الموضوع: مقدمات الحكمة
كان الكلام في المقدمة الأخيرة من مقدمات الحكمة وهي عدم وجود قدر متيقن من التخاطب في البين
وأما ما ذكره صاحب الكفاية وأختاره من القدر المتيقن فهو لايقاوم الإطلاق، فان القدر المتيقن في سياق الكلام لايوجب التقييد، وذلك لما تقدم من ان السياق أضعف القرائن في قبال كل قرائن الظهور اللفظي
وصاحب الكفاية وان التزم به نظرياً الاّ انه لم يلتزم به عملاً في بحث من البحوث الفقهية
وهذا الكلام ليس خاصا بالاطلاق بل باعتبار الاطلاق هو من أظهر عناصر الظهور والاّ فان بقية الظهورات هي كذلك
وبالمناسبة انجرّ كلام الأعلام هنا الى الانصراف، فان دعوى الانصراف لايعتمد عليها الاّ اذا كان الانصراف ناشئاً من خصائص استعمالية في اللفظ ككثرة الاستعمال أو عدم الاستعمال بدرجة بحيث يستغرب العرف من استعمال اللفظة في ذلك المعنى
أو كما تقول (لاتصلي فيما لايؤكل لحمه) فبالمعنى العام الانسان هو أيضاً لايؤكل لحمه، ولكنه لايشمل شعر الانسان ولايستعمل في الانسان
فشؤون الاستعمال لها أحوال كثيرة لابد من الالتفات اليها، فان المادة الواحدة مع زيادة حرف توجب الانصراف وبدون الزيادة لاتوجب الانصراف
وان الكثير من الأكابر قد اشكل عليهم من أكابر آخرين بأنهم يعوّلون على مثل هذا الانصراف مع انه غير صحيح
يقول صاحب الفصول ان الأفضل للانسان اذا استنتج شيئا إجمالاً فلابد أن يقتنصه لأنه أمر جيد، ولكن لابد أن يعرضه على المنهج التحليلي قبل ان يعمل به لكي يرى هل ان هذا الارتكاز أو الاستنتاج الاجمالي متين أو غير متين
فالانصراف مبحث صعب جدا وضابطته اذا رجع الى شأن لفظي فترجع اليه واذا لم يرجع الى شأن لفظي فلايعبئ به
نعم الانصراف المتبادر الى الذهن لابد من الاهتمام به ولكن لابد من تحليل منشأه فان لم يرجع الى منشأ لفظي فلا يُعوّل عليه