الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/10/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحيثيات المتعددة في الفصل الواحد كمتعلق الاحكام.

كان الكلام في الاجرة على الواجبات . مطلب صناعي جيد يعتمد عليه الاعلام منهم السيد الخويي ره وهو ان التبدل و التغير و صيرورة حكم الفعل بالعناوين و الملابسات الطارئة لا يغير هوية الحكم عما هو عليه وان روعيت الهويات الطارئة هذا بحث صناعي في ابواب عديدة لا يختص بالمقام .

فلو كان شيئا مستحبا و اصبح واجبا بحيثية معينة وقالب معين لتوقف واجب عليه صحيح انه الان يقال انه واجب لكن هويته وهي الاستحباب باقية على حالها كتشريع باقية على حالها وان كانت الهوية الطارئة واجبة .

مثال آخر: اذا كان هناك واجبا كفائيا و لسبب انحصاره في الانسان تبدل الى العيني صحيح انه يتبدل الى عيني لكن هذا لا يعني ان الاحكام الكفائية ترتفع مطلقا و الاحكام العينية تتقرر مطلقا سواء احكام فقهية او اصولية -اي اصول فقه- بل تبقى الهوية الكفائية على حالها و تقرر آثارالوجوب الاخر و يقلب الى الهوية العينية الطارئة فكلا الهويتين موجودتين هوية طارئة و الهوية الاصلية على حالها.

لذلك مر بنا في بحث الاصول من فتاوى السيد الخويي ره الشعائر الحسينية المستحدثة لا يشكل في مشروعيته ولكن يرفض السيد الخويي ره انها مشرعة بالخصوص بل يقول بالخصوص هي مباحة ولا يلتزم من جهة هويتها الخاصة بانها مشروعة بل هي مباحة . واما رجحان يسند الى الهوية الفردية – على مبنى السيد الخويي ره ولا اريد ان اقول نحن نوافقه- فلا بل تيقى هوية مباحة هذا في كثير من فتاواه في بعض مصاديق الشعائر الحسينية لا يحرمها بل يفتح المجال امامها لكن رجحان تشريعي خاص لهويتها الفردية يقول لا التزم بذلك لعدم وجود نص –حسب رؤيته- لكن نفس السيد الخويي ره مشهورة عندما يسائل ضمن استفتاء بالفارسية -ومصدر هذه الفتوى في كتاب مطبوع لاحد الفضلاء جمع فيه فتاوى لعلماء الاعلم واحد المراجع السيد الخويي وهو كتاب قيم باعتبار انه يلم بمجموع الفتاوى حول شعائر الحسينية ست او سبع مجلد فيه فتاوى مطعمة بالادلة لعديد من المراجع جمعه احد الفضلاء من السادة وهو من كاشان او كربلاء وهو الان كبير السن وكان هو يذهب مباشرة و يسأل من الاعلام لكونه التقى بمراجع كبار الذين عندهم استفتاء من النسخ الخطية للفتاوى و لو يترجم شيء جيد والذي جمع رسائل في الشعائر الحسينية من المناسب ان يستفاد من هذا الكتاب لانه مطعم بالادلة و الفتاوى في الشعائر الحسينية و اين العتبة الحسينية من هذا الجهد الله اعلم. مع انه من المصادر المهمة في الشعائر الحسينية -.

المهم ان السيد الخويي ره عنده جواب على استفتاء يساله ان جملة من الشعائر المستجدة تقع فيها بعض المخالفات الشرعية .. فاجاب السيد الخويي ره يقول حذاري ان يفرط في الشعائر الحسينية وانما تفلتر بالتدريج عن المخالفات لا انه يفرط فيها ثم يقول لان الشعائر الحسينية من اركان الدين بها قيام الدين الى يوم الدين و يستدل باربعة وجوه على ان الشعائر الحسينية ليست فقط من الواجبات الدينية التي يعاقب على تركها بل من الواجبات الركنية في الدين كالصلاة حيث ان اصل وجوبها من اركان الدين و كذا الصوم . فالسيد الخويي ره بفتواه هذه الموجودة استطيع ان ارسلها لاي احد من الاخوة يقول ان الشعائر الحسينية من اركان الدين و التفريط بها زعزعة للدين و يستدل بها باربعة او خمسة وجوه . فهل هذه الجنبة من السيد الخويي ره تناقض ام لا؟ يريد السيد الخويي ره ان يقول ان الهوية الفردية لها شأن و الهوية النوعية لها شأن و فرد آخر .

