الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/11/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام قبض مال الغير في صور

كنا في هذا المبحث وهو التعامل مع الدول الوضعية في المال العام الذي تحت يدها ومر بنا اما هو مال الله و رسوله و الامام او مال المسلمين او مال الضرائب ثلاثة انواع و الضرائب سوء كانت شرعية و غير الشرعية سياتي البحث حولها. وقد يختلط هذا المال العام بانواعه الثلاثة او اكثر يختلط بمال الحرام اي المال المعضوب للقطاع الخاص كما مر و هذه الاربع صور كنا في الصورة الرابعة اذا علم تفصيلا بمال الحرام فالآخذ ما ذا ينوي؟ قلنا ان الاخذ يجب ان يوطن نيته الى ارجاع المال الى صاحبه بحسب صور العلم و الجهل لصاحبه و بحسب نيته ان يأخذه امانة بنية الوضائف الشرعية المقررة هنا تكون يد الاخذ يد امانة يقول الشيخ الانصاري ره بخلاف ما اذا كان الاخذ لا بهذه النية ولوبسبب الجهل لانه بناءه هذه المال العام او الخاص لهذا الوالي او المؤظف لدى المال بعد ذلك تبين ان هذا مال خاص و مغصوب فيده حينئذ ستكون يد غير أمانة لانه لم ينوِ أن من نيته ارجاع الى صاحبه بل نوى بنية التملك و نية التملك غير الشرعي و غير قانوني هذه غصب و ان لم يكن غصب فاعلي وانما هو غصب فعلي.

مسألة ترامي و تعاقب الايدي على العين المغصوبة قد تكون ايدي المتعاقبة لا تكون ان العين و المال غصبيا لكن كل الايدي تكون ضامنة على اليد ما أخذت حتى تؤدي فتلك الايدي وان لم تكن آثمة لكن الضمان لا يلازم الحكم التكليفي ولو هو معذور لكن الضمان شيء آخر فانه مرتبط بأن يدك ليست يد أمانة فبالتالي يضمن انما يرفع الضمان عن وضع اليد على مال الغير اما بإذن المالك او بإذن الشارع اما اذا لم تكن اذن المالك او الشارع فلا يرتفع الضمان فهذه قاعدة مهمة في باب الضمان بل الفقهاء قالوا ان الاذن الشرعي لوضع اليد على المال ليس مطلقا رافع للضمان انما يكون اذن الشرعي و اذن المالك رافعا للضمان في ما اذا كان الاذن الشرعي في ما هو احسان من صاحب اليد الواضع على مال الغير فاذا كان احسانا ما ﴿عَلَى الْمُحْسِنينَ مِنْ سَبيل﴾[1] ‌.

فاذا كانت يده الاذن من الشارع لكون يده احسان فحينئذ ليس عليه ضمان اما اذا لم يكن يده يد احسان وهل يمكن ان تكون يد اذن و ليست يد احسان؟ نعم يمكن ، مثلا الشارع اذن للاقط ان يلتقط –وان كان مكروها- فعجبته و يقول اعرفها سنة و ان شالله لا يعرفها صاحبها و اتملكها بشرط الضمان . فالاذن موجود لكن الاحسان غير موجود فبالتالي يده ضمانية كما ان المالك قد يأذن لآخر بل قد يضع اليد لكن يأذن له ليس بمجانا بل بشرط الضمان او قيمة المثل فبالتالي ليس كل اذن من المالك او من الشارع رافع للضمان انما الرافع للضمان اذن الخاص من الشارع وهو يد الاحسان .

