الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/11/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جهات احكام مال الحرام في مال الدولة

كنا في هذا البحث وهو انه اذا اختلط مال الدولة بأنواعه التي مرت مرارا بمال الحرام تفصيلا فهنا نية الاخذ لها اثر تارة ينوي الاحسان فلا يكون ضامنا وتارة ينوي انه بعد ان ياتي بالوضائف المقررة شرعا يستملكها فهنا ليست نيته نية احسان ولا غصب لكن الضمان لا يرتفع باليد وتارة نيته من الاول نية غصب و حرام فح واضح. هذه ثلاثة انماط من اليد ومر بنا هناك نمط آخر من اليد مثلا الجاهل بان هذا مال الغير و بنى على ان هذا مال الدولة و تعامل مع السلطان وبعد ذلك انكشف له ان هذا المال بعينه للغير هنا يده تكون ضمانية لان الضمان على اليد هو مقتضى القاعدة الاولية (على اليد ما اخذت)[1] سواء كان معذور تكليفا او لم يكن كذلك على اليد ما اخذت حتى تؤدي خرج من ذلك خصوص اليد المحسن او يد الاحسان. اما غير ذلك من انواع اليد فلم تخرج. فالضمان لا تلازم او لا تدافع او لا تناقض او لا صلة له بالوضع التكليفي لليد. و يد الاحسان اويد المحسن انما خرجت بدليل خاص والا لو كنا و عموم (على اليد ما اخذت) فالضمان ثابت طبعا هذا الحديث عامي و مرسل و مع ذلك تسالم الجل ان لم يكن الكل على العمل به لان مضمونه مطابق لاصول التشريع فليست القضية قضية سند و طريق و بحثوا في خصوص كلمة على وانه ما المراد بها وكذا بحثوا في اليد وانه ما المراد بها كما انهم بحثوا في حتى تؤدي وانه ما المراد به كل صغيرة و كبيرة من هذا ظهور هذا القالب الا وقد بحثوه مع ان الحديث عامي و مرسل عندهم ومع ذلك عمل جل الاصحاب به و لا مانع منه ولذلك من باب تعاقب الايدي ذكروا ان الضمان غير خاص بالايدي الآثمة بل تشمل حتى الايدي المعذورة مع ذلك الضمان ثابت و مقرر. فهذا بالنسبة الى الجهات اليد كما مر بنا نعم ذكرنا انه هل يستفاد من الادلة وهذا المطلب وقفنا عنده ان مال الغير احكامه مختلفة من جهة التصدق او التملكك او الاحتفاظ امانة . فالمشهور او الاكثر قالوا اللقطة مخير فيها اللاقط بين الاحتفاظ بها امانة او تملكها مع الضمان او التصدق مع الضمان انن لم يرض صاحبها ثلاث خيارات في اللقطة مال الغير فالكلام يقع ان يستفاد بين الادلة ان هذا غير خاص باللقطة بل بمطلق مجهول المالك طبعا مع اليأس و الذي لم ييأس لا يسوغ له التملك بل لا يسوغ له التصرف فيه بل لابد ان يحتفظ بها.

فهه جهة لابد ان ننقب عنها في الادلة وان هذا هل هو خاص بخصوص اللقطة ام ماذا؟ المعروف عند الكثير او الاكثر ان لم يكن مشهورا بأن هذا التخييرالثلاثي خاص باللقطة و بقية مجهول المالك تصدق حصرا. فلابد من البحث بأن الادلة ماذا تقتضي .

هناك مبحث آخر نستعرض له فهرسيا قبل ان نخوض في الروايات تفصيلا بحسب كلمات الاعلام اذا عرف المالك و تعرف عليه –وعندهم كلام في كيفية التعرف على المالك-اذا عرف فبها و الا فهل يجوز ان يستند الى القرائن الظنية ام لا؟ مثلا يقول صف لي المال فانه ليس من الضروري كل موارد الوصف للمال يقطع بان المال لصاحبه نعم في بعض الموارد يحصل وفي بعض الموارد لا يحصل . في باب اللقطة وصف المالك للمال يعني بالتالي ضابطة منصوص عليها لتسويغ التعرف على المالك. ياترى هل هذا في كل اقسام مجهول المالك ام لا؟ هذا بحث آخر و جهة اخرى.

