الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/10/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ملكية العناوين في الفقه

كنا في بحث بيت المال ولو بحث الاخوة حول هذا العنوان في الموسوعات الاكترونية فيحصون كلمات الاعلام اكثر فأكثر اما عنوان بيت المال العام او بيت المال المسلمين . هذا كيف تصوره كباب فقهي او قاعدة فقهية وليست مسألة فقهية وهذا فصل او باب من النظام المالي العام في التشريعات الدينية فما هو بيت المال؟ من ثم نضطر الى افراز بعض المفردات لانه بحث حساس و مر بنا ان من مواليد هذا البحث و تداعياته هذه القاعدة المعروفة وهي ان الدولة مالكة ام ليست بمالكة حتى بحث فدك و موقف الصديقة عليها السلام من موقف السقيفة كيف نميز بينهما . وله مواليد و تداعيات كثيرة ومر بنا انه ليس من الضروري ان الانسان ينحبس بتبويب الاعلام في المدونات الفقهية بل يمكنه ان ياخذ بتبويب القانون العصري لكن يجب الادلة و الاقوال لدى الفقه التقليدي بيقظة و تنبه بموازات الترجمانية بين الابحاث اختلاف التبويب يجب ان لا يغفلنا عن الوقوف و الوصول الى المبحث نفسه في تبويب الفقه التقليدي و هلم جرا. كما انه ربما التبويب الفقهي تشاهده المذاهب الاسالمية الاخرى غير التبويب في مذهب الامامية لكن الباحث لا يصده هذا عن الوصول الى الابحاث المتوازية بين التدوينات الفقهية المختلفة سواء كانت بلغة الفقه الشرعي في المذاهب المختلفة او في القانون الوضعي الحديثي فان الابحاث هي هي. تتناول موضوعات و بيئات واحدة و انما اختلف تبويبها .

نعم في الابحاث الحديثة يبحثون عن الخزينة الوطنية و عن البنك المركزي و احتياطية الدولة و ميزانيتها يعني المال العام بيئاته متعددة في نظام الدولة . و عندهم تقسيم اجمالي ان مال الشعب و الامة ومال الدولة فما هو مقصودهم من هذا التقسيم سياتي البحث فيه. فالمقصود ان المبحث موجود في القانون الوضعي لكن يحتاج الى بحث و تامل و متابعة. فمبحث بيت المال العام او بيت مال المسلمين مبحث مهم.

احاول ان اذكر فهرست ملخص مختضم و البسط الاخوان هم يستطيعون ان يتابعوه عبر سلسلة هذا البحث الذي سنذكره . ولا اريد ان اقول انه يتم كل المبحث في الفهرست لكن اجمالا هو هذا.

هذا المبحث فيه عدة عناوين او عدة خطوات او مراحل لان الشيخ الانصاري ره بعد هذا المبحث اربع مسائل مرتبطة بالنظام السياسي سواء النظام السياسي الشرعي او النظام السياسي الوضعي البشري بحثها الشيخ في مسالتين التين في مثابة البابين و يبحث ايضا النظام المالي خلال المسالتين او قل البابين او القاعدتين . فبحث بيت المال لها ارتباط وطيد الصلة بالنظام السياسي العام سواء شرعي او وضعي وكذا النظام المالي العام وضعي بشري او شرعي سماوي

فمفردة بيت المال حجر اساس في المال العام و التعامل مع المال العام لان الدولة بالتالي مال عام وحركة المال معها سواء عبر البنوك او المؤسسات الدولة التعامل المالي نوع من التعاطي مع حركة المال العام فبالتاي مرتبط بيت المال العام او بيت مال المسلمين لانه الحجر الاساس و المال الذي لدى حوزة الدولة فما هو طبيعته وحكمه؟

هذا المبحث بيت المال او بيت مال العام او بيت مال المسلمين فيه عدة خطوات او مراحل

الخطوة الاولى او المرحلة الاولى هي ان هذا العنوان عنوان ام جهة او اي شيء؟

اثنين هل عنوان الجهة يملك او لا يملك

ثلاثة الادلة الواردة في القرآن او في الروايات على هذا العنوان و ملكيته و مالكيته و تقسيماته

الخطوة الرابعة صلة الدولة سواء سماوية شرعية او الوضعية البشرية صلتها بهذا العنوان يعني نستيطيع ان نقول اربع خطوات اساسية في هذا البحث .

بعد خطوات الاربع ياتين البابين الماليين الذين ذكرهما الشيخ الانصاري ره من مواليد هذا البحث و كما مر بنا لم يذكر الشيخ بابين بل ذكر ربما ست مسائل او قواعد فهذا البحث له تداعيات و تواليات

فالخطوة الاولى او المرحلة الاولى: العنوان يملك ام لا؟ الجهة تملك ام لا؟ بيت المال عنوان ام لا؟ هذا المبحث ربما تخيل عدة من الاجلة او كثير من الفضلاء ان هذا العنوان محل نزاع بين الفقهاء او المذاهب و الصحيح انه ليس محل نزاع بل العنوان و الجهة تصورا قابل لان يكون مالكا يمكل اشياء اخرى كما لو قلنا المسجد و املاك المسجد فعنوان المسجد ليس المراد جدران المسجد بل نفس عنوان المسجد كعنوان اعتباري فانه يملك الفرش و عمارة تجارة به محيطة به او غير محيطة به و كذا عنوان المدرسة او عنوان المستشفى او عنوان الشركة او المؤسسة فالعنوان يملك و العناوين على ضروب و انواع كثيرة مثلا عنوان الفقراء فان الاموال التي تخصص للفقراء توزع بينهم تملك سواء في الزكاة او غيرها فان الاموال قبل ان تملك يقولون هي ملك للعنوان اي عنوان الفقراء و التملك الجزئي لاحاد الفقراء عبارة عن انطباق مصداقي للعنوان السيال و هو عنوان الفقراء لا انه عنوان مشير محض لنفس الفقراء و ليس عنوان الفقراء فضفاض تلسكوب ناور فقط لرؤية الفقراء وانه عنوان مشير و ليس عنوان و كيان قائم بنفسه كما هو القول الثاني في المسالة بل عنوان الفقراء نفسه له كيان اعتباري نعم ينطبق على هذ الفقير و ذاك الفقير و هلم جرا.

فالمالك هو العنوان و لا ينافي ملكية حاد الفقرا ء وهو بحث حساس في الخمس و الزكاة و هو بحث حساس لان السيد اليزدي و السيد ابا الحسن الاصفهاني ايضا يذكرون عنه انه كان يستقرض في ذمة الفقراء بعد ذلك اذا حصل وجوه مصرفه الفقراء يسدده من ذلك . وكذا عنوان الطلبة يستقرض لهم لا انه يستقرض على نفسه بل هو ولي في التصرف كولي الوقف يستقرض على ذمة عنوان الحوزة العلمية او عنوان الجامعة الاكاديمية او عنوان الفقراء او عنوان طلبة العلوم الدينية او عنوان السادة زادهم الله شرفا لان سهم نصف الخمس ملكا لهم بولاية الامام المعصوم عله السلام فعنوان السادة يملك يمكن استقراض على عنوان السادة و سد حوائجهم الى ان ياتي خمس لاحق فيصرف الخمس قبل ان ياتي الخمس يستقرض على الخمس وهل هذا التصوير صحيح ام لا؟ فانه يرجع الى هذا المطلب وهو ان العناوين لا تقتصر على عنوان المسجد او الجامعة او المؤسسة او ..بل العناوين هي باب وسيعو يمكن لهذا العنوان ان يملك وله ذمة ويكون دائن و يكون مديون و يكون مستثمر والى غير ذلك كعنوان الواتيكان فانه المركز الديني للكاثوليكية فانه يملك او نفس عنوان المرجعية فان كثير من المراجع كالسيد ابي الحسن او السيد اليزدي اذا كانت ديون المرجع السابق لاجل تحمل مسؤليات الصرف المالي للحوزة من التبليغ و الشهرية كما ينقل في احوال الشيخ عبد الكريم الحائري ره فانه كان غالا يستقرض لا انه يستقرض في ذمته فانه لا يستطع على ذلك بل يستقرض على ذمة الحوز للشهرية و ...

