الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

43/10/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الوجوب و الملكية الولائية و الفردية

كان الكلام في ان صفة الوجوب هل تنافي الأجر ام لا؟ فهل ايجاب الله عزوجل فعلا في ذمة المكلف هل يعني سلب ملكية الفعل عن المكلف اذا اوجب الله على المكلف فعلا من الافعال و له منفعة هل هذا يعني ان ملكية الفعل سلبت من المكلف و جعلت و قررت هذه الملكية الاعتبارية للباري تعالى ام لا؟

لا باس اضرب مثالا جدلي علمي عند الاعلام اذكره: في موارد اوجب الله على المكلف فعلا من الافعال نفعه لمكلف آخر مثل اوجب الله على المكلف نفقة عموديه ان كانوا فقراء او اولاده اذا كانوا فقراء و الفقهاء التزموا بان هذا الايجاب يختلف عن ايجاب النفقة على الانسان لزوجته ايجاب النفقة على الانسان لزوجته ملكية لزوجته و مديونية للزوجة على الزوج واما ايجاب النفقة على اولاده الفقراء او تجاه عموديه او والديه ان كانوا فقراء ليس ملكا لهم بل مجرد تكليفي محض . هكذا قيل مع ان نفع الفعل للاقارب من العمودين. فمع ان الله عزوجل اوجب النفقة للعمودين الا ان ذلك لا يعني ان النفقة ملكا لهم و لم يسلب المال عن صاحب المال. مع ان في الزوجة ليس كذلك. وهذا فيه خلاف بين الاعلام و مورد جدل مع انهم اتفقوا بان نفقة الاقارب كالوالدين لا يملكون النفقة الا انهم اختلفوا في ان وجوب النفقة وجوب تكليفي محض او فيه شائبة الحق الوضعي يعني للاب او الام او الجد ان يرفعوا شكوى للحاكم ان يلزم الابن بذلك وهذا مما يعني ان لهما الاستحقاق والا ماكان لهم ان يرفعوا الشكوى . صحيح انه ليس ملكا لهم لكن لهم نوع استحقاق . فاذن ايجاب الفعل مما يرجع نفعه للغير لكنه ايجاب فيه شائبة وضع .

نرجع ان ايجاب الفعل لله هل هو ملكية لله اعتبارية او سلب لمكلية المكلف ام لا؟ مثلاالسيد الخويي ره اجاب بجواب فقال ملكية الله سواء التكوينية او غيرها في الاانها لا تنافي الملكية الخاصة الفردية للمكلف لانها طولية و المقصود من الطولية يعني مهيمنة اي قيمومة لله ﴿النَّبِيُّ أَوْلى‌ بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِم﴾[1] ‌هل هذه القاعدة العظيم النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم او اولى الارحام من ال النبي لهم ما للنبي دون ازواجهم و دون المهاجرين الانصار هل هذه الاولوية التي سيد الانبياء رفعت الملكية الفردية؟ لم ترفعها بل هي على حالها اذن وجود الملكية الطولية لله و للرسول و لذوي القربى لا يتنافى و لايتضادد مع الملكية للمكلف هذا محصل كلام السيد الخويي لرد كلام شيخ جعف كاشف الغطاء ره.

كلام السيد الخويي ره متين لكن هل يعالج الاشكال ام لا؟ الملكية الاعتبارية النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم سواء فسرت بالملكية التكوينية او الاعتبارية ايا ما كان هو اولى بالمؤمنين من انفسهم فضلا عن الله عزوجل.

هنا السيد الخويي يقول الملكية الطولية سواء كانت تكوينية او اعتبارية فانها لا تزيل و لا تعدم و لا تبيدالملكية الفردية في نفسه كلام متين الا انه ليس بكامل لان كونها طولية صحيح لكن لا يعني انه بدون اذن تتواجد الملكية الفردية .

بيان ذلك: مثلا الاراضي الموات فانها ولي الامر الله و رسوله و ال الرسول جعلوا الاحياء و السبق و الحيازة سببا للملكية عندما تتواجد المكلية الفرديةهل تتنافى مع ولاية الله ؟ السيد الخويي ره يقول لا تتنافى ملكية فردية موجودة و ملكية الولاية لله و الرسول و لذي القربى موجودة فلا تنافي بينهما صرف الملكية الولاية لله و للرسول لا ينافي المكلية الفردية هذا حاصل جواب السيد الخويي ره لرد كلام كاشف الغطاء .

