الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جهات عديدة في ملكية العناوين

كان الكلام في بيت المال العام او بيت المال المسلمين و الثنائية في العنوان سيتبين ان بيت المال لا ينحصر ببيت المال المسلمين او يقال ان بيت المال المسلمين بالمعنى الاعم على نمطين و ليس على نمط واحد لان جملة من الاعلام يعبرون ببيت المال و البعض يعبر ببيت المال للمسلمين و صار اختلاف في انه هل هناك ثنائية ام لا؟ وهه احدى المراحل التي لابد منها في هذا البحث وانه باب و قاعدة مهمة في النظام المالي في الاسلام او في النظام العام .

مر ان العنوان على ضروب و انواع و خفيف المئونة ويمكن ان يكون العنوان جامد و غير جامد كعنوان الفقراء او الجهاد او الزوار او الزهاد و العنوان خفيف المؤمنة لانه اعتباري . اللطيف حتى من خفة العنوان وملكيته يمكن ان للملك يبدأ في استحداث تمليك العنوان وان لم يكن في العرف العقلائي بخصوصه كما لو وقف وقفا على عنوان كعنوان الطلبة و الزوار فهذا العنوان وان لم يرد في النص الشرعي ولا التقنين العقلائي ليس ذلك من الضروري بل هو بنفسه يستحدث هذا العنوان و اعتباره و يملكه لان العنوان خفيف المؤنةو لانه اعتباري فيمكن ان يملكه فليس من شرط العنوان الذي يملك وكذا و كذا ان يكون له سابقة وجود او اعتبار بل هو الواقف و المتبرع و الباذل للهدية بنفسه يعتبر هذا العنوان و يملكه .

جملة من الاعلام في تفسير منظومة الصرف و توزيع الثروات في الفي او الانفال او الخمس او الزكات او .. قالوا ان العناوين الواردة للفقراء و المساكين و ابن السبيل فان العناوين هي مالكة و الاحاد انما يملكون لانطباق العنوان عليهم او هو مورد جدل علمي مثلا ﴿ِانَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكينِ وَ الْعامِلينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمينَ وَ في‌ سَبيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبيلِ﴾.[1] هذه عناوين هل المراد آحاد الفقراء يملكون او المراد عنوان يملك هناك جدل فقهي تفسيري و اثير هذا البحث ان العناوين تملك وانما المصاديق من باب الانطباق القهري .

ومر بنا ان العنوان محرم الشارع لا يعبر له حرمة مالية او ملكية نعم اذا كان العنوان محلل يصح ومر هذا التفصيل.

اذن البحث لدى الاعلام و الفقهاء في عنوان بيت المال او بحث ملكية الدولة وانه هل تملكه الدولة او هو مجهول المالك هذا البحث ليس له صلة من قريب او من بعيد في كون العنوان يملك او لا يملك بل من المسلم عند الاعلام ان العنوان يملك و لا كلام في ذلك. وهذا وهم عند بعض الاعلام او عند احد الفضلاء لا محل له . هذه هي المرحلة الاولى من البحث وهي ان العنوان يملك ام لا؟

ومر بنا ان المرحلة الثانية التي دمجناها ان العنوان الجامد قد كون هو المالك الاخير ليس وراءه مالك وقد يكون له مالك وراء ذالك مثلا الشركة يملكها اصحاب الاسهم و قد يكون مالك واحد كما تكون الارض المفتوحة عنوة فانها ملك للمسلمين و رقبتها باقية و ريعها مدرار و متحركها وهذه من الاصول الثابتة و هذه الفكرة الاقتصادية العظيمة انما بينها امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام لعمر و الا ما كان بناءه ان يوزع الاراضي هكذا فقال له عليه السلام ان الاصول تبقى و ريعها يوزع بين المسلمين .