طبعا هذه الفتوى التي افتى بها السيد الخوي ره لا ينفرد بها بل السيد اليزدي ره ايضا استفتي عنده كتاب الفتاوى بالطبعة الحجرية و للاسف الى الان لم يطبع حروفيا فتاوى بالفارسية هناك سوال بصيغة اخرى لكن الجواب بنفس المضمون الجواب السيد لخويي ره الميرزا القمي ايضا في جامع الشتات ايضا استفتي بنفس المضمون و اجاب بنفس المضمون و هذه ثلاثة من الاعلام الكبار و رابعهم السيد ابو الحسن الاصفهاني ره في كتاب للميرجهاني باللغة الفارسية و المفروض على العتبة الحسينية و المهتمون بالشعائر الحسينية ان يهتمون بهذا التراث للحوزات العلمية الرابع السيد ابي الحسن الاصفهاني ساله قصبة من القصبات البعيدة النائية –سابقا يسمون النواحي قصبات –ان ممارستهم للشعائر الحسينية على الموسيقة فقط وماعندهم غيرها . فمع انها حرام فهل نترك الشعائر الحسنية في هذا العام فقال لهم: لا. حاولوا ان تبدلوا هذه الشعيرة من هذه الالية الى الالية المحللة تدريجا من دون ان تتركوا الشعائر الحسينية . فاربع من الاعلام فتواهم هكذا و المبرر لفتوى ابي الحسن الاصفهاني وغيره ان طبيعي الشعائر الحسينية لا يمكن تركها الان تخللت بالمصداق الحرام بدله ولو بالتدريج لكن لا تفرط بالطبيعي .

النقطة المهمة هي انه اذا راينا ان احد الاعلام افتى حول الهوية الفردية لا نظن انها عين الهوية النوعية او ينفي الهوية النوعية او ماهية الجنس الماهوية وانما هو نار الى الهوية الفردية. فاذا كان في البين تقرر هويات متعددة كل هوية تاخذ حكمها.

مثال آخر: افتى به جميع الفقهاء، الصلاة الفريضة الادائية المعادة كما لو صليت الظهر منفردا ثم رايت الجماعة قد اقيمت فانه يستحب لك اعادة صلاة الظهر او صليت مع جماعة و اقيمت جماعة اخرى ولعلها فيها خشوع اكثر فقد ورد ان الله يختار احبهما اليه . وصار جدل بين الاعلام الشهيد الاول في الروضة و الشهيد الثاني في اللمعة وانه هل ينوي الاستحباب او ينوي الوجوب اذا نوى الوجوب فهو ادى الصلاة فكيف ينوي الوجوب الم يفتوا باستحباب الاعادة؟ فكيف يكون واجبا؟ واذا نوى الاستحباب فهي ليست من النوافل؟ فهي مترقصة بين الوجوب والاستحباب او لا وجوب و لا استحباب ام ماذا؟ حلحلة هذه الحزورة الصناعية العليمية بماذا؟ نقول الهوية الطبيعية للصلاة فريضة وليست من النوافل فينويها فريضة الظهر كطبيعة والاستحباب منصب على الهوية الفردية و ان هذا الفرد في هذا الزمان و هذه الخصوصية مستحب .

فالاستحباب متتلبس بالهوية الفردية و اما الهوية الطبيعية لازالت فريضة ولم تتبدل الى النوافل اليومية او ير اليومية فمن ثمن بلحاظ الطبيعة ينويها فريضة الظهر ومن جهة الهوية الفردية هي مستحب ولا تنافي بينهما حيثيتان مختلفتان ومن ثم وجه سوال مرارا ان الشهادة الثالثة في الصلاة و داخل الصلاة ذهب الى وجوبها تخييرا صاحب الجواهر في الجواهر جزما اولا جزم بالاستحباب في كتاب الصلاة في باب التشهد الصلاة فلما دخل الى مبحث التسليم قال ان الذي قلته في الشهادة الثالثة في التشهد هذا خطا الصحيح انه واجب تخييري و ليس الاقل واجب و الاكثر مستحب بل هذا تخيير بين الاكثر الواجب و الاقل الواجب هذا مبنى صاحب الجواهر و ليس كلامنا في صاحب الجواهر و لا في شيخ موسى كاشف الغطاء الذي جزم بالاستحباب و معاصر لصاحب الجواهر و استاذ صاحب الجواهر ولا كلامنا مع النراقي الابن فانه في مستند الشيعة وهو ايضا معاصر معه وهؤلاء الاعلام متعاصرون كلهم جزموا بالاستحباب و استاذهم صاحب الحدائق جزم بالاستحباب جملة من الاعلام جزموا وافتوا بالاستحباب بل صاحب الجواهر افتى بوجوب الاستحباب .

