الموضوع: نظريات في التمسك بالعموم عند الشك
تتمة للاقوال في التمسك بالعام للشبه المصداقية للمخصص
هناك قول لصاحب الكفاية وهو:
التمسك بالعمومات الثانوية لاحراز انطباق العموم الاولي على المورد المشكوك مثل التمسك بعوم وجوب الوفاء بالنذر كما إذا نذر ان يتوضوء بالماء المشكوك في كونه مطلقا أو مضافا
فالتمسك بعموم النذر هو عموم ثانوي والغاية منه احراز مصداق للعموم الاولي مثل يا أيها الذي امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤسكم وارجلكم الى الكعبين فأن اغسلوا هو اغسلوا بالماء المطلق فكيف نحرز انه مصداق لعوم اية الوضوء او اية الغسل وهذا يحرز بعموم وجوب الوفاء بالنذر فاذا وجب الوفاء بنذر الوضوء او الغسل بالماء المشكوك وهو عموم ثانوي فعندها يمكن احراز انطباق العموم الاولي وهو فاغسلوا وجوهكم وايديكم على هذا المورد المشكوك من المائع انه ماء مضاف او مطلق
فيكون العموم الثانوي كتمهيد او كاشف عن صحت انطباق العموم الاولي
وهنا تسائل يتبادر الى الذهن وهو ان العموم الثانوي كيف يحرز توفر موضوعه فمع ان العموم الاولي لايمكن التمسك به بمفرده فكيف يتمسك بالعموم الثانوي بمفرده والمفروض ان العموم الثانوي اضعف من العموم الاولي
ودليل هذا القول هو ان عموم الوفاء بالنذر يشمل موارد غير مشروعة فقلبها الى موارد مشروعة كما لو نذر الصوم في السفر او الاحرام قبل الميقات فقد وردت روايات على ان هذين النذرين ينعقدان مع ان الصوم في السفر عند المشهور غير مشروع وكذا الاحرام قبل الميقات غير مشروع فلايسوغ ولايجوز لاحد ان يحرم قبل ولابعد المواقيت الجغرافية كما وردت العمومات
بينما المستدل يقول ان الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات لم يكن مشروعا لكن بعموم الوفاء بالنذر انقلب الى المشروع
ولكن قد اورد عليه عدة نقاط
الاولى: ان هذين الموردين خاصان فلايمكن التعدي عليها
الثانية: اختلف الاعلام في تفسير هذين الموردين فالسيد اليزدي وفاقاً لصاحب الجواهر قال ان متعلق النذر لابد ان يكون راجحا لكن المراد من كونه راجحا هو النذر ولو كان الرجحان ثابتا بنفس انشاء النذر او حكم النذر
واشكل الميرزا النائيني بانه يمكن التمسك به في كل محرم فبالنذر الرجحان يغلب على حرمتها فتتحلل المحرمات بالنذر والحال لدينا في العمومات الثانوية كالعهد واليمين والصلح والنذر وطاعة الوالدين لابد من كونها لا تحلل الحرام ولاتحرم الحلال،فالتوجيه ليس بتام
وهناك دفاع للسيد اليزدي وصاحب الجواهر وهو ان هذا التوجيه تام ثبوتا لكنه لايمكن التمسك به اثباتا لعموم الوفاء بالنذر فلاياتي الاشكال ثبوتا واما اثباتا فيحتاج الى دليل كاشف عن هذا المورد
وهذا التوجيه لايثبت فيه تبني على ان النذر مطلقا يوجب رجحان غالب على مفسدة المورد، فدفع اشكال النائيني
وهذا التفسير متين الاّ انه ليس بكامل وتفسير القدماء اكثر متانة منه وهو:
ان الاحرام في نفسه راجح وقد اتى تقييد وتخصيص من سيد الانبياء والمرسلين (صلى الله عليه واله) بان الاحرام لابد ان يكون من أحد المواقيت فالاحرام قبل المواقيت في نفسه فيه مصلحة ولكنها مجمدّة
وهنا الوفاء اذا تعلق به انشاء النذر فتنظم هنا مصلحة النذر مع المصلحة المجمدة السابقة فتتفعل وتقوى على المانع
وكذا الكلام في الصوم فان الصوم في نفسه مطلق وان تصوموا خير لكم فاذا تعلق به النذر فيتفعل مافي العام المنسوخ او المخصص فتنظم مصلحة النذر مع مصلح الصوم
فالنذر في هذين الموردين لم يتعلق بشيئ هو جذراً وأصلاً حرام بل النذر تعلق بشيئ منسوخ أو مقيد أومخصص فالنذر دوره دفع المانع لا ايجاد المصلحة
فتحصل ان التمسك بعمومات النذر كعموم ثانوي لاجل ان نحرز مورد مشكوك للتمسك بالعموم الاولي هو حسبان بعيد عن هذين الموردين
فهذه النظرية التي تقول نتمسك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصص بعموم ثانوي وهو النذر هي نظرية غير تامة وليست في محلها