اذن عندنا صور لليد تارة لا يرتفع الحكم التكليفي و الوضعي و تارة يرتفع الحكم التكليفي دون الوضعي و تارة يرتفع الحكم التكليفي و الوضعي معا. فان الجاهل القاصر يرتفع عنه التكليف لكن لا يرتفع عنه الوضع او قد يأذن له الشارع لكن ليس اذن مطلق وليست نيته احسان ولا عدوان بل نيته نية مصالح و معاوضات يعبرون عنه باصطلاح الاتيني (بس مز) يعني تجارة اقصد المصالح العامة هذا ليس عدوان مأذن و لا نية احسان فالنية على انواع و اليد انواع فهناك يد عنوان و يد غير عدوان فتارة يد فاعلي و اخرى يد فعلي الضمان يدور مدار العدوان الفعلي لا العدوان الفاعلي العدوان الفاعلي بلحاظ التكليف و هذه البحوث يجب ان يفكك بين بعضها البعض سواء في المكاسب المحرمة في المعاملات او في بحث اللقطة او بحث الاوقاف او .. التفكيك بين الحيثيات و الجهات الفاعلي و الفعلي ضروري جدا الصدق في اللغة صدق النبيين صدق فاعلي و صدق فعلي مال الفرق بين الصدق الفاعلي و الصدق الفعلي في الخبر سواء من الانبياء و الاوصاء او الرواة ؟ هذا التفكيك بين الصدق الفعلي او الفاعلي المفتي و القاضي لا يكفي فيه الصدق الفعلي لابد له من الصدق الفاعلي القاضي و المفتي اللازم عليهما الصدق الفعلي الاهري و لا يلزم بالصدق الفاعلي و هذه البحوث و التفكيكات اذا لم يميز بينهما كيف يدخل في باب الفتيا و الاجتهاد و التقليد فالتفكيك بن الحيثيات و الجهات مهم يقول صلى الله عليه واله انما اقضي بينكم بالايمان و البينات و هي ليست ملازمة للصدق الواقعي هو قال صلى الله عليه واله ربما قضيت لاحدكم بقطعة من الارض تاتيه يوم القيامة بقطعة من النار[2] هو يقول هذا الميزان قد لا يطابق الواقع لكنه الصدق فيه صدق ظاهري و ليس واقعي القضاء اللازم فيه الصدق الظاهري لا الواقعي و الصدق الفاعلي يعني بموازين يتصدى و مخول ان يتصدى في الفتيا ايضا هكذا . وهذ الذي ذكرناه و الكثير من اهل الفضل يخلطون بين الظاهر و الواقع هذا المزار واقعي ام لا؟ ما هي مستنداته تارة نعلم انه مستحدث فهذا واضح و تارة لا اعلم انه مستحدث فيوخذ به و لا يمكن ان يرفع اليد عن الظاهر ولا نقول انه عين الواقع فالتفكيك في الملفات و الحيثيات في الابحاث الفقهية ضروري لا افراط و لا تفريط لا تدع ان هذا هو و لا غير و لا تدع ان الاحكام مخصوصة بالواقع ولا تترتب على الظاهر بل جملة من الاحكام تترتب على الظاهر و بعضها تترتب على احراز الواقع بما هو واقع بعضها تترتب على الصدق الفاعلي فهذه الجنبات المتعددة المختلفة يجب ان يلاحظها الفقيه .

وروي ان القضاة اربعة ثلاثة منها في النار احدهم رجل قضى بالحق وهو لا يعلم[3] فلابد ان يقضي بالحق وهو يعلم. حجية الخبر الواحد تبحث في ان المدار في الحجية بلحاظ الصدق الفعلي او الفاعلي ليس المقصود المتكلم المخبر كلامنا في المخبَر السامع المدار في الحجية الصدق الفعلي او الفاعلي؟ الصدق الفعلي يعني المضمون الصدق الفاعلي اي صدق الراوي على كل البحث طويل لا نريد ان نفصل فيه فانه ذو جهات .

المقصود ان الفقيه المفروض فيه انه يراعي موازين الصدق الفعلي بخلاف حجية الراوي فانه يراعي موازين الصدق الفعلي بخلاف الراوي و حجية الراوي فانه يراعي موازين الصدق الفاعلي للاسف ما يفكك فيها

والحال ان التفكيك ضروري سيما مع اصرار الشيخ المفيد و جماعة المتقدمين او الاصوليين ممن ذهب الى نظرية الانسداد.

نرجع الى نفس المبحث اذن يد الغير اذا وضعها على مال الغير الجنبة الفاعلية لها تأثير و الجنبة الفعلية لها تاثير سواء في الحكم التكليفي او الحكم الوضعي هذا خلاصة كلام الاعلام وسياتي بحثه اكثر ان شا الله.