جهة اخرى في البحث انه لو تعرف على المالك هل الواجب ايصال المال للمالك ام ان الواجب اعلام المالك هو يجي و ياخذه هنا جملة من الاعلام فصلوا وقالوا ان كان غاصبا – تتذكرون ان الغاصب تارة غاصب فعلي و تارة غاصب فاعلي - ان كان غاصبا فعليا و فاعلي من الواضح انه من الواجب ان يرده و البعض قال حتى الغاصب الفعلي وان لم يكن فاعليا يجب ان يرده و يوصل و المالية تكون عليه لان يده يد غاصبة اذا كانت يده ليست يد غصب ولا يد احسان كما مر بنا كما لو كانت يد ماذونا شرعا فانهها ليست يد احسان كما لو نوى في اخذ المال المغصوب ان يستملكه بالشرائط المؤظفة شرعا فانها ليست يده يد احسان في هذه الصورة و صورة يد الاحسان قالوا ليس الواجب عليه ان يوصل المال الى مالكه بل مجرد ان يرفع اليد عنه و هذا البحث سيال في رد الاموال الى مالكها او في الاقباض و القبض في العقود في البيع او الاجارة او الاوقاف او غيرها يعني عنوان الرد او عنوان القبض او عنوان الاقباض قد ختلف من باب لاخر من مورد لاخر و هذه نقطة يترتب عليها آثار لا هبة الا بالقبض من دون القبض هباءا منثورا. وما المراد من القبض هل هو مجرد رفع اليد ام وصول العين الى الموهوب وان مجرد امكانية وضع اليد فان هذا لا يكفي . المقصود القبص او الوصول او الرد يختلف من باب الى باب يجب ان نلتفت اليه .

فهنا الاعلام قالوا بان اليد اذا كانت غير غاصبة الواجب عليه فقط اعلام المالك و التخلية بين المالك و الملك و العين وليس من الواجب عليه بان يقوم بارسالها وحتى لو اراد او يوصلها –وهذه نقطة مهمة في التصافي في اموال الغير- اذا لم يكن يد الانسان غصب و المراد من عدم كون يد الانسان يد غصب ليس فقط خصوص الغصب الفاعلي بل يشمل الغصب الفعلي و الغصب الفعلي كثير من احكامها عين الغصب الفاعلي كلامنا فيما اذا لم يكن غصبا بل كان لقطة او احسان او غيره لكنه لم ينوي الاثم .

في موارد الاحسان – هذه قاعدة مهمة- ما يستلزم من مصفوفات مالية يقوم بها المحسن للمحسن اليه في ماله و عياله في الاشياء الضرورة و اللازمة للحفاظ على ماله المحسن ليس من اللازم عليه ان ينويها تبرعا يقول انا محسن لكن ليس محسن ماليا بل محسن رعاية فانا اصرف على المال الضائع او الدابة الضائعة لكن اجرة نقله و اجرة اطعامه و اجرة كذا انوي فيها الرجوع الى المالك و الولي ، له الحق في ذلك.

ان قلت الولي لم يأذن في هذا التصرف . قلت: وان لم يأذن ، لكن الشارع اذن بهذا الاحسان حفاظا و مصلحة لنفس المالك فيغرم. فهنا اقراض ان شئت سميته اقراض هنا المالك ضمن وان لم يأمر هو به وهذه قاعدة مهمة في الخيريات وليس هذا في جميع الخيريات بل في خصوص الموارد التي يأذن بها الشارع ان المال محترم كالدابةاو النفس محترمة كالصبي او بيته يصيبه شيء فيحتاج الى كلفة حتى نحرسه عن الحريق او حادثة معينة نحن جيرانه نحرسه بنية الرجوع اليه فلم نعط ذلك مجانا لكونه يكلف كلفة باهضة الثمن (كمأة الف مثلا)لكن الامر دائر بين مأة الف او البيت كله يحترق مثلا. فهذا احسان و لا يسوغ الشارع الاسراف في الاموال او التبذير فيها فليس له ان يقول المالك انا لم اقل لكم و لم آمركم او لم اكن راض به وان لم يكن راض او لم يأمر فان الشارع يلزمه بأن يعطي الباذلين. نعم تارة من الاول يقول انا لا اريد الحراسة فهنا ليس عليه الارجاع اما تارة غير موجود هذا تسمى في باب الاحسان وان لم يأذن المالك فالمصروفات و النفقات التي يبذلها المحسن يصح ان ينوي بها الرجوع كقرض على المالك او ولي الامر . كما اذا اصاب احد اغماء فحملناه في عرفة و مزدلفة و منى كل ذلك يحتاج الى كلفة فنقول له هذه النفقات صارت ثلاثمأة مليارد او تليارد فيرجعون اليه او هو له اموال و كلفت عملية مداواته كذا من المال فناخذ من امواله و نصرف عليه لانه ليس من الواجب ان نصرف عليه مجانا .