من استحدث في النام المالي للمسلمين من القضية الثابته بين عموم المسلمين المالية و المتغيرة و المتحركة و هذا باب فتحه امير المؤمنين عليه السلام في هذا البحث فالمقصود هنا في الاراضي المملوكة عنوة ليس وراءها مالك وقد يكون كالشركة او البنك وراءهما مالك وقد تكون العناوين طولية في طول بعضها البعض ايا ما كان باعتبار كون العناوين شيء جامد اذن من هو طرف التعاقد او المسؤلية -سواء مسؤلية تكليفية او مسؤلية وضعية - ؟ طرف التعاقد ولي العنوان .

كما هو الحال في اموال القصر و الصغار فان طرف التعامل تكليفا او وضعا هو الولي كما ان الطفل الرضيع يستحب ان يحج به و يطاف عنه فان المخاطب هو وليه فيحرم به او في التوضي الوضوء به وان قال صاحب الجواهر و بعض الاعلام قالوا ان الولي يتطهر مع انه لا يفيد بل الولي يؤض الرضيع يوقع الوضوء فيه وهو ينوي عنه كما ان الولي يوقع الطواف في الطفل اي يطوف به و ينوي عنه و كذا بقية الاعمال فالمخاطب في التكليف او الوضع حتى لو ارتكب الرضيع خلاف تروك الاحرام فهنا كيف يرتكب الطفل ذلك ؟ نعم لو كان مميزا من الواضح يمكن ان يرتكب اما غير المميز يمكن له ذلك ايضا بسبب الابوين فمن المخاطب بالكفارةحينئذ ؟

الولي نفسه. ففي الطفل اذا كان قاصرا فالذي يخاطب بالحكم التكليفي او مسؤلية الحكم الوضعي هو الولي و الاب ومن ثم قرر تصوير ملكية الاطفال وان كانوا قصر عن مسؤليات العقود او المسؤليات الاخرى لكن الولي يكون كالنائب عنه و كما يكون الحال في القصر هكذا الحال في العناوين اذا كانت مالكة فولي العنوان هو الذي يخاطب سواء كان الولي هيئة ادارية او شخصا.

والعنوان قد يكون عرفيا او شرعيا او وضعيا و الشرعي في مقابل الوضعي على اي تقدير يصور هذا المبحث اي ولي العنوان وهذه جهة اخرى في بحث العناوين .

فهذه الجهة الثانية او الثالثة عندنا عناوين مالكة و عناوين اولياء امور اولياء العناوين بحث ولاية يجب ان لا نخلط عنوان المالك الذي هو حكم وضعي و الولاية وهو ايضا حكم وضعي لكن له مسؤليات تكليفية اذن هنا حيثيتان حيثية مالكية العناوين وعندنا اولياء العناوين سواء اولياء بحسب الوضع البشري او بحسب الجعل السماوي –هذه امور دقيقة اذا لم نفكك بينها يندمج البحث -. اذن مسار اولياء نفس مسار عناوين المالك لابد من الالتفات اليه .

ايضا لابد ان نلتفت الى ان العناوين وان كانت جامدة الا ان لها ذمة فقد يكون مالكا وتكون ذمته مديونة كأنما شخص حقيقي .

نقطة اخرى: في القانون الوضعي يعبر عن العناوين بالشخصية الحقوقية بينما الافراد يعبر عنهم بالشخصية الحقيقية فبحث مالكية العناوين يعبر عنها بالشخصية الحقوقية او الشخصية الاعتبارية او الشخصية القانونية.

اذن العنوان له ذمة و دائن و مديون كما ان الطفل وان لم يكن مخاطب بالتكليف لكن نفس الطفل قد يكن مديونا او دائنا متى يكون الطفل مديونا؟ اذا اتلف مال الغير فيكون مديونا ويؤخذ من امواله اذا لم يكن بتفريط من الاب فبالتالي اذن بحث الذمة يجب ان نلتفت اليه في بحث مالكية العناوين وربما يعبر عن مالكية العناوين بملكية العناوين بدل ان تقول مالكية الدولة تقول ملكية الدولة .