المهم وجه الينا السوال بانه واجب او مستحب فذكرت انها اي الشهادة الثالثة في الصلاة واجبة و مستحبة . لانه من جهة ان كل العبادات مشروطة صحتها بالولاية وهذا متفق عليه بين جل او كل الاعلام و ان العبادات يشترط فيها شرطا للصحة الولاية–هذه قاعدة صلاتية عبادية وضعية لا ترديد فيها ولست اختص بالبناء عليها بل عليها جل العلماء الامامية ضم اليها قاعدة اخرى وهي- الولاية لا تتحقق بمجرد الاعتقاد في الجنان بل يجب ان يكون قول باللسان يعني تنطق بالشهادة الثالثة فقول لا اله الا الله ولو مرة في العمر تحقيقا للولاية شرط في صحة جميع العبادات فمن هذه الجهة وجوب و ليس استحباب وهذا الواجب كصلاة الظهر لو اردت ان تكرره داخل كل صلاة او خارجها تكرره من جهة هويته الفردية مستحب لكن من جهة هويته الطبيعة العامة النوعية واجب و ليس مستحب فمن جهة الهوية النوعية شرط كل الواجبات مشروطة بطبيعي الولاية ومعنى ذلك انه واجب وهذا الواجب صناعي الوضعي ليس تكلف و لا هلوسة ولا عواطف صناعة علمية فقهية مرصرصة ومن جهة اخرى الهوية الفردية لها طبعا الوجوه للشهادة الثالثة اربع او خمسة وجوه هذا احداها.

وجه آخر فيها هو انه يحتمل الروايات التي لم تذكر الشهادة الثالثة في قبال روايات كثيرة التي شرحت هوية الشهادة لان التشهد حقيقة شرعية واحدة في كل الابواب ذكرنا ذلك في علم الاصول وها التشهد الذي هو هوية حقيقة شرعية واحدة و بنوا على ان الحقيقة الشرعية ليست متعددة في كل الحقائق الشريعية و التعدد يحتاج الى دليل . حقيقة التشهد الذي بينها الشارع في عشرات الزيارات او عشرات الادعية بين ان الشهادة الثالة من التشهد في الحقيقة الشرعية فاذا كان ضمنها فعدم ذكره بالخصوص على تقدير عدم كره في الصلاة لا يبعد ان يكون للتقية بل هناك تعريض بالشهادة الثالثة في الروايات الخاصة بالصلاة قال ما ذا اقول في الصلاة قال قل احسن ما علمت وما هو احسن ما علم ؟ اليس هو المعتقد ؟

الصلاة كلها هوية اعتقادية اقوال الصلاة كلها منشور اعتقادية انشودة اعتقادية فان الصلاة من بدايتها الى آخرها كلها اعتقاداتفلا تجد كلمة واحدة في الصلاة بعيدة عن العقيدة الصلاة كلها اقوالها الواجبة او اقالها المستحبة كلها عقائدية فلما يقول قل احسن ما علمت اي بالاعتقادات و بضرورة المذهب احسن ما علم الانسان من الاعتقادات ليس المعاد و لا جبرئيل و لا القبر و لو ذكر بالخصوص وانما هي ولاية امير المؤمنين عليه السلام فعدم ذكر ذلك لا يبعد ان يكون للتقية ضم الى ذلك سيرة الامامية في الغيبة الصغرى سيرة عوام و عموم علماء الامامية في الغيبة الصغرى عندنا هناك شواهد على انها كانت على الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة و السيرة موجودة و لها شواهد قوية جدا .