فهذه موارد جعل الشارع الولاية للمحسن في الافعال و هذه قاعدة و ليس للانسان ان يتعذر و يقول اني لا اقوم بالراعاية الاحسانية لانه تكلفه كذا من المال فيخسر فان له نية الرجوع . حتى الطفل اقوم برعايت ولا اعلم ان له ولي بنية الرجوع انفق عليه الى ان يبلغ الطفل فيصح فاقول له ايها الطفل انت الان كبرت و صرت صاحب اموال لكن انا من الصغر الى الان احساني اني تكفلت و حضنتك اما مصروفاتك التي تبلغ الان بالملايين بحساب التضخم انت مديون لي. فلي الحق في ذلك لان قاعدة الاحسان للمحسن ان ينفق بنية الرجوع سواء على الطفل او ذويه او ولية او على امواله.هذه نقاط لطيفة ذكرها الاعلام

جهة اخرى -استعرضها على اساس اذا دخلنا في الروايات كل هذه الجهات لابد ان نلاحظها-: وقد بحثوها في اللقطة اا تصدق بها اللاقط – انااستعرض الجهات بدون ادلة فقط اثارات و اقوال حتى اذا دخلنا في الروايات نلتفت الى هذه الجهات- في اللقطة مثلا -وان كن هذا الكلام كله في المسار الثاني التوأم الموازي للمسار الاول اصل المسار الاول هو العمدة لكن الاعلام ايضا حشروا المسار الثاني بكل تفاصيله فلا نضيع المسار الاول وهو سياتي عما قليل الفاضل القطيفي شيخ ابراهيم والمقدس الاردبيلي ششكا فيه و ان كان المشهور شهرة كبيرة لا يوافقهوهم على ذلك فعندهم اشكال في اصل المسار الاول فلا ننسى المسار الاول وان خضنا في تفاصيل المسار الثاني وهو المال الحرام المنضم الى مال الدولة المسار الاول كان نفس التعامل على مال الدولة بأنواعه و هو عمدة البحث .

احد الابحاث في المسار الثاني عند الاعلام ان المالك للمال الغير اذا ضاع و لم يرض بالتصدق في مجهول المالك او في اللقطة لم يرض بالتصدق يضمن ا م لا؟ الاكثر قالوا اذا لم يرض يضمن. البعض قال اذا كان لقطة يضمن واذا كان مجهول المالك من غير لقطة لا يضمن . كما مر ان الاعلام عندهم لغط علمي بان انواع مجهول المالك محكوم بأحكام اللقطة ام انه غير محكوم ؟ فالبعض قال اذا كان غير محكوم فهذا في اللقطة التصدق اذا يرض به يضمن اما في غير اللقطة اي مجهول المالك المتصدق المكلف لا يضمن للمال الصدقة مادام الشارع امر بها .

ثم هذا الضمان الى متى؟ الضمان حينما يظهر المالك و يقول لا ارضى؟ ام الضمان بالتصدق نفسه وانما ظهور المالك و ابراز عدم الرضا يسبب فورية دفع الضمان له و هذه ثمرة . فالضمان لمال الغير الذي تصدق به من حين التصدق او من حين ظهور المالك؟ الاكثر قال من حين ظهور المالك. فهذا كيف يكون ضمان بشكل معلق . ما معنى هذا الضمان وما هو تصويره الصناعي الاعلام خاضوا في ذلك وانه كيف يتم تصويره و كيف يعم ثم بحثوا هل مقتضى القاعدة الضمان او عدم الضمان ؟ اذا كان الشارع هو الذي امر بالتصدق لماذا يكون ضمان.