نقطة أخرى : وهي نقطة سيالة وليست مختصة بهذا الباب اي باب بيت المال وهي: كاصطلاح قانوني فقهي سيال مر بنا انه عندنا حيثيتان حيثية مالكية العناوين و حيثية اولياء العناوين و اولياء الامور وهما حيثيتان يجب ان لا تدمجا مع بعضهما البعض هناك اصطلاح مشترك قانوني وهو انه يعبر بلفظ جامع و معنى جامع بين حيثية اولياء الولاية او الامور و حيثية ملكية و مالكية العنوان بلفظة و اصطلاح جامع وهي الملكية فتستعمل كلمة ملكية بمعنى الولاية و تستعمل كلمة المكلية بمعنى المالكية او ملك الشيء .

فالولاية ملك يعبر عنها بالملك و الملك الموجود ايضا يعبر عنه بالملك كملك الرقبة او ملك العين بل ربما يقرب ان هذا الاطلاق ليس بنحو الاشتراك اللفظي مثلا لفظة العين تستعمل في العين الباصرة و النابعة هنا هل هذه الملكية مشترك لفظي او مشترك معنوي؟انها مشترك معنوي. كيف؟

لان اصل معنى الملكية هي السلطنة فالمراد من الملكية هي السلطنة فانها تشتد تصبح ولاية اذا ضعفت تكون ملكية وهذا بحث حساس في كل الفقه بغض النظر عن بحث ملكية العناوين او بحث بيت المال. بل يؤثر في العقائد ايضا. فقالوا ان الخلافة ثم النيابة و الملكية و الوكالة هذه مراتب من السلطنة فالولاية اسم لرتبة من السلطنة كما ان الخلافة اسم لمرتبة من السلطنة و النيابة ايضا اسم لمرتبة من السلطنة و نيابة الفقيه عن الامام صاحب العصر و الزمان او ولاته عن الامام عليه السلام و الولاية نيابية او اصلية ؟ فانها ليست اصلية والا اين موقعية الامام صاحب العصر و الزمان عليه السلام بل هو الكل في الكل و انما الفقهاء اذرع و المركزية له و ليس لهم هم طاقم له عليه السلام فهذه درجات في السلطنة .

و هذا بحث علمي صناعي فيه جدل لكنه بحث حساس مؤثر في ابواب عديدةو ان هناك جامع معنوي بين الملكية و الولاية والولاية ايضا ملكية ولذلك قالوا ان ملكية السيدة فاطمة عليها السلام لفدك، ولايتها. وهي اشد من الملكية الفردية لان الملكية الفردية اذا زاحمت المصلحة العامة المدينة يرفع منها اليد منها كما لو كان هناك شارع ضروري للمدينة تزال ملكيته عن رقبة العين لا عن مالية العين لان مالية العين لا مزاحمة لها مع المصلحة العامة فان المزاحمة كانت في ملكية شخص العين رقبة العين.

من ثم وجهوا سوال في موارد توسعة الحرم الشريف افترض انها توسعت على يد الدعي بن الدعي وليكن لكن اصل التصرف بحث آخر هنا مزاحمة مع الملاك في العين فالعين لا تبقى ملكا لهم لكن المالية تبقى لهم في ذمة العتبة او بيت المال او .. عنوان محفوظ ولو بالسعر العصري لكن العين مزاحمة لحرمية الحرم سواء اقدم عليه الحاكم الفلاني ير الشرعي او لم يقدم عليه فالملكية الفردية ليس لها ثبات متجذر بخلاف الولاية فانها سلطنة اقوى فوهذه بحوث مهمة في كل نظام المعاملات مهم وان الجامع بين الولاية و الملك انها سلطة بل الولاية ملك شديد و الملك الفردي سلطنة متوسطة او ضعيفة قابلة لان تنتفي و تزول فلما يقال ان فاطمة عليها السلام مالكة لفدك ليس المراد ملكية فردية ضعيفة وان المتسلط ياتي و ياخذها منها بل هذه ولاية لها ولاية بجعل من الله لا تزعزع .