الان لماذا نقول ان الجواب متين لكن ليس بتام لانه لو كانت الموات والانفال و الفيء لله فان الذي يجعل الملكية من هو ؟ هل هو الجانب التكويني وهو الاحياء او السبق او الحيازة؟ الراس مالية او الشيوعية يقولون الاحياء هو العمل من المحيي فعوض عن جهده الذي بذله يتملك الارض لكن نحن لا نقول به بل نقول ان الذي جعل الاحياء سببا للتملك هو ولي الامر الله او الرسول وذوي القربى و كذلك السبق و الحيازة ففي موارد وجود الملكية الولاية جعل المكلية الفردية الطولية غير ممتنع الا انه يحتاج الى جعل و سبب صرف الجانب التكويني لا يكفي فيها. كما في الثروات المباحة فانه من دون ان تجعل الدولة السشرعية الالهية هذه الاسباب مملكة لا تكون هذه الاسباب مملكة وهذا خلاف مدرسة الشيوعية اومدرسة الراسمالية او مدرسة الاشتراكية في الاقتصاد اقول ان السبب المملك هو الله و رسوله لان معنى الولاية هو ملك الدولة شبيه الدولة الوضعية تعطي قسائم او اراضي للمفين لشعبة الادارية فالدولة تملكهم لان الاراضي الموات ملك الدولة نعم جملة من الفقهاء استشكلوا في ذلك لانها سبب الفقر الكبير و هي اطروحة صحيحة فان الدولة العصرية هي من اكبر اسباب الفقر و الاحتكار لان حقيقة الدول الان عصابات محتكرة وهي اطروحة مطروحة قبل قرن او قرن و هي اطروحة جيدة فموافقة القانون ليس بواجب بل حرام .

ايا ماكان في المنطق الوضعي الدولة الوضعية كيف هي تملك ولو لا انها تملك لا اقل في القانون الوضعي او قل في الدولة الشرعية كيف تملك؟ فكون الاعتراض بان هناك ملكية ولائية في الوجوب ما الموجب لملكية الملكف في هذا الفرد صرف الجانب التكويني محل كلام ومحل تامل والا فالجانب التكويني حتى في الثروات المباحة هو سبب للملكية والحال انه ليس سبب للمكلية فاذن هذا الجواب يحتاج الى تكميل .

الشاهد على ذلك اي على ان الملكية الولاية لا تنافي الملكية الفردية لتكميل لكلام السيد الخويي ره ما نشاهده في الواجبات النظامية او الانتظامية يعني النظام الاجتماعي الذي عليه قوام البشر طبعا هو واجب شرعي لان ما وجب عقلا وجب شرعا وهذا النظام الاجتماعي الذي يقتضي وجوب توزعي للادوار اي قيام النظام الاجتماعي بتوزع الادوار فيحتاج الى اطباء و مهندسين ميكانيكين عمال و القرآن ايضا يشير الى ذلك رفعنا بعضكم على بعض ليس بيان هنا ليس لاجل استضعاف الطبقية و الفقر و الافقار بل نظام الاجتماع قائم على هذه الادورا و هذه نظرية ادارية عقلية وانه فيه توزع الادوار ادارة بتوزع الادوار و هذا موجود حتى في الجهاز الديني في العلوم الدينية وان هناك توزع ادوار سواء ادوار عليمية ادوار ادارية طبيعة الجهاز العلمي هو هكذا لا ان الطلبة كلهم على معيار واحد هذه ليست نظرية ادارية ناجحة قد يكون طالبا عنده مهارات في الادارة وليس له مهارة في العلم فهذاايضا يستفاد منه في جهاز العلم طالب عنده علاقات اجتماعية اختبوطية مهارة عنده والناس كمعادن الذهب و الفضة هذا ايضا يستفاد منه في الجهاز الديني لان الجهاز الديني ليس كله على لون واحد و هذه نظريات تطرح في ادارة الحوزات العلمية لنفس النقطة و هي توزع الادوار و الاليات و توزع الامور

ففي النظام الاجتماعي ايضا لابد من توزع الادوار و هذا التوزع يذكره الفقهاء في المكاسب المحرمة بانه واجب كفائي ومع انه كذلك لكن يتقاضى عليه الاجرة بل تغاضي الاجرة هو الحافظ لاقامة الانتظام الاجتماعي لا العكس وبهذا الشاهد و الشواهد الاخرى لا منافات بين ملكية الولائية النبي اولى بالمؤمنين فانها غاية الامر ملكية طولية وليست هي ملكية تعدم الاسباب الاولية التي قررها الشارع منها ملك العمل.

فالصحيح ان صرف ايجاب الشارع تكليفا محضا تارة شائبة اخرى في البين هذا بحث آخر لكن صرف تكليف المكلف بفعل لايعني سلب الملكية عن ذلك الفعل عن من اوجب عليه وبذلك تم مدعى السيد الخويي ره او غيره من الاعلام وان صرف الايجاب التعبدي و النظمي و الانتظامي من الاقسام التي مرت بنا لا يعدم الملكية للمكلف المشروط بالوجوب لا يعدم ملكيته و يمكن ان يتغاضى العوض عن هذا الواجب .

قبل ان ننتقل الى مطلب آخر اتم البحث سياتينا في الوجب ان تحمل الشهادة مشهور الفقهاء و لعله هو الصحيح ان تحمل الشهادة واجب كفائي شخص في الامور المالية و المعاوضية العلاقات الاسرية كالطلاق المشهور يذهبون ان تحمل الشهادة واجب كما اذا استدعاك احد للشهادة وان لم يكن واجب عيني لكن اذا انحصر ذلك فيك لئلا تضيع حقوق الافراد فهو واجب و اداء الشهادة اوجب ﴿وَ لا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَ مَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُه﴾[2] . ﴿وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا﴾[3] سياق الاية تحمل الشهادة و ليس الاداء فلسفة تحمل الشهادة فلسفة عظيمةوهي لئلا تضيع الحقوق سواء في الحوادث الشخصية او احكام الاسرة او المعاملة المالية لا ياب الشهداء اذا ما دعوا فهو واجب الا اننه من قال انه واجب مجاني فالطبابة ايضا واجبة الا انها غير مجانية لانه تحمل المسؤلية و النزاعات المتاخرة فانها واان كانت عينية وانه لا يجوز فيها ان يتخلف لكن من قال انها مجانية ؟ فانها واجبة لكن لم يوجب عليه الله الفعل مجانا لانه عمل محترم له مالية فالطبيب و المهندس يشخص القضية لكن من قال انه مجانا ؟

العمل محترم لا ابذله الا بشرط بناءا على ما نقحه السيد اخويي ره و هو الصحيح بان الوجوب ليس سلب للملكية ولا سلب للمالية ولا سلب لاحترام العمل خلافا لبعض العلماء حيث قرب بان الله اذا اوجب عملا على المكلف فلا حرمة لهذا العمل . وهذا اول الكلام فانه وان اوجب عليه لكن ليس معناه انه سلب احترامه و جهده وماليته فكلام المشهور غير تام فانه لا دليل على سلب المالية فالطبيب اذا وجب عليه عينا انقاذ المريض من قال انه يبذل عمله مجانا هل الله اوجب عليه العمل مجانا؟

نعم في الموارد التي يوجب الله تعالى ان يبذل المكلف الخدمة مجانا هذا الكلام صحيح مثل الانسان المتمول ينفق على اقاربه اي والديه مجانا لا بعوض ولا ان تغنيه بل يعطيه قوت لا يموت و سد الرمق فهذا الواجب مجانا اوجب الله عليه مجانا فالاجرة على الواجبات المجانية باطل فاذا اوجب الله فعلاعلى الملكف ان يبذله على المكلف خدمة للغير مجانا هنا سلب الله ملكية المالية عن المكلف الذي اوجب عليه هذا صحح يعني المانع الوحيد اذا ورد دليل عام او خاص على ان هذا النمط من الواجب يسلب ملكيته على من اوجب عليه من المكلف هذا صحيح اما اذا كان الشارع صرف الزم تكليفا ولم يوجب عليه مجانا المهم انك لازم ان تبذل هذا واجب عليك وذاك ايضا واجب عليه لانه يريد ان ينقذ حياته و حياة ابنه وانت ايضا واجب عليك ان تبذل فواجب بواجب يتلائمان انا واجب علي ان اتحمل الشهاد ة لك لكن الشهادة فيه مخاطرة اذا كان المشهور عليه شرير فانا اخاطر حياته فلا اقل انا لازم اقدر القضية فاعطيه مالا وكذا تادية الشهادة فيها مخاطرة بالنفس لان فيها نزاعات قيمتها كذا من المال فانه وان كان واجب عليه الا انه من قال انه واجب عليه مجانا .

خلاصة راي السيد الخويي ره هو هذا هو الصحيح و عليه كثير من الاعلام فبهذا المقدار من الوجوب سواء وجوب عبادي او توصلي ان لم يكن في فحوى مفاد الوجوب المجانية فليس سلب للمالية طبعا غير العرب شطار في هذا المجال يعني كونه واجبا لا يعني انه لا ياخذ المال. وللكلام تتمات .


[1] سورة الاحزاب، الآية 6.
[2] سورة البقرة، الآية 283.
[3] سورة البقرة، الآية 282.