هنا بحثوا بحثا صناعيا قاعديا لطيفا وهو انه هل كل ما يأذن به الشارع يعني عدم الضمان ؟ مر بنا هذا البحث وانه يمكن للشارع ان يأذن بشيء مع ذلك يضمن و ممكن ان يأذن و لا يضمن اذا كان الاذن في شيء هو احسان محض هنا لا ضمان ما على المحسنين من سبيل . اما صرف الاذن ليس بالضرورة دليل على عدم الضمان. نعم هنا اذا قلنا التصدق احسان المفروض ان لا يقال بالضمان و في اللقطة من باب تعبد خاص مع انه احسان تصدق به نيابة عن المالك مع ذلك جعل الشارع فيه الضمان هذا تخصيص في التخصيص لان المحسن لا يضمن الا في خصوص التصدق في اللقطة فيضمن المتصدق المحسن اما لو احتفظ به احتفاظا امانة وتلف من غير تفريط لا يضمن لانه محسن . فاذا تصدق يضمن وان لم يتصدق لا يضمن . المهم بين الاعلام لقط في هذه الجهة وهذه من الجهات التي بحثها الاعلام قبل ان ندخل في صلب الروايات .

دعوني ادخل في الركن الثاني في المسألة كفهرسة – لانه مر بنا ان مال الدولة انواع كما في المسار الاول مال الدولة ملك الامام كالفي و الانفال و الخمس و تارة المال عند الدولة هو مال المسلمين اراضي مفتوحة عنوة هذه اثنين . ثلاثة مال الدولة مال القطاع اخذته الدولة بعنوان الضريبة الشرعية او مطلق الضريبة اذن ثلاثة انواع من التعامل مع مال الدولة . او تريد ان تقول قسمين او ثلاثة اقسام حقيقة القسم الاول مال الدولة الذي هو ملك الدولة هذا القسم الاول سواء في ء و انفال او اخماس القسم الثاني مال ملك المسلمين كالاراضي المفتوحة عنوة اجارتها بيع حق السرقفلية فيها اي منافع تفترض لها هذه المنافع ملك المسلمين و الامام ولي لها ملك المسلمين ايضا مال عام لكن ملك الشعب بالتعبير العصري او ملك المسلمين النوع الثالث الضرائب الشرعية او غير الشرعية التي تاخذها الدولة وهو ليس ملك مال لعموم المسلمين ابتداءا وليس مال ملك الدولة وانما مال ملك القطاع الخاص لكن لما دفعوه كضريبة شرعية يصير ملك القطاع العام للمسلمين فالنوع الثالث هو في الاصل مال الخاص للقطاع الخاص لكن دفع بعنوان ضريبة شرعية زكاة خمس فاذا كان زكاة يصير ملك مال المسلمين واذا كان خمسا يصير ملك الامام عليه السلام ملك الدولة الالهية اما الضريبة غير الشرعية سنرى هناك نصوص الحقتها بالضريبة الشرعية و سنرى كيف تكون تخريجه فالضرائب التي تقررها الدول الوضعية غير مربوطة بموارد الزكاة كضريبة المطار او السيطرات او المحافظات فيساتي ان الشيخ محمد علي الاراكي له تخريجة لها . فالنوع الثالث اموال خاصة لقطاع الخاص دفعت بعنوان ضريبة شرعية فيصير حكمها حكم النوع الاول او النوع الثاني.

اذن تنويع الاموال ان شا الله نواصل الخوض فيها و العجيب ان المقدس الاردبيلي و الشيخ ابراهيم القطيفي منعا جواز التعامل على النوع الثالث وفي بعض كلماتهما المنع من التعامل على النوع الثاني بل في بعض كلمات الاردبلي المنع حتى على النوع الاول وهو من العجيب العجائب في كتاب اسماه الخراجيات طبع في اربع او خمس او عشر رسائل او اقل طبع في قم كتاب جيد لهذا البحث لان هذا البحث هو صلب البحث عندنا في المسار الاول سواء التعامل على النوع الاول او التعامل على النوع الثاني او التعامل على النوع الثالث .


[1] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج3، ص408.. روى قتادة، عن الحسن، عن سمرة عن النبي عليه السلام قال: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه»