقاض الوضوء ولكن المشهور اعرض عنها اعراضا شديدا ولم يفتوا بالاستحباب أيضا وليس بالوجوب بل ولا باحتمال الاستحباب لأن الخلل في جهة الصدور من انه للتقية
واشكل السيد انه من باب التسامح في ادلة السنن ولكن ماذكره من الاشكال غير وارد لان الروايات العديدة تدل على ان هذه النواقض ليست هي نواقض بل هو عند العامة نواقض، فالمثال من باب دليل العدم لامن باب عدم تمامية دليل الاثبات كي تجري فيه قاعدة التسامح في ادلة السنن، والقاعدة انما تجري في موارد عدم تمامية دليل الاثبات لافي موارد وجود دليل على العدم
فقاعدة التسامح في أدلة السنن وان وسعها المشهور الاّ انه مشروط بعدم وجود دليل على العدم من جهة الخلل في دليل الاثبات
ثانيا: ان حمل المطلق على المقيد انما يصار اليه باعتبار ان الأخذ بالمقيد الزامي وحيث يكون الاخذ به الزامي فلامحالة المطلق يتحقق ومعه فيكون الأمر بالمطلق لغوا
وهذا التقريب لايأتي في المستحبات لأن المقيد المستحب ليس الزاميا بل يمكن للمكلف ان يأتي به ولايأتي به فلايكون الأمر لغويا بل يمكنه ان يأتي به في حصة اخرى
ففي باب المستحبات لايحمل الاعلام المطلق على المقيد وان كان مطلقا منافيا
ولهذا الامر شرائط
منها: ان لاتكون الأدلة في المطلق والمقيد أدلة مشتركة بين الواجب والمستحب بل تكون خاصة بالمستحب
ومنها: عدم وجود دليل على العدم بل كان في البين دليل اثبات نقض فهنا تاتي قاعدة التسامح
ومنها: ان الاطلاق له اقسام وتقسيمات، فليس فقط له اقسام بل له تقسيمات ومن اقسام المطلق هو الاطلاق اللفظي فله اقسام ومعاني وان احد معانيه هو ارسال اللفظة وهو تعيين اصل المعنى واطلاق اللفطة تقتضي المجاز وهذا المعنى ليس بالضرورة مؤداه السعة بل تعيين الحالة أيضا وغير ذلك فهو ضيق وليس سعة
فالاطلاق اللفظي اختلف عن الاطلاق الملاكي والاطلاق الذاتي والاطلاق اللحاظي فلا يتبني الباحث ان المراد هو السعة فقط
ومنها: ان الاطلاق ليس المراد منه خصوص مفد معين او مفاد اخر فقد يتنوع المراد من المطلق وهذا التبيه يمكن ادراجه في التنبيه السابق
وهذا تمام الكلام في المطلق والمقيد