و كذا سيرة الصحابة الشيعة و الموالين لعلي عليه السلام في مصادر وليست مصادر مجهولة بل كتب موجودة الان ربما اكثر من عشرة كتب من مصادر قديمة لاهل السنة ذكرها صاحب الجواهر في ترجمة كدير الضبي رضوان الله عليه و يقال هو آخر من بقي من صحابة النبي صلى الله عليه واله فانه احتفى به ثير من التابعين يروون عنه يقول دخلوا عليه – وهذا موجود في ترجمته في كتب العامة في الذهبي[1] و ابن الحجر[2] و غيرهما من الكتب الجرح و التعديل كلها ذكرت ترجمته و ذكروا في ترجمته بان التابعين ذهبوا ليروا عنه فوجدوه يذكر في تشهد الصلاة و داخل الصلاة يذكر الشهادة الثالثة فعزفوا عنه و رموه بالرفض مع انه صحابي من صحابة النبي صلى الله عليه واله و ياتي بالتشهد و اجمع اهل السنة ان سيرته هكذا وهذه السرة تلقاه من نفسه؟ ابتدعها من نفسه وحاشاه او تلقهاها من النبي ؟و هذا غير ما ينقل بان سلمان او ابوذر اذن بل هذا داخل الصلاة و كبدها وانه صحابي و كل اهل السنة اتفقوا على انه ياتي بالشهادة الثالثة سيرة قطعية من هذا الصحابي فاذا ضممت هذه القواعد و الشواهد ترى ان من الاحتياط الوجوبي او من احتياط الراجح ان لا تترك الشهادة في تشعد الصلاة مع هذا السير الرفيع في بيان الحقيقة الشهادة الثالثة. واستشهد به صاحب الجواهر في نفس مبحث الشهادة الثالثة و العقيلي[3] ابن حبان و العصابة ايضا ذكروا ذلك هذا وجه ثاني للوجوب.

الوجه الثالث : ما ذكره السيد المحسن الحكيم ره وان هذا شعيرة من الشعائر كيف تترك. وهناك وجوه اخرى ربما تصل الى خمسة وجوه للاحتياط .

فاذن الشهادة الثالثة من جهة تقول انها مستحب هذا صحيح لانها من جهة الهوية الفردية ومن جهة الهوية النوعية واجبة. وهذا غير صحيحة الحلبي رواها الصدوق و الشيخ الطوسي في التهذيب التي فيها يسال السائل ااذكر اسماء الائمة في الصلاة قال نعم اجملهم اي التشهد بولايتهم ليس المراد الدعا لهم والا فهو يشمل زيد و عمرو يذكر اسمائهما.

هذه الوجوه الوجوب لا تنافي الفردية للاستحباب و من ثم تقول الاستحباب و احتياط و جوبي و هذا مبحث مهم ذكره السيد الخويي ره فقد يكون الشيء من جهة الهوية النوعية واجبا و من جهة الهوية الفردية يكون مستحبا فاذا راينا فقيه من الفقهاء يفتي بالاستحباب فلا نسرع و لا نظن انه ينفي الوجوب بقول مطلق و لا اذا راينا انه اثبت الوجوب انه ينفي الاستحباب لان الحيثيات متعددة . وهذه نقطة مهمة. ولازلنا في الاجرة على الواجبات فيها زوايا صناعية عديدة يجب الالتفات اليها ان شالله. وصلى الله على محمد واله الطاهرين .


[1] ميزان الاعتدال، الذهبي، شمس الدين، ج3، ص411 .. عن سماك بن سلمة، قال : دخلت على كدير الضبي أعوده، فقالت لي امرأته : ادن منه، فإنه يصلى، فسمعته يقول في الصلاة : سلامعلى النبي والوصي . فقلت : لا والله لا يراني الله عائدا إليك
[2] الاصابة ج5ص431. لسان الميزان ج4ص486.
[3] ضعفاء العقيلي ج4 ص14 رقم .1568. كدير الضبي كان من الشيعة حدثنا محمد بن عيسى حدثنا محمد بن علي يقال له حمدان الوراق ثقة حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا جرير عن مغيرة عن سماك بن سلمة قال دخلت على كدير الضبي أعوده بعد الغداة فقالت لي امرأته ادن منه فإنه يصلي حتى يتوكأ عليك فذهبت ليعتمد علي فسمعته وهو يقول في الصلاة سلام على النبي صلى الله عليه وسلم والوصي فقلت لا والله يا فلان لا يراني الله عائدا إليك بعد يومي هذا