كما في قوله تعالى في سورة الحشر ﴿ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى‌ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى‌ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى﴾[2] ‌ هنا اللام ملكية ولاية و للرسول ولي القربى ومن ثم النزاع بين السقيفة و فاطمة هو بعينه النزاع بين السقيفة و علي بن ابي طالب النزاع و التصادم مع ولاية علي و ولاية فاطمة و هذا دليل على ان فاطمة ولية ومن ثم السلطة المتغلبة في السقيفة وجدت نفسها مواجهة لاثنين علي بن ابي طالب و فاطمة عليهما السلام وليس واحد و لم تواجه الحسنين بل واجهت علي و فاطمة سواء مواجهة عسكرية او امنية او ارهابية او سياسية مالية وهذا الذي يقول ولاية فاطمة تلقائيا الطرف الاخر مجبور ان يكون المواجهة و المشدادة بينهم و بين علي بن ابي طال فقط. لو لم يكن لفاطمة شأن عام كيف يواجهها؟

هنا في سورة الحشر ية الفيء اموال عامة اي شأن عام يقول كيف تكون لفاطمة امامة فهل هي امامة او ولاية؟ فهذه ابحاث رئاسة اصلا بحث فدك بحث في ولاية فاطمة و ولاية اهل البيت عليهم السلام ولاية منشعبة من علي و فاطمة و لذا ورد عندنا في الروايات في الوسائل جمعها صاحب الوسائل في ابواب الخمس و ابواب الفيء و ابواب الانفال لماذا؟ بل الشيخ الطوسي في التهذيب و الكليني في الكافي و الصدوق في الفقيه لماذا يقرنون بين هذه الابواب؟

نفس الكلام فان هناك روايات مستفيضة بان وراثة الحسن و الحسن في الولاية و الاموال في الشأن العام على حذو وراثتهم من امير المؤمنين و فاطمة امهم وهي الامامة لان الولاية على الاموال العامة اي الامامة هذا النظام لاحظها كل المشايخ الثلاثة . الان لماذا لا يقال لفاطمة امام؟ كما لا يقال لرسول الله امام مع انه امام الائمة وقد ورد في بعض الروايات ان الائمة من ولد علي احدى عشر هذا عدد نسبي بلحاظ ولد علي والا الائمة مع امير المؤمنين اثني عشر و مع رسول الله ثلاثة عشر و مع فاطمة اربعة عشر ولاية عامة نفس الشؤن نعم عدم تصديها عليها السلام بالمباشرة باعتبار انها امرأة فلا يمنعها ان تتصدى بالواسطة كما ان الرؤساء يتصدون بالواسطة وهذا ليس بالشيء . ولكنها ولية . هذه البحوث تنبع من تلك القاعدة وان هناك جامع و اشتراك معنوي بين الولاية و الملكيةو ان البحث في ملكية فاطمة لفدك ليس بحثا عن الملكية الفردية تقول لماذا هي عليها السلام احتجت عليهم بالارث ؟

نقول الارث لا ينحصر بالملكية الفردية و الارث الفردي العادي البشري و من العجيب ان اكثر علما ء العامة بوجود وراثة اصطفائية بين فاطمة و ابيها و علماء الامامية حصلت لهم غفلة و ذكرت هذا المطلب في الجزء الثاني وانهم ركزوا على الملكية الفردية مع ان البحث ليس في الملكية الفردية و الارث العادي بحث في كلا الامرين فعلماء الامامية من متكلميهم ركزوا على الارث العادي الفردي و الملكية و العجيب ان علماء العامة اقروا بوجود الوراثة الاصطفائية بين فاطمة و ابيها و بين النبوة . وبالأحرى ان الوراثة الموجودة بين فاطمة و سيد الانبياء وراثة اصطفائية لانها ولاية وليست ملكية فردية و البحث حساس و مبحث واحد كيفية الملكية ياتي في ابواب عديدة في ابواب عقائديةو تفسيرية في علوم دينية قاعدة ينفتح منها قواعد .

 


[1] سورة التوبة، الآية 60.. إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكينِ وَ الْعامِلينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمينَ وَ في‌ سَبيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَليمٌ حَكيم‌
[2] سورة الحشر، الآية 7.