ثم بعد ذلك لما كانت تأته من الاموال يسددها فياتي المرجع بعده فيسدد الديون المقام لان نفس مقام المرجعية او الحوزة هو بنفسه عنوان مالك او قل انه عنوان اعتباري له ذمة و له دائنية و له مالكية و حقوق و هلم جرا اصل تلك الفكرة موجودة في قانون الوضعي كعنوان الخريجين او عنوان المؤظفين او .. مخصصات لها العنوان من خزينة الدولة للمتفوقين او النجميين فالعنوان لا يختصر على العناوين الجامدة بل ياخذ العنوان ضروبا مختلفة هذا من جهة العرف و العقلاء فاصل وجود هذا العنوان عقلائيا من جهة عرف العلاء لا كلام فيه مثلا من ضمن الفتاوى للسيد الحكيم ره و وافقه السيد الخويي ره في المنهاج بعد ما كتب المنهاج قال الاموال التي تجمع للعزاء او المواكب او لموكب معين فان الاموال لم تصل الى المتولي مراسب خدمية العزاء او الماتم الحسينية وانما جمع هذا في مسجد معين فهل هذه الاموال خرجت من اموال اصحابها او انها لم تخرج الى ان يقبض متولي الموكب او انها لازالت في ملكية اصحابها و الثمرة واضحة فيما اذا مرت عليها سنة او يسترجعها المتبرع اذا لم تخرج عن ملكيته و لازالت على ملك اصحابها فبالتالي يستطيع ان يسترجعها فاذا بني على انها خرجت وان لم تصل الى متولي الحسينية او متولي العتبة فبمجرد جمعها من شخص حسبة تخرج من ملكه و السيد الحكيم ره افتى بهانها تخرج ووافقه لسيد الخويي وتبعه تلامذته على ذلك في باب الصدقات او الوقف لان العنوان هو المالك وهو الموكب و هنا حسبة يتولي الجامع الاموال وهو حينما يقبض الجامع التبرعات يتم الاقباض لانها لا تلزم و لا تصح الا بالقبض وهذا نوع قبض فلا يصح ان يسترجعها .

هذا البحث مبتني على ملكية العنوان فملكية العنوان ليس منحصر على الحسينية المبنية بل نفس العنوان يملك فمن جهة الملكية لا كلام في ملكية العنوان ايا ما كان العنوان كعرف عقلائي سواء كان العنوان عنوان الفقراء او الطلاب او الطيارين او المجاهدين او الشهداء او مساجد او حسينيات او شركات معينة فاي عنوان قابل للتصوير يات فيه البحث فملكية العنوان ليس لها مؤنة .

هذا العنوان عند العقلاء و العرف قد يكون له مراتب طولية مثلا الشركات الموجودة الان فان عنوان الشركة العملاقة هي مالك فان هذا العنوان مملوك لملاك وراءه وهم اصحاب الاسهم الذين يملكون هذه الشركة فترامي المالكية و الملكية الى اصحاب الاسهم هي نفس الشركة تملك شركات او تملك عقارات او استثمارات فمالك وراء مالك و ملكية وراء ملكية وهذا يحصل في كثير من العناوين الاعتبارية اما المسجد هو يملك ولا يملك وراءه شيئا و كذا المستشفى فالعناوين تتخذ ضروب مختلفة فان الشركات العملاقة من اين اتى نظام ادارتها كيف تم تصوير ادارتها و التعاطي و التعاقد بين العنوان غير شاعر كمسجد، شركة، مستشفى، عنوان الفقراء، كيف يتم التعاطي بين العنوان و الاخرين؟

عرفا عقلاء يتم التعاطي مع المتولي لهذا العنوان لا على ان العقد يتم لشخص هذا المتولي وانما يتم للعنوان لكنه ولي كأن العنوان قاصر من القصر ووليه المتولي المسجد ليس له لسان ينطق شبيه المصحف حيث ارادوا ان يحتجوا به فقال امير المؤمنين عليه السلام انا القرآن الناطق فان المصحف يتنطق وليس هو بناطق . طبعا المصحف اذا كان كل القرآن . طبعا كل القرآن هو المنزل هذا امر آخر ولكن كل حقائق منازل القرآن ليس هو المصحف بل الروح الامري الغيبي هو حقيقة المصحف .