قبل استعراض الجهات الاخرى نستعرض هذه الجهة استعرضها الشيخ الانصاري مثلا في الصورة الاولى التي هي في صورة انه ليس له علما لا الاجمالي و لا التفصيلي بالمال الحرام فقط هو المال العام هذه الصورة الاولى اتفاق من الاعلام على ان اخذها حلال مع الشك في انضمام مال الغير الحرام ولا راهة في ذلك ثم على الكراهة هل يستحب الخمس اي كما عندنا زكاة مستحبة و زكاة واجبة كذلك عندنا موارد من الخمس مستحبة و ليست واجبة الزامية من الموارد التي يستحب فيها الخمس ما اذا شك اختلاط المال بالمحرام افتراض امواله يشك انها اختلطت بالحرام ام لا اذا اراد ان يطهرها يستحب له ان يخمسها ابتدا تخميسها يطهر الاموال فالخمس المستحب افتوا به كثير او اكثر الاعلام انه يطهر الاموال في الموارد المشتبهة وان لم يكن هذا الاشتباه ملزم بعلم تفصيلي و لا بعلم اجمالي بل هو شك بدوي فهنا الاستحباب على حال. و هل في اخذه كراهة ام لا اختلف الاعلام و سنقرأ الروايات. ولو التعامل صحيح . هناك من ذهب من الاعلام ان الانسان يتجنب عن التعامل مع الدول الوضعية مطلقا و انه مكروه ولا بركة فيه و في سيرة كثير من المؤمنين الصالحين انهم يتجنبون و يبتعدون و بعض الروايات لسانها هكذا وهل هو هكذا ام لا ام فيه اختلاف سنتعرض له عند استعراض الروايات .

جانب آخر مر بين في التفصيل من الصور الاربعة الصورة الاولى قلنا الشبهة ابتدائية الصورة الثانية علم غير محصور اي يعلم ان في امواله حرام لكن علم غير محصور لكثرة امواله و عقاراته و .. او يلحق بغير المحصور فيما اذا كانت امواله ليست محل ابتلاء في التعامل معه انما يتعامل الانسان سواء مع سلطان او غير سلطان يتعامل مع بعضها فهذه ايضا من الصور الثاني العلم الاجمالي غير منجز اما لعدم انحصار الاطراف او لعدم الابتلاء هذا حكمه حكم الصورة الاولى في كلام الاعلام الصورة الثالثة اي عنده علم اجمالي و محل ابتلاء تقريبا تلحق بالصورة الرابعة والتي نحن فيها و تعرضنا لبعض الجهات فيها . طبعا ما يمكن الانسان يرتب صحة العقد وانما يرتب نفس النية التي مرت في الصورة الرابعة بانه ينويها احسان او ينويها بمعاوضة و يرتب الوضائف الشرعية المقررة و مر بأن النية ثلاث نوايا او اربع نية عدوان نية جهل فبالتالي ليس فيه عدوان و لكن تكون يده مضمونة او نية مأذونة ولكن ايضا ضامنة لانه ينوي ان تملكها عند التقرر للوضائف الشرعية او نية الاحسان التي مرت.

و سنستعرض النصوص للصور ان شاالله . وانما اريد ان اتعرض الى الجهات و الاقوال على اساس اذا دخلنا في بحث الروايات نكون على يقضة من تعدد الجهات و الحيثيات . هناك بحث قبل ان لا ندخل الروايات يجب الالتفات اليه فهرسيا و الا نصوصا سندخل فيه ان شاالله .

هل مال الغير -لقطة مجهول المالك وديعة مجهولة المالك او معلومة المالك لكن المالك لا اثر له فهل مال الغير- على اقسام في الحكم من حيث التصدق او التملك ام ماذا؟

قديما كنت ابني على هذا المطلب وهو ان احكام اللقطة غير الغاصب لان الغاصب يؤخذ بأشد الاحوال سواء من حيث لزوم البحث او من حيث الرد الى المالك فالغاصب يؤخذ بأشد الاحوال كلامنا في غير الغاصب فعليا او فاعليا ، الغاصب الفاعلي و الفعلي يعني يأخذ عدوانا مع الالتفات و العلم وهذا واضح يؤخذ بأشد الاحوال تارة الغاصب فعلي و ليس فاعلي كالجاهل تعاقب الايدي هذا شيئا ما اخف من الغاصب الفاعلي و لكن ليس كاللاقط في اللقطة لان اللاقط في القطة مأذون بينما هذا الجاهل في الصورة الثانية غير مأذون فهو غاصب من جهة الفعل و ليس غاصب من جهة الفاعل فاحكامه ليست احكام اللاقط.

الصورة الثالثة ليس لقطةو لا غصب و لكن نفس المالك استودعه و لم يرجع و يجهل المالك و لا اسمه يعبر عنه بالوديعة المجهولة مالكها فيده يد امانة جهة فاعلية و جهة فعلية المالك نفسه قصر و لم يرجع. طبعا هناك صورة اخرى للوديعة بان نفس صحاب الوديعة نسي الامانة و المالك ايضا نسي معلوم المالك لكنه مفقود الاثر هذه الصورة الرابعة

الصورة الاخرى الخامسة: ليست وديعة –لا وديعة مجهولة المالك و لا وديعة معلومة المالك- بل رفقاء في الطريق و السفر و ليس رفقاء في الوطن هم غربا لكن ارتفقوا في السفر في منى او عرفات او في زيارة كربلاء او زيارة الامام الرضا عليه السلام او في سفر معين ثم لما افترقوا كل منهم راى مال الغير عنده فان هذا ليس وديعة ولا غصب بل مجهول المالك هذه صورة خامسة.

الصورة السادسة: اللقطة. انت الان استثني الصورتين الاولتين الغاصب الفعلي و الغاصب الفاعلي و خذ الصورة الثالثة الى السادسة هل يا ترى احكام اللقطة تعم بقية احكام مجهول المالك -عدا الغاصب الفاعلي و الفعلي-؟ لان الغاصب الفاعلي يؤخذ بأشد الاحوال و الفعلي فيه تفصيل. هل يا ترى بقية اقسام مال الغير يرتب عليه احكام اللقطة او ان احكام اللقطة خاصة باللقطة ؟ هذا محل كلام .

قديما كان عندنا تعليق على المنهاج و الذي ضاعت نسخته جمعت شواهد روائية في ابواب عديدة على غير ما ذهب الىه الفقهاء و المعروف عندهم و محصلها ان احكام اللقطة غير خاصة باللقطة -لا انها تعم الغصب بل- بقية اقسام مال الغير ومجهول المالك تبين حسب تلك الروايات التي جمعتها و لا زلت اريد ان اجمعها و افحص على تلك النسخة و التي كانت تعليقتي على المنهاج فيها ان احكام اللقطة ترتب بتعريف سنة او اقل او اكثر هذا بحث آخر المهم اقصد هذا المطلب بان احكام اللقطة هل ترتب على بقية اقسام مجهول المالك ام لا؟ غير الغصب. المعروف يفصلون و يغايرون بين احكام اللقطة و بقية انواع مجهول المالك و هذا البحث ضروري اثارته وان كان بحثنا الاصلي التعامل مع الدول الوضعية لكن توأم مع الارتطام بالمال الحرام هذا البحث الموازي كما ذكرناه مضطرين للخوض فيه بشكل موازي مندمج من دون ان نخلط بين الحيثيات ان شاالله. وصلى الله على محمد واله الطاهرين.


[1] سورة التوبة، الآية 91.
[2] دعائم الإسلام‌، القاضي النعمان المغربي، ج2، ص518.. الف:وَعَنْهُ صلى الله عليه واله أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَ الْأَيْمَانِ وَ بَعْضُكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَيُّمَا رَجُلٍ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْئاً يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ
[3] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج7، ص407.. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: الْقُضَاةُ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ فِي النَّارِ وَ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ قَضَى بِجَوْرٍ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَ رَجُلٌ قَضَى بِجَوْرٍ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَ رَجُلٌ قَضَى بِالْحَقِّ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ وَ رَجُلٌ قَضَى بِالْحَقِّ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَ قَالَ ع الْحُكْمُ حُكْمَانِ حُكْمُ اللَّهِ وَ حُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَنْ أَخْطَأَ حُكْمَ اللَّهِ حَكَمَ بِحُكْمِ الْجَاهِلِيَّةِ