فهذه العناوين بما انها ليست حية شاعرة كيف يتم التعامل معها؟ يتم مع متولي العنوان الان المتولي شرعي او غير شرعي ها بحث آخر. كلامنا في رسم الصورة عقلائيا و عرفيا . فهذه الشركة القابضة العملاقة اصحاب الاسهم ليس لهم حل ولا ربط وانما يبيع و يتشري فقط.

من الذي يتخذ القرارات هه الشركة؟ مجلس ادارة الشركة .

مجلس ادارة الشركة من عينه وكيف عين؟ تعينه شرعي ام غير شرعي ملزم شرعا و قانونا ام لا؟ فهذه جملة من البحوث له تصوير تخريج تام و لها ضوابط . فعالم الشركات او عالم العناوين اذا اراد احد ان يخوض فيها و الاسألة التي تثار حولها يجب الالتفات الى هذه الابحاث والعناوين لانها عبارة عن مشاركة مشروطة وان يكون مثلا ولي هذا العنوان من يمتلك اربعين بالمأة من سهم هذه الشركة او خمسين بالمأة ولها سلسلة ولايات هذه الشركة ضمن قوانين و مقررات و ضوابط اشترطت في استحداث هذه الشراكة المالية هذا لا مانع منه فان الشروط نافذة الا شرطا خالف الكتاب والسنة و هكذا تتولد الولايات و الشروط .

ففي العناوين اصل العنوان يجب الالتفات اليه وكا ما وراء العنوان او ما يمتلك من العناوين الطولية ايضا لابد من الالتفات اليه و كذا ولي هذا العنوان وانه كيف يتصرف لابد من الالتفات اليه هنا اربع حيثيات في العنوان يجب الالفات اليها .

زاوية اخرى لازلنا في المرحلة الاولى هذه العنوانين هل الاصل ان الشارع انه امضاها ؟ طبعا انه امضاها ففي موارد عديدة كملكية المسجد و ملكية الاراضي المملوكة لعنوان المسلمين و هناكك موارد منصوصة اقر الشارع ملكية العنوان و بغض النظر عن الموارد الخاصة في ملكية العنوان لان اصل الملكية قابلة للتصوير انها عرفية عقلائية وان الردع لابد ان يتم من الشارع والا نفس الادلة العامة امضاء لعناوين المعاولات .

هنا نقطة اخرى: نعم لو كانت العناوي محرمة كعنوان ملكية المثليين فان الشارع لا يحترمه او عنوان الزانيا او نادي الزناة او نادي البغاة او نادي الماسونية او الصهيونية او الصلبية فان الشارع لا يعترف بها فان ماهيتها و اساس فعاليتها و انشطتها كلها حرام و يردع عنها الشارع و كذذا القومية العنصرية نعم لو كانت بحدود يعترف بها الشارع اما اا كانت بلا حدود لا يعترف بها فلا ينفيها مطلقا و لا يفلت الزمام بيدها و اتخذوا بين ذلك ﴿وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‌ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُورا﴾[1] . ﴿وَ الَّذينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواما﴾[2] يعني بحدودها صحيح لا الافراط في نفيها ولا الافراط في لانها منظم تكويني ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‌ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبير﴾[3] العناوين المختلفة اي منها شرعي و اي منها غير شرعي فلازم ان نبحث حدود الشرعية عند الشارع كالوطن بلحاظ الجغرافية هل ينفيه مطلقا ؟ لا. هل يثبته مطلقا؟ لا. باي حدود؟ ما الذي يعتبره الشارع ؟ هل هو منظم ؟ نعم. فهذه بحوث مهمة ولو بحوث في فلسفة الفكر لكنها مرتبطة بمشروعية ملكية العناوين . البحث في المباحث المستجدة و مفيد جدا و يجب متابعته.

 


[1] سورة الاسراء، الآية 29.
[2] سورة الفرقان، الآية 67.
[3] سورة الحجرات، الآية 13.